رئيس حزب الوفد
د.عبد السند يمامة
رئيس مجلس الإدارة
د.أيمن محسب
رئيس التحرير
د. وجدى زين الدين
رئيس حزب الوفد
د.عبد السند يمامة
رئيس مجلس الإدارة
د.أيمن محسب
رئيس التحرير
د. وجدى زين الدين

عرضنا في المقال السابق الجزء الأول من التقرير الذي نشره موقع انفورميشن كليرنج هاوس في 23 يوليو للكاتب الشهير بيبي اسكوبار والذي يشرح فيه خطوات ما تقوم به الصين وروسيا من خلق عالم جديد اقتصاديا وسياسيا وعسكريا تكسران به تماما السيطرة الامريكية على العالم، وكيف سيكون طريق الحرير الجديد الرابطة الكبري لدول أوراسيا «اوربا وآسيا» مع مجموعة دول بريكس وهي البرازيل وروسيا والهند والصين وجنوب افريقيا، وكذلك كل دول وسط آسيا، ونعرض في هذا المقال باقي العرض الذي قدمه اسكوبار الذي يستطرد قائلا:

ولا يجب أن تنسى دور ايران، ففي اوائل سنة 2016 بعد رفع العقوبات الغربية عنها ينتظر ان تنضم لمنظمة تعاون شنغهاي فيصبح عدد دولها تسعة، وكما اوضح وزير خارجيتها للتليفزيون الروسي مؤخراً فإن ايران تعتبر روسيا والصين حليفيها الاستراتيجيين فروسيا كانت أهم المساهمين في البرنامج النووي الايراني، وستستمر كذلك، ونفس التعاون سيشمل مجالي النفط والغاز لمساهمة الدولتين في استقرار اسعار الطاقة في العالم.

وعبر أوراسيا تتحرك دول البركس نحو مشروعا الاندماج الاقتصادي، ويعتبر المعبر الاقتصادي لبنجلاديش والصين والهند وبورما مثالاً لذلك، فهو يطور حالياً كطريق متعدد القنوات بين الهند والصين، وفي نفس الوقت تطور ايران وروسيا طريق نقل من الخليج الفارسي وخليج عمان لبحر قزوين ونهر الفولجا، وسيتم توصيل اذربيجان بتفريعة الطريق عند بحر قزوين، بينما تزمع الهند استخدام موانئ ايران الجنوبية لتدعيم اتصالها بروسيا ووسط آسيا وسينشأ ممر بحري يمتد من بومباي الى ميناء بندر عباس الايراني، ثم يمتد الى مدينة استراخان الروسية، وكل ذلك مجرد بداية لما يتم تخطيطه.

ومنذ عدة سنين اقترح الرئيس الروسي بوتين مشروع اوروبا الكبرى ويمتد من لشبونة في البرتغال الى ميناء فلاديفستك الروسي علي المحيط الهادي، وقد تجاهل الاتحاد الاوروبي الاقتراح نتيجة الضغط الامريكي، ثم بدأت الصين حلم طريق الحرير الجديد الذي سيمتد من شنغهاي الى البندقية ومنها الى برلين، وبفضل مجموعة المؤسسات السياسية وصناديق الاستثمار وبنوك التنمية والأنظمة المالية ومشروعات البنية التحتية التي مازالت امريكا ترقبها بقلق فإن منطقة تجارة حرة يتم بناؤها حالياً في اوراسيا وستربط يوما ما بين روسيا والصين واوروبا وجنوب غرب آسيا وقد تمتد لافريقيا، وينتظر أن يكون هذا المشروع نجاحاً صارخاً، فلنفتح اعيننا على ما يجري رغم تجاهل الاعلام الامريكي له، يمثل التطور الأعظم الجديد للعبة الكبري في أوراسيا.

الموقع.. الموقع.. الموقع:

طهران منغمسة تماما حالياً في تدعيم صلاتها بأوراسيا الجديدة هذه والرجل الذي يقود جهد ايران في هذا المجال هو على أكبر ولاياتي الذي يرأس مركز الدراسات الاستراتيجية. ويعمل المستشار الأول في الشئون الخارجية للامام خامنئي، ويؤكد ولاياتي أن امن آسيا والشرق الاوسط وشمال افريقيا ووسط آسيا ومنطقة القوقاز مرهون بالتعاون بين الصين وروسيا وايران، فهو يدرك أن موقع ايران الاستراتيجي حيوي تماما، فهو يقدم افضل الطرق للبحار الرئيسية بالمنطقة بجانب روسيا كطريقها الطبيعي ومعبرها الى دول وسط آسيا شرقاً وغرباً شمالاً وجنوباً، ولذلك فلا عجب ان ايران ستصبح قريباً عضواً بل شريكاً في منظمة شنغهاي، فمواردها من الطاقة حيوية للصين التي تعتبرها مسألة أمن قومي صيني، كما أن ايران تشغل دوراً رئيسياً في طرق الحرير التي يتم تخطيطها.

هذه الشبكة المتنامية من الطرق والخطوط الحديدية وخطوط انابيب الطاقة تمثل رد الصين على اعلان اوباما سيادة امريكا على آسيا ومحاولات البحرية الامريكية التدخل في بحر الصين الجنوبي، فالصين قد اختارت إظهار قوتها عن طريق مجموعة كبيرة من مشروعات البنية التحتية وخاصة القطارات فائقة السرعة التي ستمتد من شواطئها الشرقية الى عمق اوراسيا، وبهذه الوسيلة فان السكك الحديدية التي تبنيها الصين من أورومكي في مقاطعة سينكيان الى ألماتي في كازاخستان ستمتد يوما دون شك الى ايران وتعبرها في الطرق الى الخليج الفارسي.

عالم جديد لمخططي البنتاجون:

في المؤتمر الاقتصادي العالمي في سان بطرسبرج الشهر الماضي صرح بوتين بأن روسيا والصين كانتا تريدان دائما شراكة مع امريكا ولكن واشنطن كانت ترفض، وبذلك دفعت ادارة اوباما الدولتين اللتين كانتا متنافستين في الماضي الى تدعيم علاقتهما وتوثيق رابط عبر اوراسيا الاستراتيجية الكبري.

وحتى الاتفاق الاخير في فيينا بين ايران والغرب لا يتوقع - خصوصاً في ظل عداء صقور الكونجرس - أن يؤدي الى اسقاط حائط عدم الثقة بين ايران وامريكا الذي ظل 36 سنة بل على العكس فعندما تنتهي العقوبات ضد ايران ستجد نفسها مندفعة للاندماج في مشروع التكامل الاوراسي الذي تبنيه روسيا والصين.

ويصر الجنرال فيليب بريدلف قائد حلف الناتو على ضرورة انشاء الغرب لقوة تدخل سريع لمواجهة روسيا، ويزعم وزير الدفاع الامريكي آشتون كارتر أن يفكر جدياً في اعادة نشر صواريخه النووية في أوربا، وصرح الادميرال دنفورد المرشح رئيسا لاركان القوات الامريكية مؤخراً بأنه يعتبر روسيا تهديداً لأمريكا بالفناء، اما قائد السلاح الجوي الجنرال بول سلفا المرشح نائباً لرئيس الاركان فقد عضد تصريح دنفورد عن الخطر الروسي القاتل، واضاف: إن روسيا ثم الصين ثم ايران اخطر على امريكا من داعش الارهابية.

ورداً على الوضع في اوكرانيا ما يسمى خطر صعود روسيا ومن خلفها الصين يقوم حالياً مركز يدعو لاعداد اوربا للحرب، ويسيطر الاعداد للحرب على حلف الناتو الذي يعد سيناريوهات هذه الحرب فوق أرض أوروبا، وكما صرح الاقتصادي مايكل هدسون فان السياسات المالية نفسها تعد للحرب وترتبط بحلف الناتو في هذه الحرب الباردة الجديدة.

وقد اقترح البنتاجون في آخر وثيقة عن الاستراتيجية العسكرية القومية أن خطر حرب بين امريكا ودول اخرى يتنامي وأن هناك اربع دول تمثل تهديدا شديدا لامريكا وهى كوريا الشمالية وروسيا والصين وايران، وتصفهم الوثيقة بأنهم دول عدوانية تمثل خطراً على سلام العالم.

وطبعاً البنتاجون لا يرسم سياسة امريكا، واستمر خلال مفاوضات فيينا مع إيران يتهمها بأنها تحاول انتاج سلاح نووي، وأن الحل العسكري ضد ايران مطروح دائما والمراقب لتصرفات البنتاجون وصقور الكونجرس يرى كيف يحاولون  تخريب الاتفاق مع ايران.

وعلينا ان نراقب الادارة الجديدة في واشنطن هل ستعلن ان روسيا ضاعت من الغرب أم هل سترسل قواتها إليها؟ هل ستقوم باحتواء الصين أو خلافة داعش أم ستتعاون مع ايران على ضرب داعش؟ هل ستحاول جديا السيطرة على آسيا أو التمركز في الشرق الاوسط او العكس؟ وربما تحاول احتواء روسيا والصين وايران والوقيعة بينها؟

في النهاية فمهما كان ما ستفعله واشنطن فإنه سيعكس خوفها الشديد من ازدياد العمق الاستراتيجي لروسيا والصين وتطورهما الاقتصادي، فهي حقيقة واضحة عبر اوراسيا، وقد صرح بوتين لرئيس الصين خلال مؤتمر اوفا الاخير قائلا: «بتوحيد جهودنا سنقهر أي عقبة تقف في طريقنا»، وعلينا ان نفهم ان ما يعنيه بتوحيد جهودها هو طريق الحرير الجديد والاتحاد الاقتصادي الاوراسي ونمو كتلة دول بركس وتوسيع رقعة منظمة تعاون شنغهاي والبنوك الجديدة وكل ما يؤدي الى بداية اندماجية جديدة في دول اوراسيا، وعلى واشنطن التحليق في الجو كالنسر او الصراخ كطائر مذعور.

والى هنا ينتهي هذ العرض الهائل لما يدور في العالم، قوي جديدة صاعدة لا يقف في طريق نموها حائل حقيقي، واستعمار قديم اوشكت شمسه على الغروب يحاول المستحيل للبقاء حياة ولو عن طريق التنفس الصناعي بالطريقة الوحيدة المتاحة له وهي القوة العدونية العسكرية، ولكنه يدرك أنه لو صار في طريق استخدامها حتى نهايته فلدى عدوه قوة مماثلة تضمن أن الفناء سيكون شاملاً لذلك يتخبط الذئب الامريكي المسعور فلا يستطيع المغامرة بحرب فناء، ولا يستطيع في نفس الوقت التسليم بحقائق التاريخ وبأن امبراطوريته العدوانية في طريق الزوال الذي سبقتها فيه بريطانيا وروما والعديد من القوى التي ازدهرت ثم اندثرت.

 

الرئيس الشرفي لحزب الوفد