عاجل
رئيس حزب الوفد
د.عبد السند يمامة
رئيس مجلس الإدارة
د.أيمن محسب
رئيس التحرير
د. وجدى زين الدين
رئيس حزب الوفد
د.عبد السند يمامة
رئيس مجلس الإدارة
د.أيمن محسب
رئيس التحرير
د. وجدى زين الدين

كحال لغتنا العربية التي أضحت غريبة في موطنها وبين أهلها، أصبحنا نعيش عصرًا إعلاميًا مكبلًا ومحاصرًا بين التأميم والتكميم، وإن بدرجات متفاوتة، ما يجعلنا نشعر بالأسى، ونحن نشاهد نخبة من الإعلاميين والصحافيين، عقيدتهم تأميم الوعي وتكميم الصمت.

لعل المتابع لحال الإعلام في السنوات الماضية، يلحظ أن بعض المنابر الإعلامية والصحافية تحاول جاهدة إلغاء أو إنهاء هامش حرية الرأي والفكر، والسيطرة على وميض الحلم والأمل لدى الناس، لصالح التبرير الفج لانتهاكات الأدمغة ودغدغة المشاعر.

ربما فات هؤلاء أن محاولاتهم البائسة المستمرة في إحداث شرخ مجتمعي كبير، أو "حشر" الإنسان في زاوية اليأس، ووضعه "أسيرًا" دائمًا لمعادلة التناقضات والمسكنات، و"وأد" الأمل و"قتل" الحلم"، لن تجدي نفعًا، في ظل قناعة ويقين "ماذا يستحق أن نخسره في هذه الحياة العابرة؟".

قد لا ينتبه هؤلاء "عن قصد أو بسوء نية" إلى بعض الأحداث، ولكنهم قطعًا سيتوقفون أمام أشياء لن يستطيعوا أن يجدوا لها مبررًا، خصوصًا ما يتعلق بتأجيج المشاعر واللعب على احتياج البسطاء.

ليس صحيحًا أن الإعلام حر في كل ما يطرحه، أو أنه يعيش في مناخ تعددي تسوده أجواء الحرية والديمقراطية، ولذلك نتمنى على كل من يخالفنا هذا الرأي أن يأتي بحجته، أو ليصمت!

ليس اتهامًا اعتباطيًا نسوقه جزافًا وافتئاتًا بحق الإعلام أو افتراءً عليه، إنما هو واقع الحال المزري الذي نعيشه، باستثناء قلة محدودة للغاية، تمتلك مساحة من هامش الحرية المنضبطة بالمراقبة الذاتية.

إن معظم ما عليه الإعلاميون والصحافيون، هو أنهم لا يجدون من المصداقية ما يستر به عوراتهم المفضوحة، مرجعيتهم في ذلك إلى الثقافة الأمنية والخطوط الحمراء والزرقاء وكل ألوان الطيف.

الأمثلة كثيرة على إلغاء أو تجاهل ميثاق الشرف الإعلامي، وأكبر بكثير من حصرها فى سطور، لأن هؤلاء يمارسون نرجسيتهم واستعلاءهم على المستضعفين فقط، ولا يعلمون أن هناك جرحًا اجتماعيًا عميقًا يحتاج أن يلتئم، من خلال قوة الحق والعدالة التي تكسر غرور الظلم والاستبداد والقمع.

إن المرتكزات الأساسية لنهوض أي مجتمع، تعتمد في الأساس على نقاط ضرورية، تتضمن صون الحرية بما يضمن توسيع خيارات الناس واستثمار آرائهم، بعيدًا من التقسيمات البغيضة، التي وضعها المنافقون والمغيبون، من أصحاب الأوزان "الخفيفة" فكريًا.

ولعل ما نمر به الآن، يعبر بكل أسف عن حياة سياسية ضامرة ذابلة، تحولت مع بعض المتحولين عديمي المبادئ والقيم إلى مجرد حرفة.. وبفضل هؤلاء الجهلاء والأفاقين، أصبح المجتمع مسلوب الإرادة،  يصرخ ويئن في صمت، ولكن من دون مجيب.

في ظل هذه الأجواء المتوترة والمشحونة بالغضب، من المحال تحقيق أي تقدم أو تنمية، لأن الأمر سيكون أشبه بمن يحرث في البحر، ولا أمل يُرجى إلا في استفاقة تزيح هذا الكم الهائل من البلادة والنفاق.

ربما لا يمكننا إغفال وجود متآمرين في الداخل والخارج، يتربصون بنا، ويتمنون لنا أن نظل مكبلين في مستنقع الفتنة، من خلال التحريض وتهييج واستثارة المشاعر، ووضعنا أمام خيارات مشبوهة، في معادلة صفرية مفادها: إما حرب أهلية أو تدخل خارجي.

إننا نحتاج إلى إعلام حقيقي، غير مؤمم ولا مكمم، يتبنى قضايا الوطن.. يوحد ولا يفرق، محايد غير منحاز، وألا نكون أسرى لخيار صعب، ما بين العيش في مملكة الصمت أو جمهوية الخوف، لأن خطايا الصمت ترافقها نوايا الكبت، وما بينهما المجهول!

[email protected]