رئيس حزب الوفد
د.عبد السند يمامة
رئيس مجلس الإدارة
د.أيمن محسب
رئيس التحرير
د. وجدى زين الدين
رئيس حزب الوفد
د.عبد السند يمامة
رئيس مجلس الإدارة
د.أيمن محسب
رئيس التحرير
د. وجدى زين الدين

إشراقات..

فى كل دول العالم.. السير عكس الاتجاه.. «مخالفة» مرورية.. قد تصل الى حد كونها «جريمة».. إذا ما أدت الى وقوع حادثة ووفاة أشخاص!!

وفى كل دول العالم أيضاً.. تتدرج عقوبات السير عكس الاتجاه من الغرامة.. وحتى تصل الى السجن المشدد.. إلا فى مصر.. فإن العقوبة الوحيدة للسير عكس الاتجاة هى القتل بدم بارد!

ارجوك ﻻتتسرع وتتهمنى بالجنون.. فأنا لا اتحدث.. عن جريمة السير عكس الاتجاه فى الطرق.. وقانون المرور المنظم لها.. ولكن اتحدث عن الحياة السياسية!!

فالسير عكس الاتجاه.. فى السياسة حق مشروع.. بل قد يكون فى صالح المجتمع.. اكثر من السير المنضبط في الاتجاه الواحد.. فالاختلاف سنة الحياة.. حتى ان ارادة الله شاءت ان تجعل اصابع اليد الواحدة.. مختلفة من حيث الشكل والحجم والطول.. رغم كونهم مشتركين فى كف واحدة!!

إذن الاختلاف مطلوب.. وهو اثراء للفكر.. ويضىء للحاكم طريقه.. ويحذره قبل اصطدام سفينة الوطن.. بجبل الثلج الذى قد يحطمها تحطيما.. ويمزق اواصرها تمزيقا!!

لكن العيب الكبير.. فى «الخلاف» الذى يجلب الفرقة والتمزق.. ويغذى الشتات والفراق.. اذن «الاختلاف» مطلوب.. بينما «الخلاف» مرفوض!!

فللأسف فإن السياسة فى بلادنا اصبحت اتجاها واحداً.. ولونا واحداً.. وطعما واحداً.. على رأى فناننا العظيم صلاح ذو الفقار.. فى فيلمه الرائع مراتى مدير عام عندما صرخ فى شادية:

كل يوم قلقاس.. كل يوم قلقاس.. ما فيش عندنا غير قلقاس!!

والان قد تسألوننى لماذا اقول هذا الكلام الآن ؟! فأجيبكم.. فى الاسبوع الماضى.. كتبت عن هجرة الاديب علاء الاسوانى الى الولايات المتحدة.. واعتبرتها نتيجة طبيعية لتطفيش المعارضين.. واستهجنت ذلك بشدة.

ودافعت عن حقه فى ان يبدى آراءه.. وان يعارض نظام الحكم في بلده.. بدلاً من الهجرة.. والانضمام لمعارضة الشتات فى الخارج.. ووقوعه فريسة لأعداء مصر فى الخارج.. وهم لن يتوانوا فى استثماره و استغلاله.. فى الاساءة لمصر ونظامها السياسى.. و اتهامه بالبطش والقمع والديكتاتورية!

وقد قلت كل ذلك.. رغم اختلافى مع الأسوانى فى العديد من الآراء والمواقف.. فأنا مثلاً أختلف معه جملة وتفصيلاً.. فى دفاعه المتواصل والمستميت عن نشطاء السبوبة.. من الثورجية الفالصو الذين اتخذوا من الثورية تجارة وحرفة.. بل اعتبروها سبوبة وسيزون.. ينتفعون من ورائها!!

ورغم هذا الاختلاف الجذرى مع الأسوانى.. فإننى على استعداد كامل..  لدفع حياتى ثمنا للدفاع عن حقه.. فى ابداء رأيه.. واتخاذ ما يراه مناسباً من مواقف.. حتى لو لم تتوافق مع آرائي ومعتقداتى.

هذا هو المختصر المفيد لمقالى.. الذى نشرته الخميس الماضى بعنوان : «تطفيش الاسوانى.. وخسارة مصر»!!

وقد فوجئت عقب نشر المقال بالعديد من ردود الأفعال.. أكثرها ـ للأسف - يعترض على المقال.. ويرفض الدفاع عن علاء الاسوانى.. او مجرد التعاطف معه.. بل ويتهمونه بابشع التهم.. حتى وصل بهم الأمر لاتهامه بالخيانة العظمى.. والمطالبة بسحب الجنسية المصرية منه.. وكأن الجنسية المصرية.. باتت منحة نمنحها لمن نشاء.. وننزعها عمن نشاء!!

والقليل من ردود الفعل.. شعرت بالامتنان الشديد لكلماتى.. وأثنوا عليها.. واعلنوا تعاطفهم الشديد مع الأسوانى.. ورفضهم لما يتعرض له هو وغيره ممن يعارضون سياسات نظام الحكم الجديد فى مصر.. من اهانة وتقطيع هدوم.. حتى وصل الامر لحد الاغتيال المعنوى!

حتى وصل الامر لحد ان احد كبار الاعلاميين فى  بلادنا.. خاطبنى معاتبا وقال لى فى اتصال تليفونى.. ارجوك لا تؤيد علاء الاسوانى تانى!! فقلت ولكنى أنا لم اؤيد الاسوانى شخصياً.. فأنا لا اعرفه.. وﻻ تربطنى به صلة شخصية مباشرة.. بل اننى اختلف معه فى العديد من الرؤى والمواقف - كما ذكرت تفصيلاً في صدر مقالى - إنما أنا دافعت عن حق كل شخص في مصر.. فى ان يبدى رأيه في أى شىء يخص البلد.. او يعارض نظام الحكم.. دون ان يهان.. او يتعرض لتدمير سمعته.. او الاغتيال المعنوى لشرفه.. وهو ما قد يدفعه للهروب من البلد.. وهو ما يسىء لمصر ونظامها السياسى فى الخارج!!

فقال.. ولكن الاسوانى ده تحديداً طابور خامس.. وانت بدفاعك عنه.. ستجلب لنفسك الشبهة.. بانك متعاطف مع الطابور الخامس.. وقد يصل الامر لاتهامك.. بأنك الطابور الخامس ذات نفسه!!

شوفتم المصيبة اللى احنا فيها.. حتى عقل النخبة ضربه «الوبا» وأقصد به النظرة الاحادية المتطرفة.. التى تخوِّن المعارض وتنزع عنه صفة الوطنية.. بل هى..  هى نفس النظرة  الداعشية.. التى تكفر المعارض.. وتنزع عنه رداء الاسلام.. ومن ثم تستحل قتله وتهدر دمه..  فما بالكم بعوام الناس.. كان الله فى عونك يا مصر!!

ياسادة.. مطلوب تعليم وتدريس ثقافة الاختلاف فى مدارسنا.. حتى تنشأ اجيالنا القادمة على التعددية.. وحق الاختلاف.. و هو ما سيؤدى لسعة الصدر.. والاهم من كل ذلك سعة الأفق!

[email protected]