رئيس حزب الوفد
د.عبد السند يمامة
رئيس مجلس الإدارة
د.أيمن محسب
رئيس التحرير
د. وجدى زين الدين
رئيس حزب الوفد
د.عبد السند يمامة
رئيس مجلس الإدارة
د.أيمن محسب
رئيس التحرير
د. وجدى زين الدين

رؤية

عندما تشتد المحن وتتعاظم الخطوب ويتعاقب حدوثها بشكل خطير ومريب ومقلق، يلوذ الناس بخالقهم طلبًا للعون والدعم الإلهى، وأى محن تلك التى يعيشها الوطن والمواطن أقسى مما نكابده فى أيامنا الحالية، والتى تمس فى الصميم حالة المصالحة بين الناس بعد أن فرقتهم كارثة تعاظم الفوارق الطبقية بشكل استفزازى باتت تنال من كرامة أهل الطبقات المسكينة، وتؤثر بشكل سلبى على أمن وأمان الناس والسلام الاجتماعى على أرض المحروسة، والتى تبتعد بهم عن حلم تحقيق الاندماج الوطنى والولاء والانتماء لمصالح الوطن العليا.

وعلى جانب آخر ما يعانيه الوطن والمواطن من تبعات ما حدث فى زمن حكم «إخوان الشر» عندما تم انتهاك حرمة حدود البلاد عبر جماعات التكفير والشر المستطير، فحدود الوطن مثلما استقبلت عناصر ورموزًا للتشدد الدينى، كانت جسرًا لتهريب الأسلحة.. أسلحة حرب وليست مجرد أسلحة استخدام فردى..

جاء على لسان د. كمال حبيب، المفكر والقيادى السابق بجماعة الإخوان المسلمين، عبر قناة دينية «السلفية الجهادية وتنظيماتها هى المسئولة عن الحادث الإرهابى، حيث تعتبر مثل تلك الجماعات أن الشرطة والقوات المسلحة طوائف ممتنعة بلغتهم؛ بمعنى أنهم يرفضون الاعتراف بشرعية تلك المؤسسات».

وبمناسبة مناجاة الخالق العظيم، أذكر ما جاء فى مقالات شهيرة للكاتب الكبير توفيق الحكيم عندما طلب السماح من الخالق العظيم سبحانه وتعالى أن يقيم حوارا معه (وهو بالطبع حوار افتراضى)، وهو ما اعتبره بعض علماء الدين وحفنة من أهل الفكر فى زمانه تجاوزا وخروجًا على تعاليم الدين الإسلامى وتعديًا على الذات الإلهية، ومما قاله الحكيم فى مقالاته: «لن يقوم إذن بيننا حوار إلا إذا سمحت لى أنت بفضلك وكرمك أن أقيم أنا الحوار بيننا تخيلًا وتأليفًا، وأنت السميع ولست أنت المجيب، بل أنا فى هذا الحوار المجيب عنك افتراضًا، وإن كان مجرد حديثى معك سيغضب بعض المتزمتين لاجترائى -فى زعمهم- على مقام الله سبحانه وتعالى، خصوصا أن حديثى معك سيكون بغير كلفة»، وأثارت هذه المقالات الغضب على «الحكيم»، بل إنها فتحت عليه أبواب النقد من كل ناحية.. كتب عمر التلمسانى بجريدة النور فى 9 مارس 1983 مقالًا تحت عنوان: «أهكذا تختم حياتك أيها الحكيم؟» قال فيه: «هل نسى هذا المتحدث مع الله أن العليم الخبير قد قال بالقول القطعى الثبوت، القطعى الدلالة: «وما كان لبشر أن يكلمه الله إلا وحيا أو من وراء حجاب أو يرسل رسولا فيوحى بإذنه ما يشاء إنه عليم حكيم»، فإذا كان هذا هو كلام الذات العليا التى يقول الأستاذ إنها ردت عليه فأيهما نصدق: كلام الله وقرآنه، أم كلام الكاتب الضليع الفيلسوف الحكيم؟!». وقال الشيخ محمد متولى الشعراوى: «الكلمة عند عباد الله محدودة بكمال المتكلم، فجاء توفيق الحكيم ليُخضع كمال الله الأزلى إلى كماله المحدود، ويجعل الله سبحانه وتعالى يتكلم بلسان توفيق الحكيم وفكره وعقله، وكأنه فى هذه الحالة قد أخضع فكر الخالق وقوله لفكر المخلوق فهل يصح هذا؟ وهل يمكن أن يضع فكر الخالق لفكر مخلوق بحيث يتساوى الفكر بينهما؟ وهل من الممكن أن أخضع أنا المخلوق الضعيف فكر الله لفكرى فأتحدث عنه وأتكلم عنه أليس هذا خطأ؟!».

وذكرى حكاية الحكيم هنا ليس لتجديد الحوار حول ما ذهب إليه كاتبنا الراحل الكبير وطرحه والتعاطف معه، ولكن بغرض عرض مثال لحالة الحوار الفكرى المقبولة والمعقولة فى غير تشنج والتى كانت تدار بدون خوف، أو توقع رفع قضايا من قبل بعض الموتورين للصيد فى الماء العكر للنيل من كل صاحب فكرة أو رأى أو طرح جديد، أو ذهاب الأكثر تشددًا إلى التكفير والتفريق عن الزوجة، والأمر الثانى هو إعلان رغبتى فى الإفصاح فقط عن شكواى أرفعها إلى الله باعتبارى مواطنًا مصريًا يعيش حالة ضيق وتبرم من تجاهل البعض منا أن أرواحًا قد أزهقت من أجل تحقيق الكرامة الإنسانية والعدالة الاجتماعية فى ميادين التحرير فى 25 يناير 2011، وأن الملايين الغفيرة منا أيضًا كانت قد خرجت لإسقاط مفهوم حكم الدولة الدينية فى 30 يونية 2013 وحتى يومنا هذا ندفع الثمن غاليًا لتصفية جيوب الغدر والخيانة والتخلف.. فهل لى أن أشارك رغبة رفاعة رافع الطهطاوى (1871- 1873م)، رائد التنوير فى مصر الحديثة مرددًا مقولته الرائعة «ليكن الوطن محلًا للسعادة المشتركة بيننا نبنيه معًا»..؟

[email protected]