20 رمضان.. ذكرى فتح مكة وانتصار بلا قتال

في العشرين من رمضان من العام الثامن للهجرة (الموافق 10 يناير 630م)، شهدت مكة حدثًا عظيمًا غير مجرى التاريخ الإسلامي، وهو فتح مكة، الفتح الذي لم يكن مجرد انتصار عسكري، بل كان تحولًا استراتيجيًا وقيميًا في مسيرة الإسلام.
أسباب الفتح: نقض قريش للصلح
بعد صلح الحديبية الذي تم توقيعه بين المسلمين وقريش عام 6 هـ، ساد السلام لفترة، لكن سرعان ما نقضت قريش العهد حين دعمت قبيلة بني بكر في هجومها على قبيلة خزاعة، حليفة المسلمين.
لجأت خزاعة إلى النبي محمد ﷺ طالبة العون، فقرر التحرك لنصرتهم، واضعًا حدًا لتعديات قريش.
الاستعداد والتحرك نحو مكة
بدأ النبي ﷺ تجهيز جيش قوامه عشرة آلاف مقاتل، وأمر أن يبقى التحرك سرًا حتى لا تستعد قريش للمقاومة.
في العاشر من رمضان، خرج الجيش من المدينة المنورة متجهًا نحو مكة، وعندما اقتربوا منها، أرسل النبي ﷺ عمه العباس ليستكشف الوضع. والتقى العباس بأبي سفيان، زعيم قريش، وأحضره إلى النبي ﷺ، حيث أعلن إسلامه بعد أن أدرك أن لا طاقة لقريش بمواجهة جيش المسلمين.
دخول مكة والعفو العام
دخل النبي ﷺ مكة فاتحًا دون قتال يذكر، باستثناء مناوشات بسيطة في جهات محددة. وأعلن عفوًا عامًا عن أهل مكة قائلاً: "اذهبوا فأنتم الطلقاء"، في موقف يجسد أسمى معاني التسامح. ثم دخل الكعبة وطهّرها من الأصنام، قائلاً: "جاء الحق وزهق الباطل".
نتائج الفتح وأثره في انتشار الإسلام
بعد الفتح، أصبحت مكة مركزًا للإسلام، وسارع الناس إلى اعتناق الدين الجديد بعد أن رأوا عدالة النبي ﷺ وعفوه. كما تم القضاء على عبادة الأصنام، وعادت الكعبة إلى مكانتها كمركز للتوحيد.
دروس وعِبَر من الفتح
- التسامح والعفو عند المقدرة: رغم ما فعله أهل مكة بالمسلمين من أذى، عفا عنهم النبي ﷺ.
- أهمية التخطيط: كان السرّ في نجاح الفتح هو التخطيط الدقيق والحفاظ على عنصر المفاجأة.
- التوحيد والقيم الأخلاقية: تجسد الفتح في القضاء على عبادة الأصنام، وتأكيد أن الإسلام دين قائم على الحق.
استلهام الفتح في واقعنا
يُذكّرنا فتح مكة بأهمية التسامح، والعمل بحكمة، والتمسك بالقيم النبيلة، وهو درس خالد لكل الأزمان. ففي هذه الذكرى، نستحضر روح الإسلام الحقيقية التي تدعو إلى العدل، الرحمة، والسلام.