رئيس حزب الوفد
د.عبد السند يمامة
رئيس مجلس الإدارة
د.أيمن محسب
رئيس التحرير
د. وجدى زين الدين
رئيس حزب الوفد
د.عبد السند يمامة
رئيس مجلس الإدارة
د.أيمن محسب
رئيس التحرير
د. وجدى زين الدين

تعيش تركيا "الإمبراطورية العثمانية سابقًا"، مشهدًا جديدًا ومفاجئًا لم تعهده منذ ثلاثة عشر عامًا، حين تسلم حزب العدالة والتنمية زمام الحكم في البلاد، حيث جاءت نتائج الانتخابات الأخيرة مزعجة ومقلقة للنظام الحاكم في أنقرة.

وعلى رغم تقدم حزب أردوغان في الانتخابات البرلمانية للمرة الرابعة على التوالي، بفارق كبير عن أقرب منافسيه، إلا أن نسبة الفوز غير المريحة تجعله عاجزًا عن تشكيل حكومة بمفرده، وهو ما يفتح الباب واسعًا لعدة سيناريوهات، لكنها تبقى مرهونة باجتياز اختبارات صعبة.

نظريًا، هناك العديد من السيناريوهات المتوقعة، لكن حالة الاستقطاب الشديد، والمواقف المعلنة فور إعلان النتائج، يجعل أصعبها واردًا، وهو أنه في حال فشل تشكيل الحكومة خلال 45 يومًا، تكون الدعوة لانتخابات مبكرة أمرًا حتميًا، وهو ما لا يتمناه أردوغان ونظامه.

عمليًا، يمكن القول إن خيار دخول "العدالة والتنمية" في ائتلاف مع الأحزاب الرئيسية، يبدو أمرًا صعب التحقق، خصوصًا مع "الشعب الجمهوري"، نظرًا للتناقض الكبير بين البرامج والموروث السياسي والتاريخي، أو مع "الشعب الديمقراطي"، الذي يفضل البقاء في صفوف المعارضة.

يبقى القول إن الوضع معقد للغاية، ولا يمكن التنبؤ بما ستسفر عنه المشاورات بين القوى السياسية خلال الأسابيع القليلة القادمة، نظرًا لصعوبة كافة السيناريوهات المطروحة، وبالتالي تضاؤل فرص نجاحها، أمام الحزب الحاكم.

إن معطيات "المسلسل" السياسي التركي، بكل تعقيداته واستقطاباته، لم تجعل أمام أردوغان وحزبه مفرًا من تقديم تنازلات صعبة ومؤلمة، إن أراد تشكيل حكومة جديدة، وإلا فالانتخابات المبكرة مطروحة بقوة، وهو ما لا تتمناه جميع الأحزاب والقوى السياسية.

ما حدث في الانتخابات الأخيرة قد يدفع النظام الحاكم في تركيا أن يعيد قراءة المشهد داخليًا وخارجيًا، بعد تدخله بشكل أو بآخر في بعض التطورات التي تحدث في المنطقة، ووجود أزمات حقيقية مع كثير من الدول المجاورة، بل والدخول في "معارك" مع بعض الأنظمة التي تحكم حاليًا.

نعتقد أن المزاج العام للناخب والمواطن التركي، قد تغير قليلًا، خصوصًا في ظل الشحن الإعلامي المتزايد للمعارضة التركية، التي نجحت في استغلال بعض سلبيات وأخطاء السياسة الخارجية، لحشد وتجييش الناخبين ضد الحزب الحاكم.

ويمكن القول إن النتائج الأخيرة المخيبة للآمال ـ بالنسبة لـ"العدالة والتنمية" ـ قد تشغل قياداته لبعض الوقت، في أمر تشكيل الحكومة، مما قد يفقدهم جزءًا لا يُستهان به من دورهم في أحداث المنطقة الملتهبة، والذين كانوا أبرز اللاعبين المؤثرين فيها.

كما نعتقد أن نتائج الانتخابات ستُلقي بظلالها ـ إلى حين ـ على الملف النووي الإيراني، وتصاعد الأحداث المأزومة في سوريا والعراق وليبيا واليمن، وبالتالي لن تكون بعيدة أيضًا عن قطر وحركة حماس وجماعة الإخوان. 

وأخيرًا نعتقد أن كل الخيارات تبقى مفتوحة لسنوات مقبلة من التطور السياسي الناعم في "المسلسل التركي"، وإن كان ثمة ملاحظة مهمة في نتائج الانتخابات الأخيرة فهي أنه يمكن هزيمة أصحاب التوجهات الإسلامية عبر صناديق الاقتراع، دون اللجوء إلى العنف أو القوة.