عاجل
رئيس حزب الوفد
د.عبد السند يمامة
رئيس مجلس الإدارة
د.أيمن محسب
رئيس التحرير
د. وجدى زين الدين
رئيس حزب الوفد
د.عبد السند يمامة
رئيس مجلس الإدارة
د.أيمن محسب
رئيس التحرير
د. وجدى زين الدين

ساعات فقط، تفصلنا عن نهاية «سيد الشهور»، الذي تربت نفوسنا في أجوائه على الترفع والسمو، وبفضله رهفت مشاعرنا وأحاسيسنا، وقويت عزائمنا.

ساعات ونودع «شهر الله».. بنوره وخشوعه وعبقه وصفائه.. شهر المغفرة والرحمة والعتق من النار، بعد أن تعلمنا في رحابه، وزودنا من عطائه دروسًا عظيمة في العطاء والنقاء الروحي.

شكرًا «رمضان»، فقد أحييت القلوب، وأيقظت كثيرًا من الضمائر، وأعدت بعض التائهين والضالِّين إلى الطريق السوي، وعلَّمت الجميع دروسًا عظيمة وبليغة في الكرم والإحسان.

شكرًا «رمضان»، صاحب مدرسة معاني البذل والسخاء، من دون حساب.. نودعك أيها الشهر الفضيل، ومعانيك في نفوسنا باقية، حتى نعيش هذه الأجواء معك مرة ثانية، إن كتب الله لنا البقاء في هذه الحياة .

شكرًا «رمضان»، لأنك رصدتَ لنا شواهد حقيقية عن تزايد الفجوة بين الثراء الفاحش والفقر المدقع، واختفاء الطبقة الوسطى في المجتمع، التي كانت تمثل «سابقًا» شريحة كبرى تتجاوز 70% من الشعب!

شكرًا «رمضان»، لأنك تودعنا وفي القلب غصة، من كشفك استمرار تكريس التفاوت الطبقي وتجاهل تطبيق العدالة الاجتماعية، وازدياد أعداد الملتحقين بالطبقة الدنيا، من المطحونين والمعدمين والمظلومين والمهمشين.

بكل أسف، يجب الإقرار أن هذا الشهر تجسَّدت معالمه في وجود إقطاع فاجر ووجه قبيح لرأسمالية ظالمة، تكرِّس وجود أقلية مستغلة، تملك كل شيء، وغالبية محرومة، لا تملك شيئًا، ما يجعل الاعتراف أو الحديث عن عدالة اجتماعية ترفًا لا وجود له، إلا في مخيلة الكتَّاب والمنظرين!

إن الحديث عن ضرورة وأهمية تحقيق أهداف الشهر الفضيل، في تجسيد المساواة والتكافل، تظل شعارات جوفاء تتبخر في الهواء، أمام ما تابعناه على الفضائيات من برامج وإعلانات تصيب الإنسان بالصدمة.

الأعمال الدرامية والبرامج، والتكاليف العالية والأجور المبالغ فيها، والإعلانات المدفوعة، عن فلل سكنية ومنتجعات جديدة تعوم فوق الماء ـ بما تحويه من حمامات للسباحة وملاعب جولف ـ يقابلها أخبار عن قرى وزراعات تموت من العطش، في مشهد يمثل تناقضًا محيرًا ومستفزًا.

أجور بالملايين، وتكاليف إنتاجية بمئات الملايين، لأعمال سطحية تافهة، وإعلانات صادمة، تدعو للتبرع بالملابس للفقراء، والزكاة والصدقات للمرضى والمحتاجين والغارمين، وبنك الطعام للجائعين، أو تلك الأخرى التي تصور حياة الفلل والقصور والمنتجعات السياحية، في مقاربة غير عادلة!

المثير والمدهش في الأمر، هذا الفرق الشاسع بين النموذجين، حتى يكاد المرء لا يصدق أنهما صورتان لبلد واحد، يعاني من الفساد والتضخم والبطالة والفقر، ومثقل بالديون، ما يؤجج مشاعر الاستياء والنقمة والحقد والكراهية.

ربما كان الشهر الفضيل كاشفًا لي ولغيري عن مدى التفاوت بين الطبقات، واتساع الفجوة بين الأغنياء والفقراء، بحيث لا أستطيع إخفاء أنني واحد من هؤلاء الذين يستفزهم ذلك التناقض، خصوصًا أنني لا أستطيع شراء فيلا بـ«جنينة واحدة»، ناهيك عن فيلا بثلاث «جناين»!

[email protected]