رئيس حزب الوفد ورئيس مجلس الإدارة
د.عبد السند يمامة
رئيس مجلس التحرير
سامي أبو العز
رئيسا التحرير
ياسر شورى - سامي الطراوي
رئيس حزب الوفد ورئيس مجلس الإدارة
د.عبد السند يمامة
رئيس مجلس التحرير
سامي أبو العز
رئيسا التحرير
ياسر شورى - سامي الطراوي

جزيرة الدهب.. جريمة فى النيل

بوابة الوفد الإلكترونية

فى قلب النيل.. تحديداً فى جزيرة الدهب عاد زمن «فتوة الحتة» من جديد، فوضى وبلطجة فى أرض لا يخطوها قانون، أصوات الأعيرة النارية لا تفارق ليلها، تحكمها العائلات، تفرض سيطرتها على الغريب، يبطشون، يمنحون ويمنعون كيفما يشاءون، الأسلحة النارية هى وسيلتهم لفرض سيطرتهم على الجزيرة يأخذون ما ليس لهم وعلى المتضرر اللجوء للقضاء.

تلك الصورة المخيفة توجد فى جزيرة الدهب والمتضرر هنا مركز البحوث الزراعية التابع لوزارة الزراعة، سرقت أراضيه ودمرت أبحاثه، والدولة وقفت عاجزة عن حماية أبحاث يعكف عليها خيرة المهندسين الزراعيين.

«الوفد» توجهت إلى جزيرة الدهب لترصد مأساة أكثر من 40 مهندساً استغاثوا بالشرطة ووزارة الزراعة بعد أن دمرت أبحاثهم على الأراضى التى عكفوا عليها منذ سنوات ولم يكتف البلطجية بذلك، بل قاموا بردم أجزاء من النيل ليزيدوا من مساحة أراضيهم، واستولوا على أكثر من 10 أفدنة، ودمروا مئات الأطنان من المحاصيل الخضرية والفواكه.

على كورنيش المعادى تظهر لافتة مدون عليها "مركز البحوث الزراعية" الوسيلة الوحيدة للذهاب إلى هناك ركوب المعدية، فهى وسيلة نقل مهندسى مركز البحوث يومياً لإجراء الأبحاث الزراعية بالإضافة إلى زراعة الفواكه والخضراوات والمحاصيل الحقلية، التى توزع على الأسواق بأسعار مخفضة.

فى هذه البقعة الجميلة وسط الطبيعة الخضراء ومياه النيل تقع الجرائم جهارا نهارا، جريمة تكشف عنها «الوفد» إذ يسيطر على أراضى الأبحاث الزراعية الخارجون عن القانون وقد زادت البلطجة فى تلك البقعة وفاقت الحدود فى ظل تواطؤ أجهزة كثيرة داخل الدولة ولا نعرف من يقف وراء تلك الفوضى.

56 فداناً تمتلكها وزارة الزراعة تنفذ عليها الأبحاث الزراعية منذ عام 1985، الآن لم تعد كما كانت إذ استولى عليها البلطجية، لم يمنعهم حب وطن أو أمن قومى، والنتيجة أبحاث دمرت ومحاصيل أتلفت الغريب فى الواقعة أن تلك الاعتداءات بدأت بمحاضر وانتهت بأحكام قضائية لم تنفذ على أرض الواقع، فإذا كان هذا حال الجهات الحكومية فكيف يكون حال المواطن البسيط.

 

رحلة إلى الجزيرة

توجهت «الوفد» إلى جزيرة الدهب وكانت الصورة فى خيالى مختلفة عن الواقع، فمن يمر أمام الجزيرة بكورنيش النيل أو شارع البحر الأعظم أو من يعبرها عن طريق الكوبرى الدائرى يعتقد أن حياة الريف البسيطة تسيطر على المكان ولكن سرعان ما تغيرت تلك الصورة، بمجرد أن وقفت فى انتظار المعدية كان هناك غريق تبحث عنه شرطة المسطحات المائية منذ 4 أيام.

جاءت المعدية وتملكنا الرعب بمجرد وقوفها أمامنا.. مركب قديم ومتهالك وضع بداخله المراكبى حجراً كبيراً من حجارة الأرصفة فى مؤخرتها لضبط اتزانها فى المياه، بمجرد ركوبى شعرت أنها ستنزلق بى إلى قاع النهر ولكنى تمالكت نفسى وقطعت المسافة بين الشاطئين وكأنها كيلو مترات عديدة، بعد أن كنت أراها بعينى مجرد بضعة أمتار صغيرة.

وصلنا إلى شاطئ الجزيرة وكانت تقف مجموعة من النساء يحملن فوق رؤوسهن مجموعة من الأوانى الممتلئة بالخضراوات لبيعها بالأسواق، توجهت إلى موقع مركز البحوث الزراعية وكانت المفاجأة: أرض مجرفة، صوب زراعية خاوية محيت منها آثار النباتات وكأن صاعقة أصابتها من السماء. والحقيقة أن تلك الأراضى المملوكة لمركز البحوث أصبحت مطمعا لأهل الجزيرة وما أن يغادر مهندسو المركز حتى تبدأ عمليات التعدى ليلا.

 

أرض الجزيرة

بدأت التعديات بعد الثورة تحديداً بعد أن أصبحت الجزيرة ملاذاً للصوص والمجرمين يختبئون فيها بعيداً عن أعين العدالة.. ومن يدفع الثمن هي الدولة، أراضيها تغتصب وأبحاث سنوات تضيع فى لحظات.

فحسب وصف أحد الباحثين بالجزيرة -رفض نشر اسمه خوفا من بطش الأهالى- فإن الجزيرة محمية طبيعية تتبع وزارة الزراعة ويتم فيها إجراء دراسات على النباتات والتربة، ومنذ سنوات نقوم بعمل أبحاث على حشرة «النيماتودا» التى تعتبر بمثابة سرطان بالتربة.. كل تلك الأبحاث ذهبت أدراج الرياح عندما قام المدعو «أ.ع» صاحب شركة سياحية بالاستيلاء على فدانين و8 قراريط من أراضى الدولة بعد أن اشترى حق انتفاع من أحد الأهالى، الذى تنازل له بعد ذلك عن فدان و7 قراريط.

ولأن الفساد منتشر فى كل المؤسسات، تمكن من تسجيل الأرض فى أملاك الجيزة ولكن بمساحة مختلفة عن الواقع بإجمالى 3 أفدنة و600 متر مبانى، المحزن أن هيئة مشروعات التعمير التى تمتلك الحق الأصيل فى حماية هذه الأراضى أقرت بوجود ملكية باسم أحمد عبدالعزيز بمساحة 3 أفدنة و600 متر مبانى ومع المعاينة تبين أن المساحة المستحوذ عليها فعليا هى 4 أفدنة و7 قراريط و20 سهما ومساحة 351 متر مبانٍ، ورغم صدور أحكام ضده إلا أنها فى الأدراج  بل قام بتجريف التربة من أجل توصيل المياه من النيل ليروى الأرض، واستخدم الرمال لردم جزء من النيل فى فترة الجفاف.

ويكمل الباحث حديثه قائلاً: ولم تقف التعديات على أرض البحوث الزراعية عند ذلك الحد بل كانت الواقعة الأولى سبباً فى تجرؤ الكثيرين على ممتلكات الدولة، حيث قام المدعو «س. ح» بالاستيلاء على 5 أفدنة و12 قيراطاً، وأفرغ محتوياتها تماماً من النباتات ولم يتبق من معالم المكان سوى الأعمدة الحديدية لإقامة

الصوب، وهبط بمستوى الأرض من أجل مد طريق بين الأرض المملوكة له وبين التى استولى عليها، وادعى أن الأرض ملك لأبيه فى حين أن تلك الادعاءات باطلة لأن الجزيرة تسمى طرح نهر ومملوكة بالكامل للدولة، واتهم المصدر المافيا بتسهيل الاستيلاء على الأراضى مقابل أموال تدفع لهم.

 

خدعة اللجنة

خدعة يتقنها أهالى الجزيرة للاستيلاء على الأراضى، يتقنها «س. م» الذى استولى على 16 قيراطا، وكشف ذلك أحد المهندسين حينما كان يمر على الأرض التابعة لمركز البحوث لمتابعة التربة والوقوف على نتائج البحث، والمفاجأة أن ذلك الشخص استولى على الأرض بحرفية شديدة.

قال المهندس: توجهنا لقسم الشرطة لإثبات حالة وحينما أخطرنا الوزارة لترسل لجنة للمعاينة ولأن المحضر والكشوفات بالوزارة تثبت أن الأرض لم تزرع فقد قام المعتدى بزراعتها ليخالف أوراق اللجنة ويثبت العكس وتظل الأرض فى حيازته. هذه الخدعة دفعت «ع. ع» هو أيضا للاستيلاء على 3 قيراط موجودة بجوار المسجد.

 

كارثة

تلك التعديات أفقدت مصر الكثير من الأبحاث العلمية فى مجال الزراعة، خاصة أنها تتم على مدار سنوات فمنذ عام 1985 توصل الباحثون إلى علاج لمرض البياض الزغبى لنباتات الخضر بخلاف المحاصيل التى تنتجها الصوب والتى تم الاستيلاء عليها حيث بلغ عدد الصوب 264 صوبة، تم الاستيلاء على 18 صوبة منها.. فهل يعلم المسئولون أن الصوبة التى فى نظرهم مجرد أعمدة مغطاة بمشمع بلاستيك تنتج 5 أطنان من الطماطم، و3 أطنان من الخيار وغيرها الكثير من الزراعات توزع على الأسواق المحيطة بالجزيرة، ولماذا أملاك الدولة مستباحة وأملاك الأهالى لا يستطيع أحد الاقتراب منها، هل لأن هناك مافيا تقف وراء هؤلاء حسب تعبير مهندسى مركز البحوث الزراعية، ومن المستفيد من بقاء الحال على ما هو عليه؟

«الدولة نسيتنا والوزارة تركتنا للبلطجية» عبارة سمعتها من خفير المركز حيث قال إن كل وزراء الزراعة تركوا المركز خارج حساباتهم تماما عكس يوسف والى وزير الزراعة السابق الذى كان يأتى إلى المركز حتى أيام الإجازات ليتابع الأبحاث وإنتاجية الصوب، واتهم الخفير شرطة المسطحات المائية بتجاهل المشكلة إذ تتعامل معهم بطريقة سيئة ولا تتواصل مع أحد حينما يطلب منها النجدة.

تاريخ الجزيرة

 

حينما تسمع اسمها تعتقد أنها تحتوى على منجم للذهب أو أن أهلها يعيشون مثل سكان جزر هاواى، ولكنها تكهنات ليست موجودة بالواقع، فلا يغرنكم الاسم.

يعود تاريخ جزيرة الذهب إلى عصر المماليك وكانت تسمى «جزيرة الطائر»، بدأ السكان التوافد عليها من صعيد مصر وسكنتها ثلاث عائلات، تبلغ مساحة الجزيرة 342 فدانا، يبلغ عدد سكانها 36 ألف مواطن، يعمل أغلب سكانها فى الزراعة والصيد وصناعة المراكب، بالإضافة إلى بعض الحرف اليدوية.

منذ بناء الطريق الدائرى ظهرت التعديات على أرض الجزيرة، إذ أهملت الدولة سكانها باعتبارها محمية طبيعية، تزرع بها الخضراوات والفواكه وتوزع على الأسواق القريبة منها مناطق: المعادى، دار السلام، المنيب.

تكثر الجرائم بالجزيرة لعدم وجود نقطة شرطة داخلها وتعتبر مكانا آمنا لاختباء المجرمين والهاربين من الأحكام. ومن بعض الجرائم٬ التى وقعت مؤخرا: «سباك يقتل ابن عمه بجزيرة الدهب للاستيلاء على ميراثه»، «2013: مشاجرة داخل الجزيرة أسفرت عن إصابة 5 أشخاص وضبط بندقية آلية و3 بنادق خرطوش، وبندقية روسية، وعدد 2 طبنجة»، «2014: تم القبض على أخطر مسجل خطر وبحوزته سلاح أبيض و10 آلاف قرص مخدر».