رئيس حزب الوفد
د.عبد السند يمامة
رئيس مجلس الإدارة
د.أيمن محسب
رئيس التحرير
د. وجدى زين الدين
رئيس حزب الوفد
د.عبد السند يمامة
رئيس مجلس الإدارة
د.أيمن محسب
رئيس التحرير
د. وجدى زين الدين

لا تزال قصة البغدادى الحمودى، آخر رئيس وزراء ليبى مع القذافى، تشتعل كل يوم، ولا تزال تكبر وتكبر في كل صباح، وكأنها كرة من الثلج تزداد حجماً كلما تدحرجت فى أي اتجاه!

والقصة بدأت يوم الحكم على البغدادى، بالإعدام، قبل نحو أسبوعين، وكان الحكم قد صدر عليه، وعلى آخرين، بينهم ابن القذافى، لولا أن البغدادى قد حظى باهتمام من نوع ما، وخصوصاً مسألة تسليمه من تونس إلي ليبيا، أيام أن كان المنصف المرزوقى رئيسًا في الجمهورية التونسية.

ولم يكن الاهتمام بالقصة كلها، علي مستوي الإعلام، يرجع إلى أن حكماً بالإعدام رمياً بالرصاص قد صدر عليه، ولا كانت القصة أنه جرى تسليمه، دون أن تتوافر ضمانات عادلة له، خلال محاكمته، ولا كانت، مثلاً، أنه آخر رئيس وزراء كان يعمل مع القذافى، ولا.. ولا.. إلى آخر ما يمكن أن يقال عنه، بعد الحكم عليه، وإنما كانت القصة كلها، في أن تسليمه تم في أثناء أن كان حمادى الجبالى، قيادى حركة النهضة الإسلامية التونسية، رئيساً للحكومة، وكان المنصف المرزوقى رئيساً للجمهورية.

وكان السؤال الذى تم طرحه، يوم صدور حكم الإعدام، عما إذا كان المنصف قد وافق على عملية التسليم، أم أنها تمت من وراء ظهره، ومن دون علمه، وبقرار من حركة النهضة وحدها؟!

وكان مرجع السؤال إلى أن المنصف يجرى تصنيفه على أنه حقوقى كبير، وأنه مهتم بحقوق الإنسان عموماً، قبل أن يكون رئيساً للدولة، وأنه ناضل في هذا السبيل، سنوات طويلة، ولذلك، لم يكن مقصوراً أن يكون قد وافق على تسليم البغدادى، وإذا كان قد وافق، فلم يكن أحد يريد منه أكثر من أن تكون لديه الشجاعة الكافية، لأن يعترف، بأنه كان علي علم بتسليم الرجل، لا أكثر من هذا، ولا أقل منه!

المشكلة الحقيقية، أنه نفي حين أثير الموضوع، علمه بالملف من أصله، ونفي أن تكون له علاقة بالتسليم من أوله إلى آخره، وغسل يديه من الأمر كله، وألقى بالمسئولية كلها، على حكومة حمادى الجبالى!

وعندما تكلم الأخير، في صحيفة «الشرق الأوسط» التي تصدر في لندن، صباح الأحد، فإنه قال كلاماً آخر تماماً.

قال الجبالى إن ليبيا طلبت تسليم البغدادى، أثناء حكومة الباجى قايد السبسى، رئيس الجمهورية الحالى، والذى كان رئيس الحكومة السابقة على حكومة الجبالى، وأن حكومة السبسى يبدو أنها رفضت، وأن الطلب أعيد طرحه من جديد، مع حكومته، وأن التسليم تم في أيامه فعلاً، ولكن بعلم كامل من المنصف!

بقية كلام الجبالى، أنه ناقش الأمر وقتها مع المنصف، وأن المنصف قال له إنه لا يمانع في تسليم البغدادى، وأن كل ما يخيفه، أن يتعرض البغدادى للتعذيب، أو أن يصدر عليه حكم بالإعلام، فيؤدى ذلك إلى حرج له، كحقوقى قديم، وعتيد!

ما يحيرك، أن المنصف كان في إمكانه أن ينصف نفسه، وأن يقول إنه كان متخوفاً مما حدث مع رئيس وزراء ليبيا السابق، وأن ما تخوف منه قد حصل، وأنه بريء من دمه!

كان في إمكانه أن يقول هذا، ولكنه اختار ألا يقول الحقيقة، فما كان إلا أن سقط في الفخ الذي نصبه الخصوم، لأسباب تتعلق بانتخابات مقبلة، ويريد هؤلاء الخصوم، أن يكسبوا فيها شعبية بإثارة مثل هذه القضية!

وبصرف النظر عن فخ الخصوم، فإن ما نريد أن نسمعه الآن، هو رد المنصف على كلام الجبالى، لأن المعنى الوحيد لكلامه، أن المنصف يكذب علينا عن عمد، وأنه قال كلاماً مغايراً لكل الحقيقة عن قصد!

وما يهمني في الحكاية، هي جرأة السياسي في عالمنا العربى علي الكذب على الناس، مع أنه يعلم جيداً، أن السياسي في أوروبا التي عاش فيها المنصف، سنين عديدة، يفعل أي شيء، إلا أن يكذب، لا لشيء، إلا لأن الكذب هناك لا حل له ولا غفران، ولأن مصير السياسي الكذاب، هو الاختفاء كاملاً عن الأنظار مدى حياته! أما عندنا، فالعكس ربما يكون هو الصحيح!

وقد نالنا نحن هنا في مصر، الكثير من تصريحات أخيرة للمنصف، وأظن أنه ليس في حاجة، الآن بالذات، إلى قذف بيوت الآخرين بالطوب!