رئيس حزب الوفد
د.عبد السند يمامة
رئيس مجلس الإدارة
د.أيمن محسب
رئيس التحرير
د. وجدى زين الدين
رئيس حزب الوفد
د.عبد السند يمامة
رئيس مجلس الإدارة
د.أيمن محسب
رئيس التحرير
د. وجدى زين الدين

مؤتمر «جروزني»، أو ما سُمي بملتقى «أهل السنة والجماعة»، الذي استمر أسبوعًا في العاصمة الشيشانية، بحضور 200 عالم «سُني»، من مختلف الدول العربية والإسلامية، استهدف ـ بحسب منظميه ـ تفويت الفرصة على الجماعات الإرهابية التي تستغل مناهجها التدميرية في إشاعة التطرف والتكفير.

المشاركون «السُّنة» أكدوا أن هذا «التجمع» يُسهم بشكل جاد في إخماد حروب الإرهاب الهمجية والعبثية، لكنه في الحقيقة أشعل نارًا وفجَّر بركان الغضب لدى «السلفيين» و«الوهابيين» الذين استثناهم، خصوصًا في ظل مشاركة مصرية رفيعة المستوى.

غاب عن مؤتمر الشيشان علماء «الوهابية» من السعودية ومعظم دول الخليج، باستثناء الإمارات، حيث كان لافتًا أن التوجه العام يقتصر على «الأشعرية» و«الماتريدية»من  دون غيرهم.

استثناء «الوهابيين» أثار غضبهم، واعتبروه «متعمدًا»، بعد استبعادهم، وبروز الصبغة الصوفية على المؤتمر، خصوصًا بعد البيان الختامي الذي توافق عليه «المأتمرون» بوصف أهل السنة والجماعة، أنهم «الأشاعرة والماتريدية في الاعتقاد، وهم أهل المذاهب الأربعة في الفقه وأهل التصوف»، في حين تجاهلوا  «أهل الحديث» وغيرهم!

ربما زعم المشاركون في المؤتمر «تصويب الانحراف الحاد والخطير الذي طال مفهوم أهل السنة والجماعة، إثر محاولات اختطاف المتطرفين لهذا اللقب، وقصره على أنفسهم وإخراج أهله منه»، لكن في المقابل لم يحاولوا توحيد الكلمة ولم شمل الكيانات المتعددة، مثل الاتحاد العالمي لعلماء المسلمين و«نظيره» مجلس حكماء المسلمين، الذي أسسته الإمارات قبل عامين!

سياسيون وأكاديميون يرون أن المؤتمر يستهدف بوضوح التآمر على السعودية، وعزل السلفية عن أهل السنة، أو بمعنى أوضح، إخراج السلفية من دائرة أهل السنة والجماعة، وفتنة لتقسيم أهل السنة، تضاف إلى سجل زمن السقوط!

المؤسف أن كثيرًا من الكتّاب والعلماء والمفكرين السعوديين شنوا هجمة شرسة وأطلقوا تصريحات غاضبة غير مسؤولة، على من حضر المؤتمر، بل إن بعضهم ربط مشاركة شيخ الأزهر بتوجه رسمي مصري، مطالبين بضرورة تغيير التعامل مع القاهرة، لأنهم اعتبروا الأمر نكرانًا للجميل، ولذلك فهم يطالبون أن تُدير المملكة ظهرها لأرض الكنانة!

المؤتمر، اعتبره آخرون، ضربة روسية سياسية للسعودية، كونه انعقد في العاصمة الشيشانية «إحدى الجمهوريات الروسية»، ليسبب إحراجًا لعلماء الوهابية، الذين بدورهم قالوا إن رعاية موسكو المقصود بها الاستفادة منه في الأحداث الدائرة بسورية.

المؤسف أن حرب التصريحات والتغريدات التي أشعلها مشايخ وكتّاب سعوديون، بعد إقصاء المملكة، انصبت على مشاركة شيخ الأزهر، ما جعلهم يصفون المؤتمر بمهرجان المؤامرة، واتفقت آراؤهم جميعًا على ضرورة تغيير التعامل مع  مصر؛ لأن وطنهم «السعودية» أهم، بل تطرف بعضهم بالقول: «لتذهب مصر إلى الخراب»!!

نعتقد أنه كان من الأَوْلى، عقد مؤتمر شامل وجامع للتقريب بين جميع المسلمين، بمذاهبهم وطوائفهم كافة، ومناقشة أحوالهم البائسة، في زمن أصبحت تطل فيه علينا فتن «أهل الدين»، من تسميم لعلاقة المسلمين بغيرهم، وصراعات الإسلاميين والعلمانيين، وخصومات واحتراب السنة والشيعة.

نتصور أن الاختلاف بين المسلمين لا يعني شق الصف، ولذلك يجب أن يبحث الجميع عن المساحات المشتركة وتوسيعها عبر التفاهم والحوار، وتعزيز الحراك الفكري، لأن الاختلاف في التفسير والتأويل والجزئيات يمكن أن يُناقَش بأسلوب هادئ وهادف، وبالتالي تحقيق التقارب والتآلف والنأي عن كل ما يفرق.

[email protected]