الإفتاء توضح حكم الصلاة على النبي عند ذكر اسمه أثناء أداء الصلاة

أكدت دار الإفتاء المصرية أن الصلاة على النبي محمد -صلى الله عليه وآله وسلم- أثناء الصلاة عند ذكر اسمه الشريف أمر مشروع ومستحب، ولا يؤثر على صحة الصلاة، وفقًا لما قرره مذهب الشافعية، مع التنبيه على ضرورة الاعتدال والتوسط في أدائها، وعدم الجهر بها تفاديًا لإحداث تشويش على المصلين الآخرين.
الصلاة على النبي داخل الصلاة من أعظم العبادات:
أوضحت دار الإفتاء أن الصلاة لا تُقبل فيها إلا الأذكار والدعوات التي تنتمي إلى جنسها، كالتسبيح، والتهليل، وقراءة القرآن، وقد استندت إلى حديث النبي -صلى الله عليه وآله وسلم- الذي رواه مسلم: "إِنَّ هَذِهِ الصَّلَاةَ لَا يَصْلُحُ فِيهَا شَيْءٌ مِنْ كَلَامِ النَّاسِ، إِنَّمَا هُوَ التَّسْبِيحُ وَالتَّكْبِيرُ وَقِرَاءَةُ الْقُرْآنِ".
وانطلاقًا من هذا الأصل، فإن كل ما يجوز الدعاء به خارج الصلاة يجوز داخلها كذلك، كما بيّن الإمام بدر الدين العيني في "عمدة القاري"، واعتبر الصلاة على النبي من أفضل العبادات، إذ تولى الله أداءها بنفسه، كما في قوله تعالى: ﴿إِنَّ اللَّهَ وَمَلَائِكَتَهُ يُصَلُّونَ عَلَى النَّبِيِّ﴾.
موقف المذاهب من الصلاة على النبي أثناء الصلاة
ذكرت دار الإفتاء أن الشافعية ذهبوا إلى استحباب الصلاة على النبي إذا ذُكر اسمه أثناء الصلاة، سواء من قِبل المصلي نفسه أو من سمعه، ونصوا على أن تكون الصيغة الأقرب للاستخدام هي بضمير الغائب "صلّى الله عليه وسلم"، وليس بصيغة الدعاء "اللهم صلّ على محمد"، لتجنب الخلاف في المسألة.
وقد ورد ذلك في عدد من كتب الشافعية، مثل: "حاشية الشرواني" و"حاشية قليوبي" و"الغرر البهية"، حيث أكدوا أن الصلاة على النبي تكون ركنًا في مواضع، وسنةً في أخرى، ومكروهةً في حال تقديمها على موضعها المحدد في الصلاة.
من جانبهم، لم يرَ المالكية بأسًا في الصلاة عليه عند ذكر اسمه أثناء الصلاة، بل أقرّوا بمشروعيتها، كما ورد في "مواهب الجليل" للإمام الحطاب، وأوضحوا أنه لا مانع من أن يصلي المأموم عليه إن سمع ذكره في قراءة الإمام.
الأدلة الشرعية على الجواز
استشهدت دار الإفتاء بحديث الإمام علي بن أبي طالب -رضي الله عنه-، عن النبي -صلى الله عليه وآله وسلم- قال:"البخيل من ذُكرت عنده فلم يصلّ عليّ"،
رواه الترمذي والحاكم وصحّحاه، وأكدت أن الحديث مطلق في دلالته، ولا يقيَّد بزمن أو حال، مما يدل على جواز الصلاة عليه -صلى الله عليه وآله وسلم- حتى في أثناء الصلاة.
كما نقلت دار الإفتاء عن بعض الآثار في "المصنف" لابن أبي شيبة، ما يفيد بأن الصحابة والتابعين كانوا يصلون عليه إذا مرّ ذكره في الصلاة، مثل ما نُقل عن الحسن والمغيرة.
موقف الحنفية وتفسيره
أما بالنسبة لما ورد عند الحنفية حول فساد الصلاة إذا نطق المأموم بتعظيم أو ردّ على الإمام أو المؤذن، فقد أوضحت الإفتاء أن ذلك يُفهم في حال كان القصد الردّ أو المخاطبة، أما إذا كان القصد هو التعظيم والثناء كما هو الحال في الصلاة على النبي، فلا تفسد الصلاة، كما بيّن ذلك العلامة ابن عابدين في "رد المحتار".
التوجيه بعدم الجهر تفاديًا للتشويش
شددت دار الإفتاء في ختام بيانها على أن مَن أراد الصلاة على النبي -صلى الله عليه وآله وسلم- أثناء صلاته، عليه أن يتجنب الجهر بها، حتى لا يُحدث تشويشًا على من حوله، مستندة في ذلك إلى ما قاله المالكية، ومنهم الإمام ابن أبي زيد القيرواني، الذي أباح الصلاة عليه في الصلاة والخطبة، بشرط خفض الصوت وعدم الإكثار، حتى لا يخرج المصلي عن خشوعه.