رئيس حزب الوفد
د.عبد السند يمامة
رئيس مجلس الإدارة
د.أيمن محسب
رئيس التحرير
د. وجدى زين الدين
رئيس حزب الوفد
د.عبد السند يمامة
رئيس مجلس الإدارة
د.أيمن محسب
رئيس التحرير
د. وجدى زين الدين

القصة رغم أنها ذات حلقات متعددة، ورغم أنها دارت بحلقاتها تلك، في أربع عواصم عربية، ورغم أن مداها الزمني قد استغرق ما يقرب من الشهر، هو شهر مايو الماضي، إلا أن معناها، رغم كل هذا، ورغم غيره، يظل معني واحداً، ويبقي جديراً بالتأمل، وبمحاولة الفهم، وبالرغبة الجادة في الاستيعاب.

البداية كانت في الرياض، حين أعفي خادم الحرمين الشريفين، الملك سلمان بن عبدالعزيز، وزير الصحة، بسبب حدة بدت منه، في أثناء حوار جري بينه وبين مواطن، وهي حدة رآها الملك، حين وضعوها أمامه، غير جائزة، وغير مقبولة، من جانب الوزير أي وزير، في حق المواطن، أي مواطن.. فكان القرار بإعفاء الوزير من المنصب.

بعدها بأيام، كنا علي موعد مع الحلقة الثانية من القصة ذات المعني الواحد، ولكن في الرباط هذه المرة، وكانت تتعلق في العاصمة المغربية، بثلاثة وزراء معاً، لا وزير واحد!

لقد تقدم وزير العلاقات مع البرلمان والمجتمع المدني، ووزيرة البحث العلمي المنتدبة، باستقالتيهما إلي الملك محمد السادس، ملك المغرب، بعد أن تداولت وسائل الإعلام، أشياء كثيرة، حول ما قيل إنه قصة حب بينهما، تطورت إلي مشروع زواج علي وشك أن يتم، ورغم أن الوزير والوزيرة، لم يرتكبا شيئاً يعيب أياً منهما، إلا أنها فيما يبدو، قد رأيا أن يعفيا الملك، ومن ورائه عبدالإله بن كيران، رئيس الحكومة، من أي حرج، قد يسبباه لهما، فبادرا بالاستقالة.

في التوقيت ذاته، كان الملك المغربي قد أعفي وزيراً ثالثاً، من منصبه، لأنه اشتري كميات من الشيكولاته الفاخرة من مالية الوزارة، ووزعها في حفل عائلي.. ومن قبل، وتحديداً في يناير الماضي، كان الملك أيضاً، قد أعفي وزير الرياضة، من المنصب، بعد عيوب ظهرت في مجمع رياضي في العاصمة، أثناء مباراة جرت عليه.

ثم كان المتابعون للقصة، علي موعد مع حلقتها الثالثة، في القاهرة، عندما صرح وزير العدل بكلام في برنامج تليفزيوني عن عدم وجود مكان في وظائف القضاء، لأبناء عمال النظافة، فقامت الدنيا ولم تقعد، إلا بعد استقالة الوزير!

لم تقعد الدنيا، إلا باستقالته، رغم أن الرجل في نص كلامه، لم يقصد الإساءة إلي عمال النظافة، ولا إلي أبنائهم، ورغم انه تكلم عنهم باحترام شديد، إلا أن الرأي العام لم يتقبل الكلام، وراح يخيره بين الاعتذار، وبين الاستقالة، فاختار الوزير الثانية.. اختار الثانية لأنه لم يشأ أن يضحك علي نفسه، ولا علي الناس، فيعتذر لهم عما هو مقتنع به.. اختار الثانية، وقد كان في إمكانه أن ينافق الرأي العام الهائج، بكلمتين، أي كلمتين، ولكنه لم يرضها لنفسه، ولم يحب أن ينافق أحداً، ولا أن يغازل أحداً، حتي ولو كان الثمن هو المنصب الوزاري بكل هيلمانه!

بعدها، كنا علي موعد مع الحلقة الأخيرة مع القصة، في عمّان، حيث أعفي الملك عبدالله الثاني، وزير داخليته، من منصبه، لملاحظات قيل إنها تم رصدها علي عمله، كوزير مسئول عن ملف الأمن هناك.

شيء من هذه القصة الرباعية، لم يكن وارداً من قبل، وتحديداً فيما قبل ما صار معروفاً بيننا بأنه ربيع عربي!

فإذا سألتني علاقة القصة، بحلقاتها الأربع، بالربيع إياه، إذا جاز بالطبع أن يتسمي بهذا الاسم، فسوف أقول لك، إن العلاقة التي تبدو لي، هي علاقة علي مستوي الرأي العام في أنحاء العالم العربي، وكيف أن حساسية السلطة، ممثلة في الملوك، والرؤساء، والوزراء، إزاء هذا الرأي العام، صارت شديدة، ولم يعد أحد من المسئولين في العواصم الأربع، أو في غيرها، قادراً علي أن يتجاهل ما يموج به الرأي العام بين الناس، ولا عاد أي من مسئولينا في مقدوره، أن يسكت عما يراه ينال من حق المواطن في عمومه، عند سلطة بلده.

إنني أتطلع إلي القصة، وأتناولها هنا، بقدر ما تسمح به ظروف المساحة المتاحة، موقناً بأنها كقصة تظل في حاجة إلي أن نظل نسترجعها، ونستعيد حلقاتها، التي قد تزيد علي أربع في المستقبل، وأن نظل أيضاً نتدبر معانيها.

فإذا بقي حيز لكلمة تقال للرأي العام، الذي راعاه الملوك والرؤساء الذين أعفوا مسئوليهم، أو الوزراء الذين استقالوا من تلقاء أنفسهم، فهذه الكلمة هي أن خطأ المسئول في مكانه، وارد جداً، بل إنه ما دام يعمل، فلابد أن يخطئ، بشرط أن يكون، وهو يخطئ، قد راعي الصالح العام في عمله، وأن يكون حسن النية.

إذا توافر هذان الشرطان، في خطأ المسئول، في أي موقع، فأظن أنه خطأ يمكن أن يكون مقبولاً، وأن يصادف نوعاً من التفهم لدي مستقبليه، ومع ذلك، فإن مثل هذا الخطأ البشري الوارد، لم يعدْ الرأي العام يتقبله، ربما بدافع من سنوات أربع أو خمس، كانت ولاتزال تضغط علي أعصابه، منذ بدء ما لا يزال بعضنا يعتبره ربيعاً!