رئيس حزب الوفد
د.عبد السند يمامة
رئيس مجلس الإدارة
د.أيمن محسب
رئيس التحرير
د. وجدى زين الدين
رئيس حزب الوفد
د.عبد السند يمامة
رئيس مجلس الإدارة
د.أيمن محسب
رئيس التحرير
د. وجدى زين الدين

 

 

فى خضم معارك عظام تبقى أكبر القوى الاجتماعية فى مصر فى ركن بعيد.. بل شديد البعد عن معظم معانى الحق والعدل، النماء والاهتمام.. إنها طبقة (الفلاحين) التى تشكل نحو 51 مليون نسمة، ويعمل بالفلاحة 30% من القوة العاملة بمصر، تلك الطبقة التى تعرضت وتتعرض لعمل يبدو منظماً، عمل أشبه بتكسير العظام!. وكأن المسئولين فى بلادنا عمدوا منذ عقود إلى تبنى سياسات فاشلة، انتهجتها حكومات متتابعة، بهدف زيادة هموم الفلاح ودفعه لهجر مهنته التى توارثها عن آبائه وأجداده!

فما حدث من رفع يد الدولة عن العملية الزراعية على جميع محاورها (الإنمائية والإنتاجية والتسويقية)، وأيضاً تفكيكك الحركة التعاونية الزراعية (المؤسسات الفلاحية والزراعية)، وكذلك زيادة الاعتماد فى المتطلبات الغذائية على معونات المانحين (خاصة أمريكا)، باﻹضافة لاتباع سياسة التصدير من أجل الاستيراد (كزراعة الفراولة مثلاً لاستيراد القمح).. وغيره كثير مما ترتب عليه: تقلص المساحات المزروعة بالمحاصيل (وبخاصة الاستراتيجية) تدهور الإنتاج الزراعى، توسع السوق السوداء وسيادة الممارسات الاحتكارية.. فتصدر من جديد مثلث الفقر والمرض والجهل المشهد الذى يعيش فيه الفلاح المصرى تحت سياط القهر والفساد كالمعذب فى الأرض.

ولا أجد أبلغ مما قاله المناضل عريان نصيف رحمه الله فى أحد المؤتمرات (لقد عاش الفلاح فى إطار معادلة ثلاثية مأساوية: منتجًا.. رغم فقره، مضطهدًا.. رغم إنتاجه.. مناضلاً.. رغم اضطهاده).

وقد طالعنا مؤخرًا ما اتخذته وزارة الزراعة «مجبرة» من إجراءات للتعامل مع «أزمة توريد القمح»، بعد «توجيهات رئاسة الوزراء» لها بتسهيل الإجراءات الخاصة بعملية «استلام القمح من الفلاحين»!

وهنا توقفت كثيرًا.. وفكرت أكثر.. وأنا أضرب كفاً بكف ولسانى يردد (لا حول ولا قوة إلا بالله)!! وزارة الزراعة تعرقل إجراءات تسلم القمح (لصالح أباطرة استيراد القمح الخمسة المعروفين بالاسم).. فى بلد يستورد 80% من احتياجاته، ويحتل المرتبة الثانية عالميًا فى استيراد القمح.. وذلك تزامنًا مع إعطاء السيد الرئيس عبدالفتاح السيسى إشارة البدء لحصاد القمح فى 7500 فدان تم استصلاحها حديثًا بالفرافرة!

وبعيدًا عن أن حضارتنا قامت على الزراعة، وأن الزراعة أمن قومى وأصبحت تشكل اﻵن نحو 15% من الناتج المحلى، وبعيدًا تمامًا أيضًا عن أن هناك عدداً من الدول يصل فيها دعم الفلاح لـ200% ويعفى من الضرائب.. وحتى لن أطالب بإنشاء نقابة للفلاح، كما طالب بها بيرم التونسى، لأنها فى وضعنا الحالى ستزيد الطين بلة، ولكنى سأناشد ضرورة إنشاء صندوق قومى لدعم وتأمين الفلاح.

وسأختم بالمقدمة التى استهل بها أديبنا الراحل الكبير د. طه حسين مجموعته القصصية (المعذبون فى الأرض)، التى اقتبست منها عنوان مقالى اليوم:

إلى الذين يحرقهم الشوق لى العدل، والذين يؤرقهم الخوف من العدل، إلى أولئك، وهؤلاء جميعًا أسوق حديثى.

إلى الذين يجدون ما ينفقون، وإلى الذين لا يجدون مالا ينفقون، يساق هذا الحديث.