بوابة الوفد الإلكترونية
رئيس حزب الوفد ورئيس مجلس الإدارة
د.عبد السند يمامة
رئيس التحرير
عاطف خليل
المشرف العام
ياسر شوري

علي جمعة: ابدأ صفحة جديدة مع الله ولو مئة مرة في اليوم

الدكتور علي جمعة
الدكتور علي جمعة

 أكد الدكتور علي جمعة، مفتي الجمهورية السابق وعضو هيئة كبار العلماء، على أهمية الاستغفار وبدء صفحة جديدة مع الله تعالى بشكل مستمر، مشيرًا إلى أن سيدنا رسول الله ﷺ، رغم أنه غُفِر له ما تقدم من ذنبه وما تأخر، كان يستغفر الله مئة مرة في اليوم.

 وأوضح جمعة، أن الاستغفار الذي كان يداوم عليه النبي ﷺ يختلف عن استغفارنا، فقد كان استغفاره من جنس آخر، لكنه يُعلمنا كيف نطلب المغفرة بما يتناسب مع طبيعتنا البشرية. 

 واستشهد بحديث النبي ﷺ: "إِنَّهُ لَيُغَان عَلى قَلْبِي، وَإِنِّي لأَسْتَغْفِرُ اللَّهَ كلَّ يَوْمٍ مِئَةَ مَرَّةٍ"، موضحًا أن للقلب بابين؛ أحدهما مفتوح على الخلق، والآخر على الحق – سبحانه وتعالى–.

بابا القلب.. بين الأنوار والانشغال بالدنيا:

 وأشار جمعة إلى أن الباب المفتوح على الحق هو الذي يُدخل منه الأنوار وتنكشف به الأسرار، بينما الباب المفتوح على الخلق هو الذي يستخدمه الإنسان في تعاملاته مع الناس وشؤون الدنيا. ولأن النبي ﷺ كان مأمورًا بتبليغ الرسالة والتعامل مع الناس، فقد كانت الأنوار الإلهية التي تنسكب على قلبه تُغلق باب الخلق أحيانًا، فيستغفر الله حتى يُفتح الباب مرة أخرى ليواصل أداء رسالته.

 أما الإنسان العادي، فإن انشغاله بالدنيا هو ما يغلق باب الحق عليه، حيث يغرق في الأشياء والأشخاص والأحداث، فيحتاج إلى الاستغفار حتى يعيد قلبه إلى الله ويفتح باب النور.

الغَينُ نوعان: غينُ أنوارٍ وغينُ أغيارٍ:

 وساق جمعة مثالًا على فهم هذا الحديث، موضحًا أن الإمام أبو الحسن الشاذلي استشكل معنى "يُغان على قلبي"، حيث تساءل: "كيف يُغان على قلبِ سيدنا رسول الله ﷺ إذا كنتُ أنا لا يُغان على قلبي؟"
فرأى النبي ﷺ في المنام وقال له: "يا عليّ، غينُ أنوارٍ لا غينَ أغيارٍ."

 وأوضح جمعة أن هناك نوعين من الغَين؛ غينُ أغيارٍ، وهو الذي يغلق باب الحق على الإنسان بسبب انشغاله بالدنيا، وغينُ أنوارٍ، وهو الذي يغلق باب الخلق على العبد بسبب استغراقه في معية الله. وكلاهما يحتاج إلى الاستغفار، لأن إغلاق أي باب منهما يعتبر نقصًا.

السهو في الصلاة.. بين النبي ﷺ والناس:

 عن السهو في الصلاة، أوضح جمعة أن النبي ﷺ كان يستغرق في معية الله حتى إنه أحيانًا كان يظهر بمظهر النسيان أمام الناس، لكنه في الحقيقة لم يكن يغفل عن الله، بل كان يغفل عن الأكوان والرسوم. واستشهد ببعض الأبيات الشعرية التي توضح هذا المعنى:

يَا سَائِلِي عَنْ رَسُولِ اللَّهِ كَيْفَ سَهَا... وَالسَّهْوُ مِنْ كُلِّ قَلْبٍ غَافِلٍ لَاهِي
قَدْ غَابَ عَنْ كُلِّ شَيْءٍ سِرُّهُ فَسَهَا... عَمَّا سِوَى اللَّهِ ، فالتَّعْظِيمِ لِلَّهِ

 وبذلك، فإن النبي ﷺ كان يغيب عن الدنيا لانشغاله بالله، أما الناس فيغيبون عن الله لانشغالهم بالدنيا، وهو ما يستوجب الاستغفار المستمر لتصحيح المسار الروحي للمؤمن.

الاستغفار طريق للأنوار:

 أكد جمعة أن الاستغفار ليس مجرد كلمات تُقال، بل هو وسيلة لفتح باب النور والقرب من الله، داعيًا المسلمين إلى التوبة وبدء صفحة جديدة مع الله، ولو مئة مرة في اليوم، اقتداءً بسيد الخلق ﷺ.