رئيس حزب الوفد
د.عبد السند يمامة
رئيس مجلس الإدارة
د.أيمن محسب
رئيس التحرير
د. وجدى زين الدين
رئيس حزب الوفد
د.عبد السند يمامة
رئيس مجلس الإدارة
د.أيمن محسب
رئيس التحرير
د. وجدى زين الدين

بعد عامين من تجربة تعميم خطبة الجمعة الموحدة على جميع مساجد الجمهورية، التي أقرَّتها وزارة الأوقاف، منتصف يوليو 2013 ـ عقب الإطاحة بحكم الإخوان، لمواجهة «التطرف والإرهاب» المحتمل ـ بشَّرنا وزير الأوقاف قبل أيام، بتعميم الخطبة المكتوبة وتشكيل «لجنة علمية» لإعداد مواضيع الخطبة بشكل يتناسب مع «روح العصر»!

«الأوقاف» أعلنت للجميع، أنه «لا تراجع ولا استسلام» والمضي قدمًا في تنفيذ قرارها «المواكب للحداثة وتجديد الخطاب الديني» ـ بالرغم من اعتراض الأزهر «على استحياء» ـ حيث اكتشفت «الوزارة» فجأة أن «الفكر» يحتاج إلى تطوير، وأن بعض الخطباء على المنبر يُخالفون السُّنَّة، بالإطالة والتطرق إلى مواضيع متناثرة، تُربك المستمع وتُشتت ذهنه، إضافة إلى الدخول في أمور سياسية لا علاقة لها بمضمون خطبة الجمعة!

إن تعميم موضوع الخطبة المكتوبة على أئمة المساجد ـ باعتقادنا ـ سيحولهم إلى قارئي نشرات دينية أسبوعية، كما أن هذا التطبيق يُغلق باب التفكير والإبداع والتجديد، لأن الأئمة لن يكونوا في حاجة إلى القراءة والاطلاع، بانتظار النشرة الأسبوعية!

لعل طرح مثل هذه المواضيع في هذا الوقت تحديدًا، يثير لغطًا وجدلًا واسعًا، لأنه لا حاجة لإثارتها بالأساس، خصوصًا أنها تفتح بابًا من الشطحات الفكرية والانقسام، كما أنه ليس بالخطبة المكتوبة وحدها يتم «تجديد الخطاب الديني»!  

نعتقد أن «الدعوة» ليست مجرد خطبة جمعة، ولا يمكن اختزالها في هذا الأمر، ولذلك يجب ترك مساحة للإمام لكي يُبدع ويبتكر في إلقاء الخطبة، لأنه من غير المعقول أو المقبول أن تُكتب له ورقة «تعليمات وإرشادات» ليقرأ منها فقط!

إن الخطبة الموحدة أو المكتوبة لن تؤدي إلى تطوير أو تحديث الخطاب الدعوي، أو مستوى الدعاة، بل ستؤدي إلى تراجع مستواهم العلمي والفكري، خصوصًا أن الخطبة الموحدة قد تصلح لمناسبة بعينها أو في وقت معين.  

ما يدعو للتأمل هو أن وزارة الأوقاف تطلب في مسابقاتها لتعيين الدعاة أن يكونوا على درجة علمية عالية، وحاصلين على درجة الماجستير، وهنا نتساءل: «كيف ذلك، وهي تريد أن تفرض عليهم خطبة موحدة يمكن لأي شخص، بأي مستوى تعليمي أن يقرأها»؟

إننا نعيش مرحلة دقيقة، تحتاج بالفعل إلى «ثورة دينية حقيقية»، بما تتطلبه من تميز للأئمة وفهمهم المستنير وحسهم الوطني وإدراكهم لما تتطلبه المرحلة الراهنة من توحيد الجهد والكلمة في مواجهة التحديات، ولكن هل تحقق الخطبة المكتوبة الموحدة هذا التوجه؟!

نعتقد أنه لا يمكن القبول بتشجيع الجمود والجهل والروتين العقيم، وبدلًا من فتح باب الاجتهاد، نفتح بوابة كبيرة للتملق والنفاق والمجاملة، أو الخضوع والإذعان، ليكون الجميع «تحت السيطرة»!

قرارات «الأوقاف» الأخيرة، تفتح الباب على مصراعيه مستقبلًا لأمور أخرى، قد تقضي على الاجتهاد والتنوع والانفتاح على الآخر، كما أنه ربما يستتبعها قرارات أخرى مستقبلًا على شاكلة مركزية الخطبة وبثها من ماسبيرو لجموع المصلين عبر شاشات التلفاز الرسمي، مستندة على فتوى تبيح الصلاة في المنزل خلف قارئ نشرة الجمعة!

[email protected]