رئيس حزب الوفد
د.عبد السند يمامة
رئيس مجلس الإدارة
د.أيمن محسب
رئيس التحرير
د. وجدى زين الدين
رئيس حزب الوفد
د.عبد السند يمامة
رئيس مجلس الإدارة
د.أيمن محسب
رئيس التحرير
د. وجدى زين الدين

اشراقات

 

 

غريب أمر برلماناتنا.. توافق على الشىء ونقيضه.. وتصفق للشىء وعكسه فى نفس الوقت.. يعنى برلمانات فيها العجب العجاب!!

تذكرت يوم الاثنين الماضى.. ما حدث فى برلمان مصر.. أثناء وقوع الانفصال عن سوريا.. إذ حضر عبد الناصر لإلقاء كلمة أمام البرلمان.. يبرر فيها هزيمة مشروعه السياسى.. ببناء إمبراطورية عربية كبرى!!

وبالفعل حضر ناصر.. وبدأ بإلقاء كلمته وما إن قال:

- لقد قررت.. إرسال قوات مصرية الى سوريا!!

حتى ارتجت القاعة بتصفيق هائل.. وتعالت هتافات النواب المؤيدة للقرار الرئاسى.. بارسال القوات!!

ولكن عبد الناصر واصل حديثه بصوت عال وقال:

- ولكننى عدلت عن قرارى حقنا لدماء الأشقاء السوريين!!

حتى اهتزت جنبات القاعة بالتصفيق الحاد.. وتعالت هتافات النواب المؤيدة والموافقة على عدوله عن قراره بإرسال القوات!!

الطريف فى الأمر أن نفس النواب الذين هتفوا فى المرة الأولى لقرار إرسال القوات.. هم أنفسهم الذين هتفوا لعدوله.. عن قراره بإرسال القوات.. طبعاً لم يكن أحد وقتها قادراً على الضحك بصوت عال.. لكن بالتأكيد شعر الشعب - فى داخله - بالمهزلة الكبرى!!

واليوم.. يكرر التاريخ نفسه.. لكن ليس مع الرئيس نفسه.. ولكن مع قراراته وقوانينه!!

فقد ارتكب برلماننا الحالى جريمة ضد نفسه.. جعلته أضحوكة بين العالمين..ففى جلسة واحدة.. وافق البرلمان على القانون بقرار «جمهورى».. الخاص بإقرار «التوقيت الصيفى».. ووافق أيضا على القانون بقرار بالغائه.. يعنى وافق على إقرار القانون.. والغائه فى جلسة واحدة..شوفت المصيبة.. وشوفت حمى الموافقة وصلتنا لايه؟!

بل والأكثر من ذلك شوفت «الشيطان البشرى».. اللى وضع لنا المادة 156 فى الدستور.. والتى تستوجب موافقة البرلمان.. على كل ماصدر من رئيس الجمهورية من قرارات بقوانين.. خلال خمسة عشر يوما.. من انعقاد المجلس.. وإلا اعتبرت لاغية.. وكأنها لم تكن..شوفت المادة الشيطانية دى.. عملت فينا ايه.. وازاى جعلتنا نناقش أكتر من 341 قانون خلال 15 يوماً.. حتى إن المجلس اضطر.. للموافقة على عشرة قوانين فى مائة دقيقة فقط.. يعنى بمعدل قانون كل عشر دقائق.. وهو - بالقطع - أسرع معدل لاصدار القوانين فى التاريخ.. مما يؤهلنا - كما كتبت على صفحتى الشخصية على الفيس بوك - للانضمام إلى موسوعة «جينيس» للأرقام القياسية.. كأمهر وأشطر طهاة وسلق قوانين فى العالم!!

حتى القوانين التى لم يسبق عرضها على الحوار المجتمعى.. مثل قانون الخدمة المدنية.. اضطر المجلس للموافقة عليها..تحت التهديد والترغيب.. بدأ الامر بابتزاز المشاعر الوطنية للنواب.. بخسارة الدولة 17 مليار جنيه.. وتوقف قرضي البنك الدولى.. والبنك الافريقى.. اذا رفض النواب تمرير القانون.. وانتهى الامر بتصريح واضح وصريح من رئيس البرلمان الدكتور على عبد العال.. بان من شأن عدم موافقة البرلمان.. أو تعطيله لاصدار القوانين.. فإن ذلك قد يؤدى لحل المجلس.. خاصة قانون تقسيم الدوائر.. وقانونى مباشرة الحقوق السياسية!!

وهو ابتزاز صريح للنواب.. يكشف عن رغبة «سلطوية» محمومة فى تمرير القوانين.. دون السماح لنواب الشعب بمراجعتها أو مناقشتها.. باستخدام سلاح «المصلحة العامة».. وكأن السلطة - وحدها - تدرك المصلحة العامة.. دون ممثلي الشعب!!

فإما أن يوافق البرلمان على القانون.. كما هو أو يلغيه.. دون أن يكون له الحق.. فى تغيير كلمة واحدة منه!!

وهذا هو المراد من رب العباد.. من قبل الشيطان البشرى.. الذى وضع نص المادة 156 داخل الدستور.. حتى يجعل نواب الشعب.. وشهم فى الحيط.. كما يقولون!!

فإما أن تنضم لطابور الوطنية و«تبصم» على تمرير القوانين.. أو تنضم لصف الخونة والعملاء.. وقد تتهم بالاخونة.. إذا ما تسببت فى تعطيل المسيرة الخالدة..لماكينة توليد القوانين.. وأحياناً بالوعة ضخ التشريعات المرفوضة شعبياً.. شوفت المصيبة اللى احنا فيها.. وجعلتنا نلبس فى الحيط!