عاجل
رئيس حزب الوفد
د.عبد السند يمامة
رئيس مجلس الإدارة
د.أيمن محسب
رئيس التحرير
د. وجدى زين الدين
رئيس حزب الوفد
د.عبد السند يمامة
رئيس مجلس الإدارة
د.أيمن محسب
رئيس التحرير
د. وجدى زين الدين

غريب أمر هذه الحياة الدنيا.. في كل يوم نفقد أحبة وأصدقاء.. ومن إحدى عجائبها أنها مضبوطة على تقويمين مختلفين، بل متناقضين.. توقيت يمنح هبة الحياة، وآخر لرجوع الأمانة إلى بارئها.

تلك اللحظة التي يولد فيها الإنسان ويُبصر النور، ليبدأ دورة الحياة بكل تجاربها وتفاعلاتها وصخبها، وتستمر  ـ مؤقتًا ـ إلى حين.. ولحظة أخرى تتوقف فيها عقارب الساعة عن الدوران، إيذانًا بحياة أخرى لا منتهى لها.

ما بين الحياة والموت، لحظات من التأمل، في رحلة قصيرة تشبه ركوب سيارة تسير بسرعة فائقة، تسمح لقائدها بمشاهدة المناظر المختلفة من النافذة، لكنه لن يستطيع التوقف!

كثيرًا ما تمر على الإنسان لحظات يشعر فيها أن هذه الدنيا لا تساوي شيئًا، ربما بسبب موقف ما، أو حدث غيَّر مجرى تفكيرك وحياتك، فيجعلك تكتشفها على حقيقتها التي كنت تتجاهلها، لتزداد يقينًا بأنها لا تستحق كل ما تفعله من أجلها!

إن كل إنسان ـ بعد وصوله إلى مراحل الوعي الأولى ـ يعرف ويدرك تلك الحقيقة، لأن الموت يقين لا شك فيه، ولا فرار منه.. هو ناموس الطبيعة الذي يتحقق، إن آجلًا أو عاجلًا، ولابد منه في آخر المطاف.

لعل أكثر ما يجزع الأهل والأصدقاء، أن الموت يأتي فجأة، من دون وداع.. ورغم هذا اليقين الراسخ بأن الموت هو نهاية رحلة الحياة »القصيرة«، إلا أن ما يجعله »مزعجًا«، هو تسلله خلسة ليختطف منَّا أعزاءنا واحدًا بعد الآخر، من دون إنذار مسبق.

يأتي الموت مقتحمًا، لينهي كل شيء، سواء أكنَّا مستعدين له، أم غافلين عنه، لأنه يظل قابعًا خلف الأبواب، وكما قيل: »استهينوا بالموت، فإن مرارته من خوفه«، لأنه ليس إلا »قنطرة تعبر بكم عن البؤس والضراء، إلى الجنان الواسعة والنعيم الدائمة.. فأيكم يكره أن ينتقل من سجن إلى قصر«!

لاشك أن الموت »يصفِّي المؤمنين من ذنوبهم، ليكون آخر ألم يصيبهم كفَّارة آخر وزر بقي عليهم«، ولذلك فإن »أوحش ما يكون هذا الخلق في ثلاثة مواطن: يوم يولد ويخرج من بطن أمه فيرى الدنيا، ويوم يموت فيعاين الآخرة وأهلها، ويوم يُبعث فيرى أحكامًا لم يرها في دار الدنيا«.

إن هذه الدنيا بكل جمالها وعظمتها سوف تنتهي يومًا.. الشمس والنجوم أيضًا سوف ينطفئ نورها.. والجبال الشاهقة بكل هيبتها وشموخها سوف تصبح دكًا.

ستفور البحار وتجف الأنهار، وهذه الغابات الجميلة الغنَّاء سوف تصبح خضرتها كأنها حمم البراكين.. عندها سيصبح الإنسان كالنملة التي غمرها الطوفان، يبحث عن مأمن ومأوى.. يريد النجاة والفرار، ولكنه لا يرى إلا جسرًا، يمنعه من الوصول إلى مبتغاه.

هذا الجسر يتسع تارة ويضيق تارة أخرى، نراه ملتويًا أو شديد الانزلاق.. ولذلك فإن أعمالنا وما نقدمه في حياتنا هي ما تجعل الجسر سويًا أو ملتويًا، أما جسر الظالمين والمنافقين والفاسدين فإنه يكون أدق من الشعرة، يزداد انزلاقًا لحظة بعد أخرى.

 

[email protected]