رئيس حزب الوفد
د.عبد السند يمامة
رئيس مجلس الإدارة
د.أيمن محسب
رئيس التحرير
د. وجدى زين الدين
رئيس حزب الوفد
د.عبد السند يمامة
رئيس مجلس الإدارة
د.أيمن محسب
رئيس التحرير
د. وجدى زين الدين

تداعيات بناء سد الألفيه على الأمن المائى المصرى

بعد استبعاد سيناريوهات انخفاض معدل الأمطار على الهضاب الاستوائية، يبقى سيناريو النقص في إمدادات المياه العذبة إلى مصر معلقًا بعنصرين، عنصر بشري، وعنصر طبيعي ؛ أما العنصر البشري فهو عدم التزام دولتي المنبع إثيوبيا وأوغندا باتفاقية النيل الموقعة عام 1959م ومحاولاتهما الإخلال بالحقوق التاريخية لدولتي الممر والمصب، السودان ومصر، من خلال إقامة السدود وحجز جزء من المياه ليس بغرض التنمية الزراعية فقط، وإنما أيضًا بغرض الاتجار في المياه.

وعلى الرغم من استحالة قيام هذه الدول بالتصرف الواسع في مجرى النهر فوق الهضاب بقصد منع المياه من الانحدار منها إلى سهول السودان نظرًا لوعورة الهضاب وارتفاع منسوبها ارتفاعًا حادًّا من 600 متر إلى أكثر من 3000 متر فوق منسوب سطح البحر (بحيرات تانا بإثيوبيا وفيكتوريا بأوغندا تقعان على منسوب نحو 1800 متر فوق منسوب سطح البحر)، إلا أن هذا التصرف يبقى محتملاً وممكنًا حال انفصال دولة جنوب السودان عن السودان وانضمامها إلى هذا المحور.

ففي هذه الحالة يمكن إجراء أي تحويلات في مجرى النيل الأبيض ونهر السوباط؛ نظرًا لانبساط سطح الأرض وانخفاض منسوبها تدريجيًّا في جنوب السودان من 400 متر جنوبًا إلى 325 مترًا شمالاً فوق منسوب سطح البحر، كما أن اقتراب حدود دولة جنوب السودان الشمالية الشرقية من النيل الأزرق عبر ولاية أعالي النيل يهدد باستغلال مياه النيل الأزرق من خلال الآبار، كما يجعل ممر النيل الأزرق داخل السودان عرضة للاعتداء العسكري بغية وقف إمداد السودان ومصر بمياه النيل الأزرق حال نشوب الحرب بين دولتي شمال وجنوب السودان، حتى ولو أدى ذلك إلى إغراق شرق السودان.

ويلاحظ أن مجرى النيل الأزرق فيما بين حدود إثيوبيا ومدينة الخرطوم يتميز بضيقه الشديد؛ على الرغم من عمقه الكبير بالنسبة للنيل الأبيض.

أما العنصر الطبيعي المؤثر في كمية المياه الواردة إلى مصر فهو زيادة معدلات التبخير بازدياد المتوسط العالمي لدرجة حرارة الكوكب، فمعدلات التبخير الحالية تتراوح من 3,4 ملم يوميًّا في الفروع المائية المفتوحة إلى 6,8 ملم يوميًّا في البحيرات المغلقة وشبه المغلقة في جنوب السودان، ومن 7,7 ملم إلى 15,3 ملم يوميًّا في وسط وجنوب السودان، ومن 4,5 ملم إلى 9,0 ملم يوميًّا في جنوب مصر.
وهذه المعدلات قد أدت إلى فقدان مصر لنحو 10 مليارات متر مكعب سنويًّا أو أكثر من مياه بحيرة السد والبحيرات الثانوية التي نشأت في جنوب الصحراء الغربية نتيجة تصريف المياه عبر ممر توشكى؛ حيث يبلغ مجموع مساحات البحيرة الرئيس والبحيرات الثانوية نحو 7000 كم².

فإذا وضعنا في الاعتبار الارتفاع المستمر في درجة حرارة الكوكب كأثر مباشر لزيادة تركيز الكربون في الجو والذي يقدره العلماء بنحو 4 درجات مئوية بنهاية القرن الواحد والعشرين حال استمرار انبعاثات غازات الصوبة على ما هو عليه الوضع حاليًا؛ فإننا بصدد زيادة لا تقل عن 10% في معدلات التبخير يقابلها نقص مخزون المياه في بحيرة السد بنفس النسبة، ما لم يتم تنفيذ اتفاقيات مؤتمري كوبنهاجن 2009 وكانكون عام 2010م والتي اتفق فيها زعماء دول العالم على عدم تجاوز هذه الزيادة بأكثر من درجتين مئويتين؛ مما يقلل من كمية المياه المفقودة بالتبخير.

والواقع أن نقص إمدادات المياه العذبة هو مشكلة يعاني منها سكان مصر حاليًا من قبل التغيرات المناخية؛ فحصة المواطن المصري من موارد المياه العذبة حاليًا لا تتجاوز 750 مترًا مكعبًا سنويًّا، بينما الحد العالمي الأدنى لحصة الفرد هو 1000 متر مكعب سنويًّا، طبقًا لما أعلنته الوكالة الأمريكية للتنمية الدولية.

وهو ما يعني أن نصيب الفرد المصري أصبح تحت خط الفقر في الوقت الحالي، فما بالنا في عام 2050م؛ حيث يتوقع أن يصل عدد سكان مصر إلى 160 مليونًا بزيادة قدرها 80 مليون نسمة؛ إن معنى ذلك أن حصة الفرد في مصر سوف تتضاءل تدريجيًّا إلى 375 مترًا مكعبًا سنويًّا خلال العقود الأربعة القادمة حتى بافتراض عدم وجود تغيرات مناخية واستمرار حصة مصر من نهر النيل دون نقص خلال القرن الواحد والعشرين.

وهذه المعدلات تعد كارثة في حد ذاتها بسبب زيادة عدد السكان ومن ثم زيادة النشاط الزراعي من جهة، وثبات حصة مصر من مياه نهر النيل والتي لم تتجاوز 55,5 مليار متر مكعب (طبقًا لاتفاقية الانتفاع بمياه النيل عام 1959) من جهة أخرى.
فالنشاط الزراعي يستهلك نحو 97% من مياه النيل، والأنشطة الزراعية الجديدة طبقًا للخطة الزراعية للدولة تتطلب التوسع زراعيًّا بمساحة 3,4 ملايين فدان جديدة حتى عام 2017م، منها 540 ألف فدان مزمع استكمال استصلاحهم في توشكى حيث تستهلك وحدها نحو 5 مليارات متر مكعب مياه سنويًّا يتم سحبهم من بحيرة السد؛ وبهذا يكون جملة المطلوب لاستكمال الخطة الزراعية حتى عام 2017 نحو 34 مليار متر مكعب من المياه.

وعلى الرغم من أن التخطيط الحكومي يشمل استخدام مياه الأمطار بمقدار مليار متر مكعب بالإضافة إلى 7,5 مليارات متر مكعب يتم سحبها من رصيد المياه الجوفية، إلا أن سحب المياه الجوفية بمعدلات سنوية تفوق معدلات التغذية التي لا تتجاوز 2.5 مليار متر مكعب سنويًّا يعجل بنفاد المخزون المائي، خاصة أن مخزون الوادي الجديد من المياه الجوفية يمثل في غالبيته مياه محفوظة وليست متجددة.

وبينما تخصص الحكومة المصرية نحو 3,7 مليارات دولار سنويًّا (نحو 20 مليار جنيه) على مشروعاتها الكبرى في إصلاح الأراضي وتأهليها للزراعة، بينما يستمر إنشاء العشوائيات السكنية دون توقف على الأرضي الزراعية الخصبة بعد تبويرها، وتتآكل أراضي مصر الخصبة في شمال الدلتا بسبب زيادة نسب التملح وزيادة معدلات النحر سنويًّا نتيجة توقف الإمداد بطمي النيل والمعادن المغذية للتربة بعد إنشاء السد العالي مما يشكل خطرا شديدا على الأمن الغذائى المصرى.

كما أن هناك جزءًا كبيرًا من الأراضي الزراعية بالوادي الجديد، والدلتا لا تستقبل ما يكفيها من مياه الري؛ فالمياه لا تصل إلى نهايات الترع بسبب عدم وجود قوة دفع لمياه النيل نتيجة تقليص كمية المياه التي تضخ في المجرى أمام السد العالي بحيث لم تعد تتجاوز 25% من كميتها قبل إنشاء السد العالي.

كذلك فإن هناك عشرات الآلاف من الأفدنة بمحافظة البحيرة تعرضت للبوار في الأراضي الخصبة المنخفضة؛ وذلك بسبب مياه الرشح المنصرفة من الأراضي الصحراوية المستصلحة حديثًا في النوبارية والبستان، وهذه الأراضي أعلى منسوبًا من أراضي الدلتا في الدلنجات وحوش عيسى، والسبب في ذلك هو مخالفة المزارعين القائمين على الأراضي المستصلحة لتعليمات الري بالتنقيط، ولكنهم غمروا الأرض بالمياه؛ مما تسبب في تسرب مياه الصرف، وتطبيل الأراضي المزروعة في منخفضات الدلتا، أيضًا تأثرت زراعة قصب السكر بصعيد مصر نتيجة عدم استقبالها ما يكفيها من مياه الري.
ومن جهة أخرى فإن الكيان الصهيوني يساعد حاليًا إثيوبيا على بناء العديد من السدود على النيل الأزرق بغرض توفير المياه لزراعة أراضي الحبشة الخصبة، وسوف تؤثر هذه المشروعات على مصر بمقدار 9 مليارات متر مكعب سنويًّا، وإثيوبيا مقتنعة (بدوافع صهيونية) أنها صاحبة الحق في استغلال الأمطار الموسمية كما أعلن المندوب الإثيوبي في "مؤتمر المياه" المنعقد بالقاهرة؛ ولذلك فإن إثيوبيا لن تقبل أن يبقى نصيب مصر 85% من مياه نهر النيل الواردة من إثيوبيا ولا يكون نصيب دولة المصدر من هذه المياه سوى 1% إلى الأبد.

نضيف إلى ذلك توقف العمل في مشروع قناة جونجلي الذي يهدف إلى تأمين تدفق نحو 7 مليارات متر مكعب من المياه من خلال مرحلتين تقسم مناصفة بين مصر والسودان، وهذا المشروع كان يمثل مقدمة لمشروعات مماثلة للمحافظة على مياه النيل كمشروع مستنقعات مشار ومستنقعات بحر الغزال، وهي مشروعات قائمة كلها في جنوب السودان تعمل على تجميع عدد كبير من المتفرعات النيلية الضيقة لتصبح فرعًا واحدًا متسعًا، وتوفر نحو 11 مليار متر مكعب أخرى (4 مليارات متر مكعب في مستنقعات مشار و7 مليارات متر مكعب في مستنقعات بحر الغزال.

والمؤسف أن مصر قطعت شوطًا طويلاً في إنجاز شق قناة جونجلي حيث تم حفر 260 كيلومترًا من طول القناة البالغ 360 كيلومترًا؛ إلا أن الحفارة المستخدمة في شق القناة دمرت بقذيفة صاروخية من عدو مجهول في 10 فبراير 1984م إبان الحرب الأهلية بين الشمال، والجنوب التي بدأت في نوفمبر 1983م؛ وبالتالي تأجل حلم جونجلي حيث شكل توقف الحفر وتخريب الحفار موتًا لحلم التكامل المصري السوداني، وما زالت مصر والسودان تقومان مناصفة بتسديد التعويض الذي حكمت به هيئة التحكيم الدولي (17,5 مليون دولار) كتعويض للشركة الفرنسية التي كانت تتولى تنفيذ المشروع.

وبتوقف مشروع قناة جونجلي وعدم الشروع في مشروعات المستنقعات بمشار وبحر الغزال يظل مشروع توشكى غير ذي جدوى اقتصادية، إذ أنه يستهلك نحو 10% من الحصة المقررة لمصر من مياه النيل دون إمدادات جديدة؛ وذلك على حساب احتياجات الأرض الزراعية في الوادي والدلتا.

ولا يخفى على أحد الدور الذي قام به الكيان الصهيوني من أجل انفصال الجنوب عن السودان ومساندة الحركة الشعبية على صعيد الإمداد بالسلاح والخبراء والمال وحشد التأييد الدبلوماسي والسياسي الدولي للانفصال بهدف إضعاف العالم العربي ومحاصرة مصر، كما أرسلت رجال الموساد تحت مظلة خبراء واستشاريين في عمليات التنمية، وهي تعمل ضد مفهوم الوحدة السياسية أو الثقافية أو الجغرافية للمنطقة ومن هنا سيكون لها اليد العليا فيما هو قادم.

وهذا الدور يلخصه الضابط المتقاعد ووثيق الصلة بالموساد موشي قرحي في كتابه المعنون "إسرائيل وحركة تحرير جنوب السودان "وقد قامت الولايات المتحدة الأمريكية بدعم توجه الانفصال عمليا بـ2 مليار دولار للبنية الأساسية وإعطاء الحركة وعودًا ضمنيةً، وكذلك غير مباشرة باحتوائها لدولة الجنوب رغم علمها بافتقادها مقومات الدولة وعناصرها، إضافةً لوجود كثير من القضايا العالقة مع الشمال والتي ستدفع الدولتين للتصارع، وأهمها ترسيم الحدود- والذي لم يحسم بعد- والنفط.

وأخطر أهداف هذا الانفصال هو انضمام الدولة الجديدة إلى محور دول المنبع بحوض نهر النيل الذي تقوده إثيوبيا وأوغندا، وتدعيم مطالب هذا المحور بشأن إعادة توزيع المياه فيما بينها، في تجاهل كبير لمصر والسودان دولتي المصب والممر؛
وهو ما يؤكد أن هناك تغيرًا استراتيجيًّا قادمًا فيما يتعلق بالحقوق المائية لدول حوض النيل، فالدولة الجديدة تمثل إضافة جديدة لدول الحوض من حيث العدد مما يدفع لإعادة تشكيل حزمة جديدة من التعاملات بين الدول لن تجني مصر أو السودان أي ميزة، بل ستمثل ضغوطًا أكثر وتطويقًا لأي تحرك مصري وسوداني في هذا الاتجاه، ويجعل مصر محاصرة ورهن أي تطورات في ملف المياه، على الرغم من إعلانها مرارًا أنها لن تقف ضد الجنوبيين في حق تقرير المصير

إعلان أثيوبيا عن البدء فى سد الألفيه
فى 30\ 3\ 2011
أعلنت الحكومة الإثيوبية رسميا عن عزمها إنشاء "سد الألفية العظيم" بالقرب من الحدود الإثيوبية السودانية على "النيل الأزرق"، وقالت إنه سيرفع إنتاج الطاقة الكهرومائية في البلاد إلى 10 آلاف ميجاوات خلال السنوات الخمس المقبلة.

وقال وزير المياه والطاقة الإثيوبي ألمايهو تيجنو -في مؤتمر صحفي عقده في أديس أبابا للإعلان عن هذا المشروع- إن معظم هذه الزيادة في إنتاج الكهرباء، التي تبلغ خمسة أضعاف حجم الإنتاج الحالي ستأتي من هذه المحطة الكهرومائية، المقرر إنشاؤها حاليا في مكان مشروع السد على النيل الأزرق بالقرب من حدود السودان، مشيرا إلى أن هذا السد وحده يتوقع أن ينتج 5250 ميجاوات من الكهرباء.
وقال الوزير إنه بينما تعد الاستفادة الرئيسية لأثيوبيا من هذا السد هو ضمان إمدادات يعتمد عليها من الطاقة، إلا أنه المشروع يحقق مزايا لدولتي المصب وهما السودان ومصر أيضا، موضحا أن هذا السد سيزيد من إمكانية حصولها على إمدادات الطاقة النظيفة بأسعار تنافسية.

وأضاف أن "مصر والسودان سوف تستفيدان في نفس الوقت من مزايا من هذا المشروع في صورة تراجع تراكم الطمي وراء سدود الري بالبلدين وتراجع في معدل تكرار الفيضانات وبالتالي انخفاض الفاقد في موارد المياه".

وأشار إلى أن هذا المشروع غير مسبوق في أفضليته الكلية، من حيث حجم السد وحجم المياه المحتجزه خلفه وقدرته على توليد الطاقة وكذلك أثره على ضمان استمرار تدفق المياه دون انقطاع.

وقال "إنه يمكن القول حقيقة، أنه لا يوجد مشروع آخر يتسم بهذه المزايا مثل هذا السد من حيث تحقيق مزايا جديدة ومشتركة لكل الدول الثلاث المعنية إثيوبيا والسودان ومصر

وقال إن هذا المشروع الذي كان يعرف حتى الآن باسم مشروع "إكس"، سوف نطلق عليه الآن اسم "سد الألفية" ومن المقرر أن يبنى في منطقة بني شنقول على بعد ما بين 20 إلى 40 كيلومترا شرق الحدود السودانية، مشيرا الى انه بعد اكتمال هذا السد، من المتوقع ان يحجز خلفه 62 مليار متر مكعب من المياه، وهو ما يعد تقريبا ضعف بحيرة تانا، ومن الطبيعي ان يستغرق الأمر سنوات قلائل قبل أن يصل هذا السد إلى كامل قدرته من حيث حجز هذه المياه
وأكد موقع ''والتا'' الإخباري الاثيوبي أن شركة ''ساليني للإنشاءات'' والتي تتولى حاليا بناء مشروع محطة ''جيبي 3'' للطاقة الكهرومائية، ستتولى بناء محطة الألفية للطاقة الكهرومائية، مشيرا إلى أن هذه الشركة هى نفسها التي قامت ببناء محطات الطاقة الكهرومائية ''جيبي1'' وجيبي 2'' و ''تانا بليز


وقال رئيس الوزراء الإثيوبي ملس زيناوي - خلال مراسم وضع حجر الأساس للمشروع - إن إثيوبيا سيكون أمامها مهمة كبيرة، وتتمثل في تمويل المشروع الذي قد يبلغ 80 مليار بر إثيوبي (حوالي 4.8 مليار دولار أمريكي).

وتابع قائلا ''إن هذا السد سيفيد أيضا السودان ومصر من خلال منع الفيضانات واستخدام المياه في الري'' ، لافتاً إلى أنه على أساس الفائدة من المشروع، كان ينبغي على السودان ومصر أن تغطيان 30 و20 في المئة من التكلفة على التوالي، ولكن بسبب غياب العدالة في هذا النظام، فإن اثيوبيا هى الدولة الوحيدة التي تتحمل التكاليف''.

وأضاف رئيس الوزراء أنه فى إطار تمويل هذا المشروع، فإن الحكومة على استعداد لطرح سندات حكومية يطلق عليها ''سندات الألفية'' بسعر فائدة يبلغ 5% لبيعها للجمهور، ودعا زيناوي المزارعين وسكان المدن والمستثمرين والإثيوبيين الذين يعيشون في الخارج إلى الاسهام في هذا المشروع الكبير من خلال شراء هذه السندات.
الموقف المصرى
التزمت السلطات المصرية رسميا الصمت حيال إعلان إثيوبيا أنها بصدد إنشاء سد لتوليد الكهرباء ومشروعات ري على النيل الأزرق وانهار أخرى لمكافحة القحط ونقص الطاقة.
وقال مسؤول إثيوبي ان بلاده بدأت دراسة جدوى لبناء سد يستخدم في توليد الكهرباء على النيل الأزرق في إطار مبادرة إقليمية أقرت بالتعاون مع مصر لإدارة مياه النهر.
وعلى الرغم من عدم صدور أي تعليقات رسمية من الجانب المصري الا ان مصادر بوزارة الري والموارد المائية المصرية قالت إن المشروع لا يتعارض مع الاتفاقية التاريخية الموقعة منذ عام 1929 لضمان القسمة العادلة لمياه النيل بين الدول العشر المتشاطئة حول حوضه.
وقالت إن مصر لا تعتزم معارضة هذا المشروع الذي يندرج في إطار التعاون الثلاثي بين مصر وإثيوبيا والسودان لتحسين مستوى استخدام مياه النيل.
وكانت إثيوبيا وفى موقف سياسي مفاجئ قد دعت مؤخرا إلى إجراء ما اعتبرته مفاوضات سياسية بدلا من المواجهات لإيجاد حل يتيح استخدام عادل

لمياه النيل، حيث أعلن الناطق الرسمي باسم وزارة الموارد المائية الإثيوبية إن بلاده تريد التوصل إلي ما وصفه بالاستخدام العادل لمياه النيل عبر مفاوضات واتفاقيات سياسية.
وأعلن تيفيرا بيين رئيس قسم السدود والتصميمات الكهرومائية بوزارة الموارد المائية الإثيوبية أمس أن بلاده تجري دراسات استكشافية ودراسات جدوى في مناطق تيكيز وبارو اكوبو وابي على النيل الأزرق وانجر ديديسا لتطوير نظم الري من أجل زيادة إنتاج المحاصيل, مشيرا إلي أن الخطة تتضمن أيضا إقامة سدود كهرومائية لإنتاج الطاقة بغرض استخدامها في الصناعات.
وكشف النقاب عن أن الحكومة الإثيوبية تسعى للحصول على أموال من بنك التنمية الأفريقي ومؤسسات أخرى لتمويل الدراسات التي تغطي مجالات مختلفة من التنمية. ويقول المحللون إن إثيوبيا تأمل في تجاوز أسوأ موجات القحط التي تواجهها منذ سنوات عبر استخدام مياه النيل الأزرق للمساعدة في زيادة إنتاج الغذاء في البلاد التي يبلغ عدد سكانها نحو 67 مليون نسمة وتعد من أفقر دول العالم. ومن بين عشر دول أعضاء في تجمع حوض النيل العشر وهي كينيا وتنزانيا ومصر وأوغندا والسودان وبوروندي ورواندا والكونجو وإثيوبيا وإريتريا، فان أربعا منها أخرجت إلي العلن مؤخرا انتقادات ومطالب غير مسبوقة تحث الجانب المصري على الدخول في مفاوضات سياسية جديدة لإعادة النظر في اتفاقية توزيع واقتسام مياه النيل وهو ما ترفضه السلطات المصرية على الدوام.
وفى مقابل المساعي التي تبذلها السلطات المصرية لاحتواء مطالب دول حوض النيل في هذا الصدد، عاد مودي اوري نائب رئيس كينيا أمس مجددا للمطالبة بضرورة وأهمية مراجعة اتفاقية مياه النيل التي تم توقيعها أبان حقبة الاستعمار البريطاني والتي حرمت العديد من الدول التي تقع على ضفاف النيل من استخدام مياهه على حد تعبيره.
وشدد مودي على إن اتفاقية 1929 التي تم توقيعها بين مصر وبريطانيا يجب مراجعتها حتى يمكن السماح للدول الأخرى من استخدام مياه النيل لتحقيق التنمية الاقتصادية.
وكانت بريطانيا قد وقعت بالنيابة عن دول شرق أفريقيا التي كانت تستعمرها (آنذاك) اتفاقية مياه النيل مع مصر، والتي تمنح الجانب المصري حق الاعتراض على أية استخدامات لمياه بحيرة فيكتوريا قد تهدد مستوى مياه النيل أو حصة مصر السنوية منها.
ودعا المسؤول الكيني الدول الأعضاء العشر في مبادرة حوض النيل للخروج فورا بما وصفه بصيغة أكثر عدلا لاستخدام مياه النيل لتحقيق مصالح شعوبها الفقيرة، مشيرا إلي أن النيل له إمكانيات تدعم اقتصاديات الدول التي تقع على ضفافه بدون إحداث خطر على الحياة في مصر.
وقال انه «يجب الاستبدال باتفاقية 1929 ترتيبات بديلة تسمح بتوسيع استخدامات المياه في الري وتطوير مشاريع الكهرباء التي تستخدم مياه النيل». واعتبر أن التعاون في حوض النيل سيحسن التجارة والسياحة وسيفتح الطريق أمام تحقيق التكامل الاقتصادي بين دول حوض النيل منوها إلى أن هناك حاجة تدعو لوضع إطار قانوني دائم وإطار عمل مؤسس لتحقيق الإدارة المستدامة وتنمية موارد مياه حوض النيل
موقف الخبراء
قال الدكتور مغاوري شحاتة خبير المياه الدولي ورئيس جامعة المنوفية الأسبق أن سد الالفية العظيم الذي تعتزم اثيوبيا بناؤه علي النيل الازرق سيؤدي إلي انخفاض كميات المياه التي يتم تخزينها في بحيرة ناصر من ١٢٠ مليار متر مكعب إلي ٧٥ مليارا فقط بعد اكتمال إنشائه مباشرة، وانخفاض طاقة توليد الكهرباء من السد العالي وقناطر إسنا ونجع حمادي بمعدل ٢٠٪.

وأكد شحاتة أن السد الإثيوبي يهدد بتوقف زراعة مليون فدان من الأراضي الزراعية الحالية في الوادي والدلتا وتشريد ٥ ملايين مواطن يعتمدون علي زراعة هذه المساحات بحسب صحيفة المصري اليوم.

وأوضح أن السد الجديد المزمع إقامته في إثيوبيا يخزن ٦٢ مليار متر مكعب من إجمالي ٧١ مليار متر مكعب من المياه الواردة إلي مصر من أنهار النيل الأزرق وعطبرة والسوباط، مؤكداً أنه عند اكتمال إنشاء السد ستصبح إثيوبيا قادرة علي التحكم الاستراتيجي في وصول مياه الفيضان إلي مصر.

كما طالب خبير المياه الدولي وزارة الموارد المائية والري بإجراء دراسة فورية علي جيولوجية حوض النيل الأزرق تمهيداً لاعداد نماذج رياضية حديثة ودراسات تنبؤ لمعرفة مستقبل المياه في الحوض وتحديد مواقع السدود الاثيوبية المزمع تنفيذها علي النيل الأزرق خاصة سد الألفية العظيم.

وقال "نستهدف من هذه الدراسات تحديد الآثار السلبية لكل سد علي حصة مصر من مياه النيل الواردة من الهضبة الإثيوبية، حتي لا نفاجأ دائماً بأن إثيوبيا تنشئ سدوداً لا نعلم عنها شيئاً"، مشيراً إلي أن استمرار إثيوبيا في تحديها لمصالح مصر والسودان سيؤدي إلي إلحاق الضرر الفعلي بالمجري الرئيسي لنهر النيل.

وحذر شحاتة من أن الاستمرار في السياسة الحالية لأديس أبابا ستؤدي إلي إلحاق أضرار بالغة في العلاقات بين البلدين رغم حرص مصر علي تفعيل التعاون المشترك مع إثيوبيا، موضحاً أن انخفاض كميات المياه الواردة سيؤدي أيضاً إلي احتمال تداخل مياه البحر المتوسط مع مياه الخزان الجوفي في شمال الدلتا، وارتفاع معدلات ملوحة المياه الجوفية المتجددة، وملوحة التربة وانخفاض إنتاجية المحاصيل الزراعية.

واتهم مغاوري شحاتة إثيوبيا بتحريض دول المنابع الاستوائية ضد مصر والسودان وطالب مسؤولي ملف المياه بالتحرك الفوري تجاه أديس أبابا واللجوء إلي مجموعات الضغط والمنظمات الدولية المعنية بالبيئة حتي يلتفت العالم إلي الآثار البيئية المتوقعة لإقامة السدود الإثيوبية سواء علي البيئة النباتية أو السمكية
موقف وزير الموارد المائيه والرى السابق
حذر الدكتور محمد نصرالدين علام، وزير الموارد المائية والرى السابق، من مخطط إثيوبى لإقامة العديد من السدود على نهر النيل، مشيرا إلى أن إعلان أديس أبابا أمس الأول عن إقامة أضخم سد على النيل «الألفية العظيم» لتوليد ٥٢٥٠ ميجاوات من الكهرباء يؤكد أنها ستواصل خططها للتحكم الكامل فى مياه «النيل الأزرق» الذى يمد مصر بـ ٨٥% من حصة الدولة من مياه النهر البالغة ٥٥.٥ مليار متر مكعب سنويا.

يأتى الإعلان الإثيوبى عن السدود الأربعة بالتزامن مع وجود الدكتور عبدالفتاح مطاوع، رئيس قطاع مياه النيل بوزارة الرى، فى أديس أبابا للمشاركة فى مؤتمر هناك عن توليد الكهرباء من المياه، والذى اتهمته مصادر رسمية بعدم عرضه أى تفاصيل عن تلك السدود على الدكتور حسين العطفى، وزير الموارد المائية والرى، ولا عن كواليس ما يدور فى إثيوبيا بعد الإعلان هناك عن إنشائها، وهو ما جعل الوزارة تفاجأ بالإعلان الإثيوبى.

وقال علام لـ«المصرى اليوم»: «إثيوبيا تقوم حاليا بتنفيذ خطة لإقامة ٤ سدود على نهر النيل للتحكم فى مياه النيل الأزرق وهى (كارادوجى)، و(بيكو أباو)، و(مندايا)، و(بوردر)»، موضحا أن الطاقة التخزينية المتوقعة للمياه أمام هذه السدود ستصل إلى أكثر من ١٤١ مليار متر مكعب من المياه مقارنة بـ ١٢٠ مليار متر مكعب هى الطاقة الاستيعابية القصوى لبحيرة ناصر، وهو ما وصفه خبراء مياه بأنه سيحول بحيرة ناصر إلى «بركة» خلال سنوات من بدء تشغيل هذه السدود.

وأضاف علام أن تنفيذ السدود الإثيوبية على النيل الأزرق يعنى نقل المخزون المائى من أمام بحيرة ناصر إلى الهضبة الإثيوبية مما يعنى التحكم الإثيوبى الكامل فى كل قطرة مياه تأتى إلى مصر من هذه المناطق، موضحا أنه سيسبب عجزا كبيرا فى مياه بحيرة ناصر مما سيؤدى إلى انخفاض توليد الطاقة بمعدل يصل إلى ٢٠% فى محطات السد العالى وخزان أسوان وقناطر إسنا ونجع حمادى.

وشدد على ضرورة بدء حوار جاد مع إثيوبيا بشأن الآثار السلبية الوخيمة على الأمن القومى المصرى من جراء إنشاء تلك السدود وانتهاج أديس أبابا سياسة فرض الأمر الواقع، وأهمية سرعة التحرك مع المجتمع الدولى، والتنبيه على أن استمرار دعم السياسات الإثيوبية سوف يؤدى إلى تداعيات خطيرة من شأنها تهديد الأمن والسلم الإقليميين.

وطالب علام المجلس الأعلى للقوات المسلحة باتخاذ الإجراءات اللازمة نحو تأكيد التزام السودان باتفاقية ١٩٥٩، مع تعزيز التعاون مع جنوب السودان، معتبرا أن هذا الأمر يمثل أمل مصر الوحيد لزيادة حصتها المائية من الموارد المائية للنهر.

وأوضح أن المخاطر تأتى من مصدرين، الأول هو الاتفاقية الإطارية الحالية وما صاحبها من توقيع ٦ دول لها لتشكيل ما يسمى بمفوضية حوض النيل لإعادة توزيع حصص النهر حسب المعايير الموضوعة فى الاتفاقية الإطارية، ولتشجيع ودعم استثمارات الزراعة والطاقة فى دول المنابع وبما يمثل تهديداً مباشراً لحصتى مصر والسودان من النهر، والمصدر الثانى هو المخطط الإثيوبى القديم جداً للتحكم فى نهر النيل تنفيذاً للعقيدة الراسخة هناك بأن من يتحكم فى النيل يتحكم فى مصر.

وأشار وزير الرى السابق إلى أن هذا المخطط بدأ إحياؤه خلال العقدين الماضيين ببناء العديد من السدود صغيرة الحجم، ثم قاموا بعد ذلك بتنفيذ سد تكيزى الذى لم تحتج عليه الحكومة المصرية ويقع على نهر عطبرة بسعة ٩ مليارات متر مكعب، ثم نفق تانا بليس، الذى يولد الكهرباء.

وذكر علام أن الاتفاقية الإطارية التى وقع عليها معظم دول منابع النهر من الناحية القانونية لا تلزم مصر بأى التزام نحو هذه الدول، ولا تعفى أياً من هذه الدول من التزاماتها نحو مصر حسب الاتفاقيات القائمة معها، ولا يحق لهذه الدول تقسيم حصص فيما بينها فى غياب مصر والسودان، وبما يعد اعتداءً على حقوقهما المائية وتعدياً على الاتفاقيات القائمة الملزمة لهم.

واستطرد: لكن من الناحية السياسية تمثل هذه الاتفاقية عامل ضغط على مصر، ويظهرها بأنها الدولة التى تستأثر بمياه النيل دون غيرها من دول الحوض، بالإضافة إلى استغلال دول مثل إسرائيل وحلفائها هذا الموقف للضغط على مصر والحصول على تنازلات إقليمية

رؤيه ختاميه
من الواضح تماما أن بناء هذا السد سوف يتيح لأثيوبيا ميزه إستراتيجيه وهى التحكم فى مياه النيل المتدفقه إلى مصر وإنى لم توثر كثيرا على حصتها من المياه ولكن فى نفس الوقت سوف يتيح هذا السد لمصر إمكانية الإستفاده من طاقه كهربائيه نظيفه ولكن المحصله هو إضعاف الموقف التفاوضى لمصر مع دول حوض النيل وهو أمر يمس مباشره الأمن القومى لمصر ولذلك فإن واجب الوقت هو الإنشغال بمحاولة زيادة مصادر المياه العذبه لمصر مع الإصرار فى نفس الوقت على الخقوق المائيه لمصر طبقا للإتفاقيات الموقعه وهو ما سنبحثه إنشاء الله فى مقال قادم