رئيس حزب الوفد
د.عبد السند يمامة
رئيس مجلس الإدارة
د.أيمن محسب
رئيس التحرير
د. وجدى زين الدين
رئيس حزب الوفد
د.عبد السند يمامة
رئيس مجلس الإدارة
د.أيمن محسب
رئيس التحرير
د. وجدى زين الدين

على فكرة

لو أن للقدرة على جلب  الضحك وإشاعة البهجة والسرور فى حياة  البشر  جائزة عالمية ،لفاز بها عن جدارة واستحقاق الفنان "عادل إمام "الذى سطا على امتداد نحو  نصف قرن على قلوب مشاهديه المصريين والعرب، فملأها فرحا وحبورا وسحرا، وانتزع ضحكاتهم فى أقسى أيامهم وأكثرها بؤسا  وخيبة وظلاما. وكاد هذا أن يكون هو السطو الوحيد الذى قبل بشرعيته جمهوره، حين  وجد نفسه  فى أعماله الفنية التي سلطت الضوء على ،حياته ومشاكلها، بحلوها ومرها، بجدها وهزلها، فنصبه الناس  بأريحية فائقة "زعيما " على قلوبهم .استحق ساحر القلوب هذه المكانة الرفيعة لما أنطوى عليه إبداعه الفني من دفاع مجيد عن حقوق المهمشين والضعفاء والفقراء ممن لا صوت لهم،  وبحثه الدائم عن حياة عادلة خالية من الخوف والاحتياج والجوع، ولفضحه لقوى الفساد في السلطة وفى خارجها ، ولكشفه لتواطؤها مع الإرهابيين والمتاجرين بالدين، ولرفضه لكل أشكال الظلم والقمع والاستبداد والقهر المادي والمعنوي. لقد غدا إبداع عادل إمام منصة لأسماع أصوات المعذبين في الأرض، وساحة لتخفيف آلامهم.

هضم عادل إمام ميراث أسلافه من فناني الكوميديا العظام، من الريحاني لعادل خيرى ، ومن اسماعيل ياسين  إلى النابلسى ومن عبد المنعم إبراهيم إلى فؤاد المهندس وعبد المنعم مدبولى، وشكل من هذا المزيج، نموذجه المتفرد فى الأداء الكوميدي الذى لم يسبق له مثيل، مما جعله صاحب المساهمة الأكبر فى تجديد الأداء الكوميدي فى السينما والمسرح. وما كان ممكنا لموهبته الفنية الكبيرة أن تمتلك هذا التفرد والاستمرارية لولا  ذكاؤه الذى أمد موهبته بالثقافة والمعرفة و الإدراك  العميق بتطورات الواقع وهمومه ومشاكله، ومفارقاته التى تبعث على السخرية والضحك، وتجلب أحر  الدموع فى أحيان كثيرة .

سحر عادل إمام جمهوره بتلقائيته وعفويته وبساطته، ولعب تكوينه الجسدي والشكلي كمواطن عادى يشبه معظم مشاهديه دورا فى بناء مصداقيته، فضلا  عن اختياره  الواعي لأدواره التي رسخت شعبيته، إن فى السينما أو المسرح أو التليفزيون. وبات قاموسه اللغوي النقدي  الساخر  في أعماله الفنية، حاضرا بقوة  فى مجرى الحياة اليومية  للمواطنين، يستخدمونه ، يستشهدون به كما لوكان قانونا أو دستورا، ليخففوا  بمفرداته الباسمة بؤس حياتهم وجهامتها وقبحها ، واختلال ميزان عدلها .

قدم عادل إمام عبر رحلته الشاقة للتربع على القمة ، تنويعة مبهرة من الأعمال الفنية والشخصيات، تجمع بين الفرجة والمتعة والفكر والرسالة الاجتماعية والإنسانية، وتضم تشكيلة نادرة من النماذج البشرية المصرية أداها بإتقان واحتراف وبراعة ، وموهبة تتفجر فى كل اتجاه. وأصبح عادل إمام صاحب طلة خاصة ، ما تكاد تظهر حتى يشعر المتفرج بالتآلف معها، من فرط صدقها وقربها إلى نفسه. ولعل عادل إمام هو الممثل الكوميدي الوحيد الذى قدم أكبر عدد من الأدوار الجادة، ومع ذلك  وجد في كل شخصية يؤديها متفرجا  يشعر بالتواصل الحميمي معه منذ اول مشهد يظهر فيه، وحتى مشهد النهاية، وهذا ما جعله ظاهرة فنية  نادرة. وخلال خمسن عاما من الجد والاجتهاد والتعلم والتجدد، نجح عادل إمام في الاحتفاظ بالقمة ، تغير خلالها المجتمع، وتغيرت أذواق الناس واهتماماتهم، إلا شيء واحد لم يتغير هو محبة الأسرة له  ولفنه، واستمتاعهم بما يقول حتى لو صاح: ريان يا فجل!