بوابة الوفد الإلكترونية
رئيس حزب الوفد ورئيس مجلس الإدارة
د.عبد السند يمامة
رئيس التحرير
عاطف خليل
المشرف العام
ياسر شوري

لماذا يزداد غضب البعض في رمضان؟

بوابة الوفد الإلكترونية

رمضان فرصة لتزكية النفوس وتهذيب الأخلاق، لكن ما يلاحظه البعض من حدة المزاج وسرعة الغضب لدى بعض الصائمين يطرح تساؤلًا مهمًا: هل الصيام مبرر لسوء الخلق؟ وهل يجوز للصائم أن ينفعل ويبرر تصرفاته غير اللائقة بأنه متعب أو جائع؟

في هذا السياق، يؤكد العلماء أن الصيام مدرسة تربوية تهدف إلى تعليم الإنسان الصبر وضبط النفس، وليس وسيلة لإطلاق الغضب أو السلوك السيئ. فالإسلام لم يشرع الصيام ليكون سببًا في معاناة الناس أو إثقالهم بالمشقة، بل ليرقى بهم إلى معاني التقوى والصبر.

حقيقة الصيام وأثره في تهذيب الأخلاق

قال الله تعالى في كتابه الكريم:﴿يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا كُتِبَ عَلَيْكُمُ الصِّيَامُ كَمَا كُتِبَ عَلَى الَّذِينَ مِنْ قَبْلِكُمْ لَعَلَّكُمْ تَتَّقُونَ﴾ (البقرة: 183).
هذه الآية الكريمة تبين أن الصيام لم يشرع لمجرد الامتناع عن الطعام والشراب، بل لتحقيق التقوى، والتي تشمل التحكم في الغضب، وضبط النفس، والتسامح مع الآخرين.

وقد أكد النبي، صلى الله عليه وسلم، هذا المعنى في حديثه الشريف:"الصَّوْمُ نِصْفُ الصَّبْرِ، وَالصَّبْرُ نِصْفُ الْإِيمَانِ" (رواه الطبراني)، فكيف يكون الصيام عبادة تقوم على الصبر، ثم يتحول إلى مبرر للغضب وسوء الخلق؟

الإسلام يحث على حسن الخلق في كل وقت، فكيف برمضان؟

الإسلام دين أخلاق وتسامح، وقد شدد النبي، صلى الله عليه وسلم، على أهمية حسن الخلق، فقال:
"لَيْسَ المُؤْمِنُ بِالطَّعَّانِ، وَلَا اللَّعَّانِ، وَلَا الفَاحِشِ، وَلَا البَذِيءِ" (رواه الترمذي).

وإذا كان هذا هو حال المسلم في كل وقت، فهو في رمضان أولى بالتحلي بهذه الأخلاق الفاضلة، لأن الصيام ليس مجرد امتناع عن الأكل والشرب، بل امتناع عن كل ما يخلّ بالأخلاق من قول أو فعل.

وقد أوضح النبي، صلى الله عليه وسلم، ذلك بقوله:
"الصِّيَامُ جُنَّةٌ، فَإِذَا كَانَ يَوْمُ صَوْمِ أَحَدِكُمْ فَلَا يَرْفُثْ وَلَا يَصْخَبْ" (متفق عليه).

لماذا يزداد الغضب في رمضان؟

يرجع بعض العلماء زيادة حالات الغضب وسوء الخلق في رمضان إلى عدة أسباب، منها:

  1. سوء إدارة المشاعر: بعض الصائمين لا يدركون أن الصيام تدريب على التحكم في النفس، وليس مبررًا لإطلاق العنان للعصبية والانفعال.
  2. نقص الكافيين والنيكوتين: بعض المدخنين أو مدمني القهوة يعانون من أعراض انسحابية تؤثر على مزاجهم، لكن هذا ليس عذرًا لمعاملة الآخرين بطريقة غير لائقة.
  3. قلة النوم واضطراب الروتين: السهر الطويل واضطراب أوقات النوم قد يؤديان إلى زيادة التوتر والانفعال السريع.
  4. الضغوط اليومية: أعباء العمل أو التزامات الأسرة قد تكون مرهقة، لكنها لا تعفي الصائم من مسؤولية ضبط انفعالاته.

ماذا يفعل الصائم إذا تعرض لموقف يستفزه؟

ربما يتعرض الصائم لموقف يثير غضبه، سواء في العمل أو المنزل أو أثناء التعامل مع الآخرين، فكيف يتصرف في هذه الحالة؟

أرشدنا النبي، صلى الله عليه وسلم، إلى التصرف الصحيح في مثل هذه المواقف بقوله:
"فَإِنْ سَابَّهُ أَحَدٌ أَوْ قَاتَلَهُ، فَلْيَقُلْ: إِنِّي صَائِمٌ، إِنِّي صَائِمٌ" (متفق عليه).

وهذا توجيه نبوي مهم، حيث يأمرنا الرسول الكريم بعدم الانجرار وراء الاستفزاز أو رد الإساءة بالإساءة، بل أن يكون رد الصائم قائمًا على الصبر وكظم الغيظ.