رئيس حزب الوفد ورئيس مجلس الإدارة
د.عبد السند يمامة
المشرف العام
سامي أبو العز
رئيس التحرير
ياسر شوري
رئيس حزب الوفد ورئيس مجلس الإدارة
د.عبد السند يمامة
المشرف العام
سامي أبو العز
رئيس التحرير
ياسر شوري

العيد أحلى مع "لمة العيلة"

بوابة الوفد الإلكترونية

 

«لبنى»: ظروف الحياة حرمتنا من «اللمة الحلوة».. و«إيمان»: المشاركة فى الأضحية أعادتها إلينا

خبراء: صلة الرحم واجب دينى واجتماعى

 

أسهم التطور التكنولوجى فى تغيير الكثير من عاداتنا خاصة فى الأعياد، فبعد أن كان العيد يعنى «لمة العيلة» وتجمع الأصدقاء والأقارب فى بيوت الكبار وقضاء أحلى الأوقات فى تبادل الأحاديث الممتعة، تغيرت الأحوال وأصبحت التكنولوجيا هى صاحبة اليد العليا، فرسالة واحدة تكفى للمعايدة على الجميع، وداخل المنزل لم يعد أفراد الأسرة الواحدة يلتقون إلا بالصدفة بينما يحتل المحمول أو الكمبيوتر عقل كل منهم، وقديما كانت البيوت تتزين لاستقبال الأقارب والضيوف ويرتدى الجميع الملابس الجديدة، إلا أن معظم هذه المظاهر اختفت الآن بعد أن سرقتها التكنولوجيا.

 وتقول «لبنى» إحدى ربات البيوت، إن فرحة قدوم العيد قديمًا كانت لا تضاهيها أى فرحة أخرى، وأضافت: «كنا نعد لذبيحة العيد، ويتجمع الأهل والأقارب لمشاهدة الأضحية، وكانت فرحة العيد الحقيقية فى لمة العائلة والأصدقاء فى بيت الجد، وهو الشىء الذى أفتقده حاليًا بسبب ظروف الحياة، فكل منا أصبحت له حياته الخاصة وظروفه المختلفة، وأصبح من الصعب تكرار هذا التجمع مرة أخرى».

وتشاركها الرأى «فاطمة» التى أكدت أن العيد كان مناسبة جيدة للتجمع العائلى، ولكن الآن أصبح التجمع صعبًا للغاية، خاصة بعد وفاة الأجداد، وكأننا جميعا ننتظر لحظة ذبح الأضحية، وبعدها تتسابق أمهاتنا فى إعداد أشهى الأطباق لتجلس العائلة كلها على مائدة واحدة نتشارك الطعام والضحكات، ونستعيد الذكريات التى ظلت محفورة فى ذاكرتنا حتى الآن، فالعيد فرصة لكى يلتقى كل أفراد العائلة، وفرصة للصغار لكى يلعبوا ويشعروا بمشاعر الدم والأخوة، ولكن للأسف لم يعد ذلك ممكنًا الآن فمسئوليات الحياة فرقتنا جميعًا.

فيما ترى «إيمان» أن هناك بعض الأسر ما زالت مصرة على التجمع فى العيد، مؤكدة أنه رغم ارتفاع أسعار الأضاحى، إلا أن زوجها يصر على مشاركة أخيه فى الأضحية، كنوع من صلة الرحم، فارتفاع الأسعار ساهم فى اشتراك الأهل فى أضحية واحدة، لينتهى بهم المطاف، على طاولة واحدة بها ألوان وأشكال مختلفة من الأطعمة لتعود اللمة مرة أخرى

 صراع الأجيال

بمرور السنين تغيرت العديد من الأمور، ففى الثمانينات والتسعينات ظهر جيل جديد تغيرت معه كثير من الملامح بصورة تعكس «الفجوة بين الأجيال» التى وصفتها ريهام عبدالرحمن، استشارى الصحة النفسية والإرشاد الأسرى والتطوير الذاتى، بأنها «صراع دائم لن يتوقف ولن ينتهى، وكل جيل يخرج على عادات وثقافة الجيل الذى قبله، قد يكون ذلك بصورة قليلة أو كبيرة، لكن فى كل الأحوال تحدث فجوة قد تؤدى إلى صراع، وقد يكون هذا الصراع محتدماً لدرجة أن كل جيل يرفض الآخر أو يعترض على طريقة قضائه للمناسبات أو احتفالاته وكل أشكال الحياة»، ويرجع هذا لطبيعة الحياة فى الوقت الحالى وتداخل وتفاعل العوامل الاقتصادية والتكنولوجية مع بعضها.

 وأكدت «عبدالرحمن» أن صلة الأرحام تعد من العبادات التى جاءت لتؤكد قيم التسامح والتواصل، والتى ينبغى أن يتحلى بها الإنسان المؤمن حتى ينال مرضاة الله تعالى، لافتة إلى أن هناك عدة أسباب أدت لانتشار القطيعة وغياب صلة الأرحام منها: ضعف الوازع الدينى والتقوى وانعدام المعرفة بأهمية هذه العبادة العظيمة التى تسمو بنفس الإنسان وترتقى بها إلى مقامات السكينة والرضا، والعتاب الشديد الذى يجعل الإنسان ينفر من الاجتماع بأحد أقاربه كنوع من الهروب ومحاولة التخلص من الاستماع للنصائح التى قد تكون على الملأ، بالإضافة إلى التكلف الزائد فى استضافة بعض الأقارب مما يجعلهم يشعرون بالإحراج وتفضيل عدم الزيارة مرة أخرى.

 وتابعت استشارى الصحة النفسية، أن بيت العيلة وما يصاحبه من المشاحنات والخلافات الأسرية والتدخل فى شئون الآخرين قد يجعل بعض الأزواج يلجأون لقطع صلة الرحم للتخلص من الخلافات الزوجية، بالإضافة إلى الغيبة والنميمة ونقل الكلام بشكل يسىء للآخرين مما يتسبب فى حدوث الكراهية والشحناء، ولذلك تطالب الدكتورة ريهام بنشر الوعى الصحيح بأهمية صلة الأرحام لأنها تعد إحدى العبادات المهمة التى تطيل عمر الإنسان وتسبب له البركة والهناء وبقاء الأثر، كما أنها سبب مباشر لدخول الجنة والوصول إلى رضا الله عز وجل، فلنعمل بقول النبى صلى الله عليه وسلم: (يا أيُّها النَّاسُ

أفشوا السَّلامَ، وأطعِموا الطَّعامَ، وصِلوا الأرحامَ، وصلُّوا باللَّيلِ والنَّاسُ نيامٌ تدخلوا الجنَّةَ بسَلامٍ)، بالإضافة إلى ضرورة ترك الجدال والمشاحنات والتعامل بالحسنى، والبعد عن الغيبة والنميمة التى توغر الصدور، وتقديم يد العون والمساعدة للأقارب ومراعاة أحوالهم، وتفقدهم فى المناسبات والسؤال عنهم من وقت للآخر، واستغلال المناسبات السعيدة كالأعياد لزيارة الأقارب والاشتراك معهم فى الاضحية، وعدم الاكتفاء بالتواصل الهاتفى والرسائل الإلكترونية فهى تفقد التواصل معناه، بالإضافة إلى تفعيل الدور الإيجابى للإعلام فى تقديم كل ما يؤكد قيمة الأسرة من خلال برامج وأعمال درامية تعيد للأسرة أهميتها كونها المصدر الأول للتكاتف والدفء والاحتواء.

 ضعف الوازع الدينى

والتقط أطراف الحديث الدكتور سيد نجم أستاذ التفسير وعلوم القرآن بجامعة الازهر، موضحا أن عيد الأضحى من المناسبات التى تجمع الأهل على الحب والصفاء والمودة، فهى الروح التى تجمعنا، ولكنها اختلفت الآن فأصبحت العائلة تكتفى برسالة (إذا تذكروا) على وسائل التواصل الاجتماعى التى فككتنا ونسفت قيمنا وعاداتنا وأعرافنا الأصيلة، داعيًا المجتمع إلى العودة لكل ما فقدناه من قيم إيجابية تجمع بيننا وتنهض بالتراحم وصلة الرحم.

 وأكد «نجم» أن العيد بكل مظاهره، تراث يجب الحفاظ عليه، والغياب الكامل للمؤسسات التعليمية والتربوية والاجتماعية والإعلامية أثرت بشكل كبير على هذه المظاهر، التى كانت من أبرز تقاليدنا الجميلة، مطالبًا بالعودة إلى تراثنا وقيمنا، وإلى اتباع صلة الرحم، وذلك لأن أسرة الإنسان فى كل زمان ومكان هم عدته وسنده فى الحياة، ومهما زاد عدد أصدقائه وأحبابه فإنه لا يستغنى أبدا عن أرحامه وأهله، مشيرا إلى ربنا تبارك وتعالى قد أوصى بالأرحام فقال (واتقوا الله الذى تساءلون به والأرحام)، وقال صلى الله عليه وسلم: «من أحب أن يبسط له فى رزقه وأن ينسأ له فى أثره فليصل رحمه»، مؤكدًا أن العيد فرصة لأن يراجع كل منا نفسه فى صلته بأرحامه، خصوصا بعدما أبعدتنا وسائل التواصل الاجتماعى وأصبح التلاقى الأسبوعى الذى تربينا عليه نادرا، فأين اجتماع كبير العائلة بأفراد أسرته كل جمعة؟!، وأين التزاور الذى يعضد ويقوى أواصر القربى؟! إن العيد ما شرع إلا للترفع عن الخلافات والتغاضى عن الزلات والسمو بالنفس والذات والتقرب إلى رب الأرض والسماوات بأنواع البر، لافتًا إلى أن النبى صلى الله عليه وسلم قال: «ليس الواصل بالمكافئ ولكن الواصل من وصل إذا قطع الناس».. بمعنى أنه لا ينبغى أن تنتظر من أرحامك أن يصلوك، بل بادر أنت بالصلة وتغاضى عن الهفوات، وفى حديث لرسول الله «أن رجلًا قَالَ: يَا رَسُول اللَّه، إن لِى قَرابَةً أَصِلُهُمْ وَيَقْطَعُونى، وَأُحْسِنُ إِلَيْهِم وَيُسِيئُونَ إِلىّ، وأَحْلُمُ عنهُمْ وَيَجْهَلُونَ علَىّ، فَقَالَ: لَئِنْ كُنْتَ كَمَا قُلْتَ فَكَأَنَّمَا تُسِفُّهُمُ المَلَّ، وَلا يَزَالُ معكَ مِنَ اللَّهِ ظَهِيرٌ عَلَيْهِمْ مَا دُمْتَ عَلَى ذَلكَ» رواه مسلم.