عاجل
رئيس حزب الوفد
د.عبد السند يمامة
رئيس مجلس الإدارة
د.أيمن محسب
رئيس التحرير
د. وجدى زين الدين
رئيس حزب الوفد
د.عبد السند يمامة
رئيس مجلس الإدارة
د.أيمن محسب
رئيس التحرير
د. وجدى زين الدين

ما يفعله فلسطينيو القدس ضد الصهاينة والاحتلال "الإسرائيلي" والمستوطنين ـ إن اعتبرناه بداية انتفاضة ثالثة ـ فذلك يؤكد وجود اختلاف نوعي عن الانتفاضتين السابقتين، لأن الشباب الفلسطينيين يتحركون فُرادى ولا يتبعون أي تنظيمات أو فصائل، ولا تربطهم أي علاقات، إلا وسائل التواصل الاجتماعي.

هي إذن صرخة مدوية أطلقها شباب ثائر حر، أمام العالم، بأنهم ليسوا ضعفاء، وأنه إذا انعدمت الإمكانات بين أيديهم، فهم أقوياء بدينهم وهمتهم، ولن يتنازلوا عن حقهم في الوجود، والحياة في وطنهم بشرف وكرامة، كما لن يسمحوا لـ"إسرائيل" بتقسيم الأقصى.

ولعل تمادي "الاحتلال" في استباحته لقبلة المسلمين الأولى، وتطاوله على الأمهات والأطفال العُزل، دفع الشباب ليتحركوا وألا يقفوا صامتين متفرجين على حماقات "المحتل" بحق المسجد الأقصى المبارك، ومحاولات تقسيمه زمانيًا ومكانيًا، غير آبهين بقوته وجبروته وغطرسته.

باعتقادنا، ما يقوم به الفلسطينييون "الشباب" في مواجهة المحتل الغاصب يعد بطولة حقيقية وليس مجرد رد فعل، لأنها رفض شعبي للذل والمهانة التي بات يتلقاها الفلسطينيون ولاسيما المقدسيون الذين يُحرمون من الصلاة في الأقصى وهم بجواره.

بعد الانتفاضتين الفلسطينيتين الأولى والثانية، ثم "الثالثة" التي أُطلق عليها "انتفاضة الخناجر"، يمكن القول إن هؤلاء الشباب يمثلون جيلًا جديدًا من الفلسطينيين الأذكياء المتعلمين، الذين لا يبتلعون الإهانة، بدافع أنه إذا كانوا سيُقتلون في كل الأحوال، فالأفضل أن يبادروا بالهجوم على قاتليهم.

إن ما تمارسه "إسرائيل" من انتهاكات بحق المسجد الأقصى حاليًا يفوق جريمة حرقه في العام 1968، ولعل السنوات الأخيرة شاهدة على تزايد نشاط المجموعات اليهودية المتطرفة لهدم المسجد الأقصى وبناء ما يزعمون أنه "الهيكل الثالث"!

ولا شك أن فلسطين "القضية والشعب" يعيشان في ظل مجتمع دولي فاسد ومُفسد، ومجتمع صهيوني متطرف، وحكومات عدوانية "سادية" متعاقبة، ولذلك لا يمكن تفسير اتهام الفلسطيني بالإرهاب عندما يرفع السلاح، وعندما يُقتل أمام العالم، يُعتبر مبررًا كافيًا لدفاع "المحتل الغاصب" عن النفس!

لقد أثبتت الانتفاضات أن الشعب الفلسطيني هو صاحب الكلمة والمدافع الأول عن حقوقه ومقدساته، ولكن ما يؤسف له حقًا هو ردود الفعل العربية والإسلامية والدولية، "الباهتة والسخيفة"، على ما يدفعه الفلسطينيون في انتفاضاتهم من أثمان باهظة "بشريًا وسياسيًا".

ولكن، مهما حاول الاحتلال سن قوانين أو تثبيت الأمر الواقع، من خلال مساعيه المتكررة وخططه الشيطانية الرامية لتهويد الأقصى الشريف والسيطرة عليه، وتقسيم المسجد مكانيًا وزمانيًا بين المسلمين واليهود، فلن ينجح في ذلك، حتى لو استمر في سيطرته آلاف السنين.

إننا نستغرب، أن أسلحة العرب والمسلمين "الزمجرة والخطابات الرنانة والحناجر الجوفاء" التي تُدَوِّي فقط في القاعات والصالات الفارهة، وأمام وسائل الإعلام، أصبحت معطلة، فغاب المتاجرون بالقضية والمتربحون بها، أمام ضجيج الجرافات الإسرائيلية، حتى أصبح الأمر مألوفًا ومتكررًا على مدى السنين، لا نكاد نرى لسنته تغييرًا.

إن أمتينا "الإسلامية والعربية" أصبحتا في حالٍ يُرثى لها، بعد أن دخلت في غيبوبة طال أمدها، إثر عقود من الذل والهوان والانكسار، ولذلك فإنها تحتاج الآن، أكثر من أي وقت سابق، إلى تضحيات وبطولات، لترسم بنفسها وبيدها، لا بيد عدوها، خارطة المستقبل، لمواكبة ماضيها الزاهر، وتجاوز حاضرها الغابر.

باعتقادنا إنه على رغم الآلام والجراح، ستظل فلسطين ومقدساتها، قضية الأمة المحورية الجامعة, كما ستظل "إسرائيل" مرضًا سرطانيًا، وستبقى العدو الأول ما بقي الاحتلال قائمًا, لأنها قضية أرض وعرض وشرف ومقدسات.. ستبقى "القدس" زهرة المدائن، ما بقي في الأمة رجال يقفون ضد "الذئاب العاوية"، ولا عزاء للخانعين الأذلاء.