أول رد لـ"علي جمعة" على الجدل حول فتواه بإباحة صداقة الولد والبنت

في أول تعليق له على الجدل الذي أثير حول فتواه بشأن الصداقة بين الذكور والإناث، أكد الدكتور علي جمعة، مفتي الديار المصرية السابق، أن المشاعر القلبية ليست محلًا للحلال والحرام، بل الأفعال والتصرفات الناتجة عنها هي التي تخضع للضوابط الشرعية.
وجاء ذلك خلال من برنامج "نور الدين والدنيا" الذي يُعرض على القناة الأولى المصرية، وهو الجزء الثاني من برنامج(نور الدين) الذي عرض رمضان الفائت ولاقي الكثير من الجدل والانتقادات بسب فتواه، أن صداقة الولد والبنت مباحة بشرط العفاف والعلانية.
قال جمعة خلال القاء هذا العام موضحًا: "الإسلام لا يحاسب الإنسان على ما يشعر به، بل على ما يفعله بهذه المشاعر. الحب أو الميل العاطفي أمر فطري لا يمكن منعه، ولكن يبقى السؤال: كيف يُترجم هذا الحب إلى أفعال؟".
وأضاف: "الشرع يرفض السرية في العلاقات بين الجنسين، ولهذا قال الله تعالى: (وَلَا تُوَاعِدُوهُنَّ سِرًّا إِلَّا أَنْ تَقُولُوا قَوْلًا مَعْرُوفًا)، أي أن أي تواصل يجب أن يكون في العلن، وأن يحترم العفاف والحدود الأخلاقية."
العادات والتقاليد ليست بديلًا عن الدين
وأوضح جمعة أن كثيرًا من الأحكام الفقهية يختلط فيها الدين بالعادات والتقاليد، مما يؤدي إلى التباس لدى الناس، وقال: "لا يمكن أن نحكم على العلاقات بين الناس من خلال العادات الاجتماعية فقط، بل يجب الرجوع إلى الشرع الذي وضع ضوابط تحمي الأفراد والمجتمعات دون تعقيد حياتهم أو حرمانهم من فطرتهم البشرية."
وشدد على أن الإسلام لا يمنع الصداقة بين الجنسين طالما أنها قائمة على الاحترام والعفة، مشيرًا إلى أن المشكلة تكمن في التصرفات الخاطئة وليس في المشاعر ذاتها.
حديث العشق والعفاف
وخلال حديثه، استشهد جمعة بحديث النبي ﷺ: "من عشق فعفَّ فكتم فمات، مات شهيدًا". وأوضح أن بعض العلماء ضعفوا الحديث، لكن هناك من أثبته، مثل الشيخ أحمد بن الصديق الغماري الذي ألّف كتابًا في الدفاع عنه بعنوان "ترك الضعف عن حديث من عشق".
وقال: "المشاعر القلبية لا يتحكم فيها الإنسان، ولكن الإسلام يدعو إلى ضبطها بالعفاف، وعدم الانجراف وراء الشهوات أو التصرفات غير المشروعة. فمن أحب في إطار العفة، ولم يتجاوز حدود الله، فليس عليه شيء."
الحكم الشرعي وفق ضوابط واضحة
واختتم جمعة حديثه مؤكدًا أن الأحكام الدينية يجب أن تُفهم في سياقها الصحيح، بعيدًا عن التشدد أو التفريط، وقال: "ليس كل ما اعتاد عليه المجتمع صحيحًا من الناحية الدينية، لذا علينا التمييز بين الدين والتقاليد، وفهم النصوص الشرعية وفق مقاصدها الحقيقية وليس وفق العادات السائدة."
بهذا التصريح، يعيد الدكتور علي جمعة التأكيد على ضرورة فهم الدين برؤية وسطية، بعيدًا عن الغلو أو التحريم غير المبرر، مشيرًا إلى أن العلاقات بين الجنسين يجب أن تُبنى على الوضوح والعفاف، لا على السرية أو الانحراف عن الضوابط الأخلاقية.