رئيس حزب الوفد
د.عبد السند يمامة
رئيس مجلس الإدارة
د.أيمن محسب
رئيس التحرير
د. وجدى زين الدين
رئيس حزب الوفد
د.عبد السند يمامة
رئيس مجلس الإدارة
د.أيمن محسب
رئيس التحرير
د. وجدى زين الدين

 

 

أذكر تماماً، أني في يوم 31 ديسمبر 2010، كنت من بين نزلاء فندق «العنوان» ف دبي، وأني في ذلك العام، قد حضرت احتفالات رأس السنة الجديدة، في برج خليفة، الذي لايزال أعجوبة، من أعاجيب زمانه!

ثم أذكر الآن، أني يوم 31 ديسمبر 2015، قد تابعت مع غيري أنباء عن حريق شعب في الفندق نفسه، وكان أن رجعتُ بخيالي 5 سنوات للوراء، وتصورت حالي لو أني كنت في الطابق العشرين وقت أن بدأ منه الحريق!

إن لك أن تتوقع عواقب حريق يشب في الطابق العشرين، من فندق يتكون من 63 طابقاً، في يوم رأس السنة، بل قبل الاحتفال به بساعة أو ساعتين، بينما المكان بأرجائه يمتلئ بالمقيمين، ومعهم الوافدون، الذين زحفوا ليكونوا من بين شهود الاحتفال والمشاركين فيه!

ما كادت ساعة تمر، علي بدء اندلاع النار، حتي كانت الأخبار تقول، إن سيطرة كاملة قد تمت علي ألسنة اللهب، وأن إخلاء سريعاً قد جري للناس في المكان، وأن أجهزة الدفاع المدني كانت هي الأسرع في الوصول إلي هناك، وأن الذين شاء حظهم السيئ أن يكونوا في الأدوار من 21 إلي 63 لم يلحق بهم أذي، وأنهم قد وجدوا مَنْ يمد لهم طوق النجاة في دقائق، وأن الحصيلة كلها لم تتجاوز 16 مصاباً، منهم 14 كانت إصاباتهم خفيفة، وأن شخصاً واحداً قد أصيب بأزمة قلبية من جراء انفعاله بالواقعة!

أحسستُ، عندئذ، بأن «العنوان» ليس اسماً لفندق في إمارة دبي، بقدر ما هو دليل إلي طريقة عمل، ثم إلي أسلوب أداء فيها.

فهل كانت صدفة، أن يشب الحريق في اللحظات نفسها التي كان الشيخ خليفة بن زايد، رئيس دولة الإمارات، يوجه فيها شكراً إلي الشيخ محمد بن راشد، حاكم دبي، علي ما أضافه إلي الإمارة، طوال سنوات، منذ تولي مسئولية حكمها؟!

وهل كان حريق «العنوان» عنواناً أشمل، علي أن نهضة في مدينة أو إمارة مثل دبي، لم تنهض علي فراغ، ولا قامت علي غير أساس!

من بين كل ما قيل عن الحريق، وعن مهارة أجهزة الإمارة المعنية في تطويقه سريعاً، توقفت عند عبارة واحدة للاستاذة ابتسام الكُتبي، رئيس مركز الإمارات للسيارات، تقول فيها، إن إجراءات الأمن في دبي تتسم بشيئين اثنين: الدقة، ثم اليقظة!

ولقد كان لهاتين الكلمتين معني آخر عندي، هو أن سر دبي، ككيان ناجح، يتمثل في أن كل شخص يعمل فيها، من أول الشيخ محمد نفسه، لأي مواطن أو عامل دون حاكمها، إنما يعمل ما يجيده.. ولابد أن هذا يجعلني أذكر ما كنت قد سمعته ذات يوم، من الدكتور عبدالقادر حاتم، يرحمه الله، عن الشيء الذي أنتج نجاحه، في وقت كان فيه وزيراً للإعلام، والثقافة، والسياحة معاً.. لقد سألته يومها فقال إنها الإدارة بالحب!

ولم أفهم فأضاف شارحاً ما يقصده، وقال إن أساس نجاح أي شخص، في أي مكان، أن يحب ما يفعل، فإذا أحبه، أجاده، وإذا أجاده أنجز فيه وتفوق!

ولست أظن الشيخ محمد بن راشد، بعيداً عن إدارة من هذا النوع!

وحين كنت في مؤتمر القمة الحكومية، في المدينة العام الماضي، رأيتُ وسمعت منه، كيف أن كل ما يشغله هو أن يكون كل إنسان علي أرض الإمارة، سعيداً بوجوده فيها، وأن مدي نجاح الحاكم، أي حاكم، هو قدرته علي أن يخلق هذه السعادة لرعاياه، ومواطنيه، ثم يجعلها في كل عام، محلاً من جانبه للإضافة المقرونة بالإبداع!

كان اندلاع حريق في برج شاهق، وفي لحظة خاصة، مثل لحظة التأهب لاستقبال عام مختلف، كفيلاً، بإفساد المناسبة كلها، في أرجاء المدينة، لولا أن «العنوان» لم يكن اسماً علي برج في مدينة، بقدر ما كان طريقاً إلي ملامح عقلية، تدير هناك، ثم تحكم وتبني!

إنني أدعو كل حكومة، في كل عاصمة عربية، إلي أن تأخذ من «القمة الحكومية» في دبي، الفكرة قبل كل شيء.. الفكرة التي تجعل كل حاكم مهموماً في بلده.. بما عليه أن يقدمه لمواطنيه غداً، لا اليوم.. فاليوم قد جاء وانقضي، والغد هو الذي عليهم كمسئولين عرب، أن ينشغلوا به، وبما يجعل حياة المواطن فيه من خلال خدمات عامة آدمية، أفضل مما كانت عليه، في اليوم السابق، فمن أجل هذا «الهدف» نشأت وتنشأ الحكومات، بل من أجله قامت الدولة كفكرة في الأساس، وما لم تستند الفكرة إلي مضمون، فهي ليست فكرة!

«العنوان» ليس فندقاً شب فيه حريق في دبي.. إنه كل ما سبق!