صحة الصلاة خلف إمام لم يقرأ "البسملة" في بداية الفاتحة
أكد الدكتور عطية لاشين، أستاذ الفقه بجامعة الأزهر، أن الصلاة التي يبدأ فيها الإمام سورة الفاتحة بقول "الحمد لله رب العالمين" دون قراءة البسملة، صلاة صحيحة، وذلك في ردٍ منه على سؤال وُجِّه إليه عن صحة صلاة العشاء خلف إمام لم يقرأ "بسم الله الرحمن الرحيم" في بداية الفاتحة.
واستند الدكتور لاشين في فتواه إلى ما رواه جمهور العلماء من أقوال وآراء، موضحًا أن البسملة ليست موضع اتفاق في كونها آية من سورة الفاتحة.
وأوضح أن العلماء قد اتفقوا على أن البسملة آية في سورة النمل، لكنها ليست آية في مطلع كل سورة، بل نزلت للفصل بين السور. أما بالنسبة لسورة الفاتحة تحديدًا، فقد اختلف العلماء: هل تُعد البسملة فيها آية، أم لا؟
رأيان في المسألة
أشار لاشين إلى أن هناك رأيين لأهل العلم:
الرأي الأول (الراجح عنده): يرى أن البسملة آية من آيات سورة الفاتحة، واستدل على ذلك بعدة أدلة منها قول الله تعالى: (ولقد آتيناك سبعًا من المثاني والقرآن العظيم) [الحجر: 87]، أي أن عدد آيات الفاتحة لا يتم إلا بضم البسملة إليها.
كما استشهد بأحاديث متعددة منها ما رواه النسائي عن أبي هريرة، والدارقطني عن أنس، وأبو داود عن أم سلمة، وكلها تدل على أن النبي صلى الله عليه وسلم كان يبدأ الفاتحة بالبسملة، بل ويجهر بها أحيانًا في صلاته.
الرأي الثاني (رأي المالكية): يرى أن البسملة ليست من آيات الفاتحة، مستندين إلى أحاديث مثل حديث النبي صلى الله عليه وسلم: (إذا قرأتم الفاتحة فاقرؤوا بالحمد لله رب العالمين). ورد لاشين على هذا الرأي بأن المقصود هنا التسمية لا الاستبعاد، أي أن الحديث يُطلق على السورة اسم "الحمد لله"، وليس نفيًا للبسملة.
الصلاة صحيحة في الحالتين
وخلص الدكتور عطية لاشين إلى القول بأن الصلاة صحيحة في الحالتين، سواء قرأ الإمام البسملة أو لم يقرأها، لأن الخلاف فيها معتبر بين العلماء، والمختلف فيه لا يُنكر كما يُنكر المجمع عليه.
ووجه الدكتور لاشين نصيحة للأئمة قائلاً: "الباب اللي ييجي منه الريح سده واستريح"، واتباع قول النبي صلى الله عليه وسلم: (دع ما يريبك إلى ما لا يريبك)، يجعل من قراءة البسملة الخيار الأفضل، خاصة أن في تركها ريبة، وفي قراءتها طمأنينة واتباع للهدي النبوي.
كما أشار إلى حديث عام يدعم قراءة البسملة: (كل أمر لا يُبدأ فيه ببسم الله فهو أبتر)، معتبرًا أن الصلاة من أعظم الأمور التي يُستحب أن تُفتتح باسم الله عز وجل.
