عاجل
رئيس حزب الوفد
د.عبد السند يمامة
رئيس مجلس الإدارة
د.أيمن محسب
رئيس التحرير
د. وجدى زين الدين
رئيس حزب الوفد
د.عبد السند يمامة
رئيس مجلس الإدارة
د.أيمن محسب
رئيس التحرير
د. وجدى زين الدين

اشراقات

ايه ده اللى حصل فينا ده ياناس، بقينا كلنا من ناهشى الأعراض، بل أصبحنا من آكلى لحوم البشر، اصبنا بداء التشفي، والرغبة فى الانتقام، من بعضنا البعض، وكأننا اصبحنا كائنات شيطانية، ﻻ تحمل إلا الحقد والغل والكره!!

جلسات نميمة، وردح فضائى طوال ساعات الليل، وحتى طلوع الفجر، عمادها سيرة الناس، والبحث عن فضائحهم وبلاويهم!!

أبدا لم نكن كذلك طوال تاريخنا، والذى كانت صفة التسامح والتراحم أجل صفاتنا المسجلة فى صفحاته!!

بعد ثورة يناير.. فوجئت على شاشة التلفاز، بأحد عمال التراحيل، ويعمل بمهنة «نحات»، وهو يتكسب رزقه يوماً بيوم، فهو لايمتلك من حطام الدنيا، الا أجنة وشاكوش، يقتات بهما، وينفق على أولاده من خلالهما!!

فوجئت بهذا الرجل، يذهب كل يوم من ايام محاكمة، رجل أعمال شهير من رجال مبارك، الى التجمع الخامس ليفعل شيئاً واحداً، فى منتهى الغرابة!!

تخيلوا ما هو هذا الشىء، الذى يترك من أجله عمله، ويتحمل مشقة السفر، الى التجمع الخامس.. وربما ركب أكثر من ثلاث مواصلات، حتى يصل لمقر المحاكمة.. أما الهدف فهو إلى جانب التشفي فى رجل الأعمال، فانه كان يروى رغبته فى التشفى والانتقام، من أحمد عز بان يقوم بالتقاط شبشب الزنوبة الذي يرتديه، ليلقيه على سيارة الترحيلات التى تحمل رجل الأعمال!!

وقتها التمست العذر للرجل، وقلت لم لا وهذا الرجل الفقير، هو أحد ضحايا عز، وسطوه على مقدرات البلاد، ومن ناحية أخرى قلت إن هذا عرض ثورى معتاد، يعقب الثورات الشعبية، واقصد به الرغبة فى الانتقام، لكن ماتلبث أن تهدأ أعراضها.. بمجرد ان تهدأ الاوضاع، وتخبو جذوة الثورات!!

لكن لم أكن أتخيل أن يطول بنا هذا «المرض الثورى» أكثر من ذلك!!

ولكنى اكتشفت طوال الأيام القليلة الماضية، ان هذا المرض الخبيث قد انتشر وتفشى فينا، واقصد به مرض التشفي، والنهش فى أعراض الناس، وفى ذمتهم وأعراضهم، خاصة إذا كانوا من المشاهير، سواء رجال أعمال أو فنانين أو لاعبى كرة، أو حتى سياسيين!!

فما إن يتم القبض على أحدهما، حتى تنهش فيه الفضائيات والصحف، وتتبارى فى التقاط الصور له، خاصة اذا كانت الكلبشات فى يديه، فهى صورة اعلامية بمليون جنيه، تدفع فيها الفضائيات دم قلبها، من أجل الفوز والانفراد بهذا الكنز، الذى ترفضه الأخلاق والقيم!!

وكأن بهدلة واذلال رجال الأعمال والمشاهير، باتت هى الهدف، وكأن هؤلاء كائنات شيطانية.. تمص دماء البشر، وتستنزف ثروات الشعب، بل اصبح مسمى رجل الأعمال، مرادفا للقب اللص والحرامى!!

رغم اننا مثلاً.. نناشد رجال الأعمال يومياً.. ونستحث فيهم الوطنية من أجل الاستثمار فى مصر، وفتح مشاريع جديدة فيها، للقضاء على طابور البطالة، والمساهمة فى انقاذ الاقتصاد المتدهور، والغارق حتى اذنيه تحت كاهل الديون الخارجية منها والداخلية، ومع ذلك عندما يخطئ أحدهما ننصب له المشانق، ونمزق عرضه وشرفه، وكأن رجل الأعمال لا ينبغى له أن يخطئ، وإن أخطئ فلا سبيل لإصلاح خطئه الا الموت!!

ونحن هنا لسنا فى موقف إدانة رجال الأعمال، أو تبرئة ساحتهم، رغم أن القاعدة القانونية والانسانية، تقول ان المتهم بريئ حتى تثبت ادانته!!

لكننا ندافع عن الحق ولا شىء غيره، فليس كل رجال الأعمال فاسدين، يستحقون القتل والصلب، على بوابات مدينة الانتاج الاعلامى، أو حتى الشنق على باب زويلة!!

فمنهم الشرفاء الذين شيدوا المصانع، واقاموا الاستثمارات، وشغلوا ملايين العمال، حتى أن كل العاملين فى الدولة، ﻻيزيد عددهم على ستة ملايين عامل وموظف، فى حين ان العاملين فى القطاع الخاص، فى شركات ومصانع رجال الأعمال، يزيد عددهم على 26 مليون موظف و عامل!!

صحيح أن بعض رجال الاعمال، سرقوا وأفسدوا ونهبوا، ويستحقون الشنق على باب زويلة - كما أسلفت - لكن هذا لا ينسحب على كل رجال المال والأعمال الشرفاء، الذين بدأوا من الصفر، ونحتوا الصخر.. وقد استفادوا، وافادوا البلد وهى رسالة كارثية لرجال الأعمال.. وعلى فرص الاستثمار، فمهما كانت جرائم رجال الأعمال.. فهى جرائم اقتصادية.. والدولة فتحت الباب على مصراعيه للتصالح فيها، فلماذا الاصرار على بهدلتهم واذلالهم، بهذه الصورة المؤسفة!!

نقول هذا الكلام، و نحن ﻻ ننتظر من أحد لا جزاء، وﻻ شكورا.. انما- والله- لوجه الله، لاننا لو استمرت هذه الحملة الظالمة التى تنهش فى عرض وشرف رجال الأعمال، فحتما سيتركون البلد.. ويطفشون لبلاد مجاورة، تعاملهم كسوبر باشوات، وتسمح بدخولهم من صالات كبار الزوار، وتقدم لهم لبن العصفور لو رغبوا فيه!!

أرجوكم خذوا حق الدولة من رجال الأعمال، دون زيادة أو نقصان، لكن دون اذلال، أو تدليل زائد فكلاهما ضار ومؤذ، فمن استولى على الأراضى، أو نهب ممتلكات الدولة، لابد أن نطبق عليه القانون بكل حسم، ونأخذ حق الدولة، من حبابي عينيه!!

ارجوكم يا أهلى وناسى، عودوا إلى طيبتكم، التى عرفنا بها العالم كله، فهذا الغل والتشفي دخيل علينا، بل اننى أعتبره مرضاً ثورياً، أتمنى أن يزول قريبا، كفانا حرباً وطحناً وتكسير عظام بعضنا البعض!!