رئيس حزب الوفد ورئيس مجلس الإدارة
د.عبد السند يمامة
رئيس مجلس التحرير
سامي أبو العز
رئيس التحرير
ياسر شورى
رئيس حزب الوفد ورئيس مجلس الإدارة
د.عبد السند يمامة
رئيس مجلس التحرير
سامي أبو العز
رئيس التحرير
ياسر شورى

خلى بالك من زوزو.. السينما التى كانت

فيلم خلى بالك من
فيلم خلى بالك من زوزو

تحية كاريوكا وعباس فارس إضافة كبيرة للفيلم
 

مهما مرت السنوات تظل هناك علامات سينمائية خالدة، هذا العام مرت خمسون عامًا على إنتاج وعرض فيلم «خلى بالك من زوزو» الذى عرض لأول مرة فى دور العرض يوم 6 نوفمبر 1972.

 

الفيلم قصة حسين الإمام، سيناريو وحوار صلاح جاهين، موسيقى كمال الطويل، بطولة نخبة من ألمع النجوم، سعاد حسنى وحسين فهمى وتحية كاريوكا وسمير غانم وعباس فارس وزوزو شكيب وشفيق جلال ونبيلة السيد ووحيد سيف وإخراج مخرج الروائع حسن الإمام. ونستعرض فى هذا التقرير كواليس الفيلم وكيف حقق هذا النجاح ولماذا استمر فى وجدان الملايين بعد 50 سنة.

خلى بالك من زوزو

لا يخفى على الجميع أن الفيلم حقق نجاحاً اسطورياً واستمر عرضه لمدة عام. وهو بالطبع دخل قاعة أفضل 100 فيلم فى تاريخ السينما ويحتل المركز رقم 79.

 

الواد التقيل ما زال لقب حسين فهمى بعد نصف قرن

 

قصة الفيلم تبدو مختلفة وتدور حول زينب بنت الراقصة المعتزلة الطالبة الجامعية المتفوقة علمياً ورياضياً التى تعمل فى نفس الوقت راقصة تقع فى حب مخرج مسرحى وسيم، وتعيش فى صراع بين حياتها الجامعية، وعملها كراقصة، خاصة بعد أن يعلم زملاؤها وزميلاتها حقيقة عملها كراقصة، ويقف بجانبها الشاب الوسيم حتى تستطيع التغلب على مشكلاتها.. لسنا هنا بصدد عرض قصة الفيلم الذى يعلمها الجميع، ولكننا نقف عند عدة نقاط، بداية من السندريللا الراحلة سعاد حسنى إحدى أفضل الممثلات فى تاريخ السينما المصرية التي كانت قد وصلت لمرحلة النضج الفنى المبكر 1968 عندما قامت ببطولة فيلم الزوجة الثانية، ولكنها اتجهت بعد ذلك لبطولة عدد من الأفلام الحزينة نسبياً والكئيبة أحياناً وهى أفلام: بئر الحرمان، نادية، الحب الضائع، غروب وشروق، شىء من العذاب، زوجتى والكلب.

خلى بالك من زوزو

صعود الوجوه الجديدة محيى إسماعيل ومحمد متولى وقيس عبدالفتاح من بوابة الفيلم

 

وكان «خلى بالك من زوزو» يحمل طابعًا مختلفًا، وكان فى الحقيقة نقلة هائلة فى تاريخ سعاد حسنى جمعت فى هذا الفيلم من خلال شخصية زينب عدة جوانب، الفتاة المرحة الكوميدية والحزينة فى نفس الوقت. وكانت بحق نجمة استعراضية من الطراز الرفيع. غنت أشهر أغانيها «يا واد يا تقيل» التى حققت بمفردها نجاحاً مذهلاً وهى من تأليف صلاح جاهين، ألحان كمال الطويل، وكانت هذه الأغنية عودة له بعد سنوات من التوقف عن التلحين.

 

الشاعر الكبير الراحل صلاح جاهين تعرض لنقد هائل بسبب كتابته للسيناريو والحوار وأغانى الفيلم بعد أن كان يكتب وطنيات خالدة للعندليب الراحل عبدالحليم حافظ. وتحدى صلاح جاهين هذا النقد وأكد للجميع أن هذا العمل هيكسر الدنيا وهذا بالفعل ما حدث، ومنذ هذا الفيلم توثقت العلاقة بشكل هائل بين سعاد حسنى وصلاح جاهين، وقدم لها العديد من الأعمال الناجحة حتى رحيله فى أبريل 1986. ولحن لها أجمل أغانيها: «الدنيا ربيع»، «بمبى»، «بانوا على أصلكم»، «صباح الخير يا مولاتي». الفنان حسين فهمى بطل الفيلم أمام السندريللا «الواد التقيل» ومازال هذا الوصف يرتبط به حتى الآن بعد نصف قرن.

 

صدفة فى إشارة مرور بين سعاد حسنى وكمال الطويل كانت بداية أغنية يا واد يا تقيل

 

كان لا يزال فى بداية الطريق شارك قبل هذا الفيلم فى بطولة عدد قليل من الأفلام منها: «نار الشوق»، و«دلال المصرية»، كان هذا الفيلم هو بداية النجومية الحقيقية لحسين فهمى الذى بدأ حياته كمخرج سينمائي. ولكن اتجه للتمثيل بناء على نصيحة أحد المخرجين الكبار. ولم تكن وسامته فقط هى سر نجاحه، بل الأساس أنه ممثل جيد للغاية واستطاع الحفاظ على مكانه على مدى خمسين عامًا متصلة. وأصبح بعد هذا الفيلم نجم شباك مع نجوم جيله محمود يس ونور الشريف. مما أضاف ثقلًا على هذا الفيلم، حسن اختيار كافة أبطال الفيلم.

 

النجمة الكبيرة تحية كاريوكا التى جسدت دور الأم باقتدار شديد، واستطاعت أن تعبر ببنتها عبر الأمان.. وأدت مشهدًا عبقريًا عندما اضطرت للرقص ولم ترم ابنتها ورقصت بدلًا منها. حينما أردت أسرة حبيبها فضح أمرها. ولا ننسى الفنان العملاق عباس فارس الذى جسد دور والد حسين فهمي بصوته الأجش ودمه الخفيف. فنان أعطى نقلة هائلة للفيلم. ومعه زوجته الشريرة زوزو شكيب التى تريد أن تزوج ابنتها لحسين فهمي، والنجم الراحل سمير غانم، الذى أضفى على الفيلم مزيدًا من الرونق بروحه الكوميدية فى شخصية «سليمان الأنكش» وصديقه الشاب الوسيم سعيد الذى كان جسر المحبة والسلام بين زينب وسعيد بطلى الفيلم.

 

نفس الأمر بالنسبة للنجمة نبيلة السيد والنجم وحيد سيف وهما كوميديان بالفطرة. ولا ننسى الفنان والمطرب الشعبى الراحل شفيق جلال الذى نجح باقتدار فى تجسيد شخصية زوج تحية كاريوكا.

 

كما شهد هذا الفيلم ظهور شباب جدد أصبحوا بعد ذلك من النجوم منهم الفنان القدير محيى إسماعيل صاحب أفيش جمعاء فى هذا الفيلم، وجسد شخصية الشاب المعقد، والشباب الآخرون محمد متولى وقيس عبدالفتاح.

 

حدث ولا حرج عن عبقرية مخرج الروائع حسن الإمام الذى برع تمامًا فى إخراج هذا الفيلم وتصوير الأغنيات والاستعراضات خاصة أغنية «يا واد ياتقيل»، أغنية سبقت عصرها.. فيديو كليب على أعلى مستوي. ونقل عبقرى للكاميرا بين الشارع وسلم المنزل وحتى نظرات حسين فهمى كانت فى محلها خاصة فى جملة سعاد حسنى «ماتقولش أمين شرطة اسم الله ولا دبلوماسي»، واستعراض «خلى بالك من زوزو» فى نهاية الفيلم بمشاركة مئات وربما آلاف من المجاميع.

خلى بالك من زوزو

ربما لا يعلم الكثيرون أن الصدف العديدة كانت وراء هذا الفيلم، فى مطلع عام 1972 جمعت الصدفة بين المخرج حسن

الإمام والشاعر صلاح جاهين على سلم ماسبيرو حيث قال جاهين لحسن الإمام ماعندكش فكرة فيلم كويس، قال له عندى وكان هذا مولد الفيلم.

 

لحن «يا واد يا تقيل» ولد فى شارع طلعت حرب بالقاهرة حينما جمعت الصدفة بين سعاد حسنى وكمال الطويل فى إشارة مرور وعرضت عليه تلحين الأغنية ووافق الطويل على الفور.. الطريف أنه انتهى من وضع اللحن فى ساعات قليلة.

 

الفنانة لبنى عبدالعزيز كانت مرشحة لبطولة الفيلم واعتذرت لسفرها إلى أمريكا، ويقال إن الشاعر صلاح جاهين رشح زوجته منى قطان لبطولة الفيلم ولكن حسن الإمام رفض بشكل قاطع ورشح سعاد حسنى لبطولة الفيلم وكان الاختيار فى محله تماماً.

 

الفيلم شارك فى إنتاجه عدة جهات: شركة صوت الفن والشركة المصرية العامة للسينما وتاكنور انطونيان، ويقال إن أجر سعاد حسنى فى هذا الفيلم 3000 جنيه، وحسين فهمى 1000 جنيه، أما تكلفة الفيلم فهى غير معروفة، ولكن بالتأكيد أرباح الفيلم كانت خيالية. وربما كان هذا الفيلم نقلة جديدة فى تاريخ السينما الاستعراضية، حيث شهدت فترة السبعينيات العديد من الأفلام الاستعراضية الغائية التى حققت نجاحاً منها، حكايتى مع الزمان وآه يا ليل، يا زمن لوردة وأميرة حبى أنا لسعاد حسنى أيضاً، وجف الدموع لنجاح ومحمود يس، ومولد يا دنيا لعفاف راضى وأمراتان لنيللى.

 

كما شهد عام 72 نفسه العديد من الأفلام الناجحة منها: زمان يا حب لفريد الأطرش وزبيدة ثروت وذات الوجهين لشادية وعزت العلايلى وعماد حمدي، وصوت الحب لوردة وحسن يوسف.

 

يا خسارة كان عندنا سينما حقيقية من خمسين سنة رغم الظروف الاقتصادية فى ذلك الوقت.

خلى بالك من زوزو

وشاء القدر أن يتم ترميم الفيلم بعد 50 سنة من إنتاجه وذلك فى مهرجان سينما البحر الأحمر الذى أقيم مؤخراً فى المملكة العربية السعودية. وهذا أول فيلم يتم ترميمه ضمن فعاليات هذا المهرجان، وعبر الفنان حسين فهمى بطل هذا الفيلم ورئيس مهرجان القاهرة السينمائى عن سعادته بترميم هذا الفيلم الذى يعتبره واحدًا من أجمل الأفلام فى تاريخ السينما المصرية والعربية وتوفرت له كافة عناصر النجاح الساحق من تأليف وإخراج وإنتاج وكل من شارك فى هذا الفيلم حتى ولو كانت أدوارًا صغيرة وهامشية.

 

ورغم النجاح الساحق لفيلم الزوجة الثانية 1968، إلا أن هذا الفيلم وضع سعاد حسنى فى القمة ولعدة سنوات وكان بداية انطلاقة جديدة فى مسيرتها الفنية.

 

وأثبتت نفسها كممثلة وفنانة استعراضية من الطراز الرفيع النادر ولكن تعرض على مناخ السينما فى تلك الفترة مشاركة ممثلين كبار فى هذا الفيلم فى أدوار ثانية وثالثة، تحية كاريوكا وعباس فارس وزوزو شكيب نجحوا باقتدار فى تجسيد الشخصيات، العالمة والأم والأب الحنون وزوجة الأب القاسية فى كل شيء.

 

الفيلم حمل فى طياته العصر الذهبى للسينما المصرية، الممثلة فى السينما الغنائية الاستعراضية ومنذ سنوات عديدة توقف هذا النوع من الأفلام ليس فقط لأسباب اقتصادية وإنتاجه بل لعدم وجود مواهب.. لم يعد لدينا فنانة بحجم سعاد حسنى أو حتى أقل منها.

 

لم يعد لدينا شاعر موهوب فى حجم صلاح جاهين، لم يعد لدينا مخرج عبقرى بحجم حسن الإمام، لم يعد لدينا موسيقار بحجم كمال الطويل أو بليغ حمدى أو محمد الموجى، المناخ تغير تماماً وأصبح الإبداع شيئًا نادرًا أو شبه منعدم فى مناخ السينما المصرية.

 

بعد نصف قرن من الزمان مازلنا نذكر «خلى بالك من زوزو» ويتم ترميمه فى مهرجان دولى كبير، الفن الحقيقى لم ولن يموت مهما مرت السنوات، وهناك أفلام مر على إنتاجها شهور وفى طى النسيان، هذا هو الفرق بين فن حقيقى وسينما التيك أواى.. رحم الله كل القائمين على الفيلم الخالد «خلى بالك من زورو».