نساء في نور القرآن (2)
امرأة نوح.. عاقبة الكفر والخيانة العقائدية

يذكر القرآن الكريم العديد من النساء اللواتي كان لهن تأثير في مسيرة الإيمان والكفر، ومن بينهن امرأة نوح، التي ضربها الله مثلاً في الكفر والخيانة العقائدية، رغم كونها زوجة نبي.
يقول الله تعالى في كتابه الكريم:"ضَرَبَ اللَّهُ مَثَلًا لِّلَّذِينَ كَفَرُوا امْرَأَتَ نُوحٍ وَامْرَأَتَ لُوطٍ كَانَتَا تَحْتَ عَبْدَيْنِ مِنْ عِبَادِنَا صَالِحَيْنِ فَخَانَتَاهُمَا فَلَمْ يُغْنِيَا عَنْهُمَا مِنَ اللَّهِ شَيْئًا وَقِيلَ ادْخُلَا النَّارَ مَعَ الدَّاخِلِينَ" [التحريم: 10].
من هي امرأة نوح؟
كانت زوجة نبي الله نوح -عليه السلام- من بين الذين رفضوا دعوته إلى التوحيد، ولم تؤمن برسالته رغم أنه عاش يدعو قومه قرونًا طويلة.
لم تكن خيانتها لنوح خيانة زوجية، بل كانت خيانة دينية، حيث كانت تعين قومها الكافرين على محاربة دعوة زوجها، وتُفشي أسراره، وتسخر منه ومن أتباعه.
الخيانة ليست دائمًا خيانة جسدية
يظن البعض أن الخيانة في الآية تشير إلى الخيانة الزوجية، لكن المفسرين أوضحوا أن الخيانة هنا تعني الخيانة في الإيمان والعقيدة. فامرأة نوح لم تكن مخلصة لدين الله، بل كانت تتآمر مع الكافرين ضد زوجها النبي، وتكذّب دعوته، وتزرع الشك في قلوب الناس.
لا نسب ولا قرابة تحمي من العذاب
تؤكد قصة امرأة نوح على حقيقة عظيمة، وهي أن النسب لا ينفع إذا كان الإنسان بعيدًا عن الإيمان. فحتى لو كان الإنسان قريبًا من الأنبياء أو الصالحين، فإن ذلك لا يعني النجاة من العذاب الإلهي إذا كان في طريق الكفر.
وقد جسدت امرأة نوح هذه الحقيقة، إذ لم يشفع لها كونها زوجة نبي، بل كان مصيرها كمصير القوم الذين كذبوا الدعوة، ونزل بهم الطوفان عقابًا على كفرهم وعنادهم.
رسالة القرآن: الإيمان اختيار فردي
تُظهر هذه القصة أن الإيمان مسألة شخصية، لا تُفرض بالعلاقات العائلية أو الاجتماعية. فكما أن امرأة نوح لم تستفد من كونها زوجة نبي، كذلك نجد في التاريخ نماذج لنساء كن مؤمنات رغم أنهن يعشن في بيئات كافرة، مثل آسيا امرأة فرعون، التي كانت نموذجًا مضادًا لامرأة نوح، حيث تمسكت بالإيمان رغم أنها زوجة أعتى الطغاة.
تمثل قصة امرأة نوح درسًا بليغًا لكل إنسان، مفاده أن النجاة ليست بالمظاهر، ولا بالنسب، بل بالإيمان والعمل الصالح. فمهما كانت القرابة، يبقى الاختبار الحقيقي في العقيدة والولاء لله، فكما لم تنفع امرأة نوح صلتها بنبي الله، فإن العبرة تبقى في القلب وما يحتويه من إيمان أو كفر.