عاجل
رئيس حزب الوفد
د.عبد السند يمامة
رئيس مجلس الإدارة
د.أيمن محسب
رئيس التحرير
د. وجدى زين الدين
رئيس حزب الوفد
د.عبد السند يمامة
رئيس مجلس الإدارة
د.أيمن محسب
رئيس التحرير
د. وجدى زين الدين

"الكرامة" في ثقافتنا لها معانٍ عدة، جميعها تصب في عزة النفس وإبائها وشموخها وشرفها ورفضها للإهانة بأي شكل من الأشكال، لأنه لا شيء يجلب الخزي والعار للإنسان أكثر من الخوف والجبن، أو السماح لأي مخلوق أن يمس كرامته.

يتبادر إلى الذهن سؤال مهم: هل يدرك الإنسان معنى الكرامة.. هل تربى على ممارستها أو نهل من منابعها.. هل يستوعب أن الحرية تحتاج فقط الى عقلٍ يدرك معناها.. هل يعلم أن الكرامة هي أعلى القيم الإنسانية؟!

إن كرامة الإنسان تحمل روح القداسة؛ ولكن مع كل أسف؛ قد يربط البشر كرامتهم بسياسات "جبر الخواطر"، و"عفا الله عما سلف"، لتبدأ معها أولى خطوات التنازل، التي تتبعها خطوات أخرى متسارعة نحو السقوط في مستنقع الذل والهوان.  

باعتقادنا؛ قد تضعف الذاكرة أحيانًا، لكنها لا تُمحى للأبد، على رغم أن الكثيرين أصبحوا الآن على موعد دائم مع النسيان وفقدان "مؤقت" للذاكرة، خصوصًا بعد أن شهدت العقود الماضية، تبدلًا وتغيرًا في الخارطة العربية، إثر ظهور النفط، والثراء المفاجئ الذي أصاب بعض البلدان بالتُخمة والثروات!   

منذ المقاطعة العربية لمصر إبان توقيع معاهدة كامب ديفيد المشؤومة مع العدو الصهيوني، نسي أو تناسى العرب ما قدمته مصر على مدار التاريخ، ظنًا منهم أن ثرواتهم "المفاجئة" خالدة للأبد، معتمدين على ذاكرةٍ سرعان ما تتآكل وتُصاب بـ"آفة" النسيان.

لجأ المصريون خلال عقود الفساد السابقة إلى السفر والهجرة، بحثًا عن تحسين أحوالهم المعيشية، التي أرهقتها كثرة الحروب والدفاع عن الأرض والمقدسات والعروبة، وفقًا لمقولة "الرزق رزقان، رزق تطلبه ورزق يطلبك، فإن أنت لم تأته أتاك"!

بعد سنوات طويلة من معانات المصريين في الخارج، تحمل هؤلاء البسطاء، أحط أنواع المعاملة، وكأن قدرهم دفع فاتورة الإخفاق في تحقيق التنمية والعدالة الاجتماعية، فانشغلوا بالبحث عن لقمة العيش، في بلدان قد "تحنو عليهم"!

إن ذاكرة المصريين لا تحتاج إلى عملية تنشيط لإعادة استرجاع أحداث قضَّت مضاجعهم، بدءًا من "النعوش" القادمة من العراق، مرورًا بليبيا، وليس آخرها الاعتداء على أحدهم في الأردن.

تبقى تلك المشاهد المؤلمة عالقة بالذهن لا يمكن محوها بسهولة، لأنه لا يمكن اختزال عقود من استباحة الكرامة الإنسانية في لحظات، سواء أكانت بكلمات أو اعتذارات، حتى لو كانت تصرفات فردية حمقاء!

إن أبناء مصر في الخارج، الذين يتجاوز عددهم تسعة ملايين؛ على أقل تقدير؛ حان وقت حماية كرامتهم، ولا يُكتفى فقط باستحداث وزارة لهم بالخارج، لأنه مع كل أسف، لم يجدوا إلا الجفاء أو التجاهل من بعض سفاراتنا وقنصلياتنا، التي يقتصر عملها فقط على المراسم والبروتوكولات والظهور الإعلامي في المناسبات، أو عند زيارة كبار المسؤولين!

يجب أن تكون لدينا الشجاعة لنواجه بعض الحقائق التي يعرفها العامة قبل المسؤولين، خصوصًا ما يتعلق بدولة خليجية أنهت عقود عشرات الألوف، من دون أي سبب واضح، منذ ثورة 25 يناير وسقوط نظام "مبارك".

ما يُؤسف له حقًا، أن لا أحد ينتبه لمعاناة المصريين بالخارج، إلا إذا كان الأمر يتعلق بـ"حرج سياسي".. وكأن المصريين بالخارج مواطنون من الدرجة الثانية، أو أن الأمر لا يعني أحدًا.

المصريون بالخارج أصابهم الملل من الجمل الإنشائية والكلمات الجوفاء، على مدى أكثر من 30 عامًا، وكلهم رجاء أن تكون هناك بداية حقيقية للتغيير في نهج التفكير التقليدي، من خلال "وثيقة للكرامة الإنسانية"، لكل مصري خارج وطنه، بعد أن كانت منتقصة ومُهانة لأعوام ممتدة.

لقد توقع المصريون في الخارج منذ ثورة يناير أن يستعيدوا كرامتهم التي أُهدرت على مدى عقود، وإنهاء ممارسات بعض الأنظمة ضد العمالة المصرية، وتعمدها توجيه الإهانة لها، في كل أزمة سياسية، من دون مراعاة للكرامة الإنسانية.. وكأن قدر المصريين أن يدفعوا فاتورة المراهقة السياسية لبعض الحكام، ظنًا منهم أن "السكوت علامة الرضا"!