الرئيس السيسي يعود إلى أرض الوطن بعد المشاركة في القمة الأفريقية الروسية

صرح المتحدث الرسمي باسم رئاسة الجمهورية، بأن الرئيس عبدالفتاح السيسي يعود إلى أرض الوطن بعد المشاركة في القمة الأفريقية الروسية الثانية التي انعقدت بمدينة سان بطرسبرج في روسيا الاتحادية.
كلمة السيسي خلال القمة الأفريقية الروسية:
وكان الرئيس عبدالفتاح السيسي، قال إن القمة الروسية الأفريقية تأتى في ظرف دولي بالغ التعقيد، ومُناخ عام يتسم بدرجة عالية من الاستقطاب، والتغيرات التي باتت تمس القواعد الرئيسية التي بنى على أساسها نظامنا الدولي بمفهومه الحديث، موضحًا أن الدول الأفريقية في خضم ذلك، لتواجه عددًا ضخمًا من التحديات، التي لا تؤثر فقط في قدرتها على استكمال مسارها التنموي، وإنما تُهدد مُحددات أمنها، وحقوق الأجيال القادمة، إذ باتت شعوبنا تتساءل بشكل مشروع عما لدينا من أدوات وما نقوم به من إجراءات للتصدي لهذه التحديات، وتأمين مستقبل آمن لهم.
وإلى نص الكلمة:
بسم الله الرحمن الرحيم
فخامة الرئيس "فلاديمير بوتين"، رئيس دولة روسيا الاتحادية،
فخامة الرئيس "عثمان غزالي"، رئيس اتحاد جزر القمر، ورئيس الاتحاد الأفريقي"،
أصحاب الفخامة.. رؤساء دول وحكومات قارتنا الأفريقية،
أود في البداية أن أعرب لفخامة الرئيس "بوتين" عن تقديرنا البالغ، لحفاوة الترحيب وكرم الضيافة، ويُسعدني أن أتواجد اليوم، في الدورة الثانية للقمة الروسية الأفريقية، التي تشرفت إلى جانب الرئيس "بوتين" بإطلاق نُسختها الأولى بشكل مُشترك عام ۲۰۱۹، خلال رئاسة مصر للاتحاد الأفريقي، إذ صاغ هذا المسار، إطارًا مؤسسيًا مُستدامًا، يليق بحجم وعُمق الشراكة التاريخية، التي تجمع بين الدول الأفريقية وروسيا.
وتأتي قمتنا اليوم، في ظرف دولي بالغ التعقيد، ومُناخ عام يتسم بدرجة عالية من الاستقطاب، والتغيرات التي باتت تمس القواعد الرئيسية التي بني على أساسها نظامنا الدولي بمفهومه الحديث، وتقف دولنا الأفريقية في خضم ذلك، لتواجه عددًا ضخمًا من التحديات، التي لا تؤثر فقط في قدرتها على استكمال مسارها التنموي، وإنما تُهدد مُحددات أمنها، وحقوق الأجيال القادمة، وبحيث باتت شعوبنا تتساءل بشكل مشروع عما لدينا من أدوات وما نقوم به من إجراءات للتصدي لهذه التحديات، وتأمين مستقبل آمن لهم.
السيدات والسادة،
إن مصر كانت دومًا رائدة وسباقة، في انتهاج مسار السلام... سلام الأقوياء القائم على الحق والعدل والتوازن، فكان هو خيارها الاستراتيجي الذي حملت لواء نشر ثقافته، إيمانًا منها بقوة المنطق لا منطق القوة، وبأن العالم يتسع للجميع.
واسمحوا لي من هذا المنبر، وبمناسبة قمتنا اليوم، أن أطرح عليكم رؤية مصر بشأن الظرف الدولي الراهن، وكذا أهم المحاور التي نُقدر أهمية التركيز عليها، كأساس لتعميق التعاون القائم تحت مظلة شراكتنا الاستراتيجية؛ أولًا: إن الدول الأفريقية ذات سيادة، وإرادة مستقلة، وفاعلة في مجتمعها الدولي... تنشد السلم والأمن، وتبحث عن التنمية المستدامة، التي تحقق مصالح شعوبها أولًا، ويتعين أن تبقى بمنأى عن مساعي الاستقطاب في الصراعات القائمة.
ثانيًا: إن صياغة حلول مستدامة للصراعات القائمة في عالمنا اليوم، يتعين أن تتأسس على أهداف ومقاصد ميثاق الأمم المتحدة، ومبادئ القانون الدولي بما في ذلك التسوية السلمية للنزاعات، والحفاظ على سيادة الدول ووحدة أراضيها، بجانب ضرورة التعامل مع جذور ومسببات الأزمات، لا سيما تلك المتعلقة بمحددات الأمن القومي للدول، وكذا أهمية الامتناع عن استخدام الأدوات المختلفة، لإذكاء الصراع وتعميق حالة الاستقطاب، ومن بين ذلك توظيف العقوبات الاقتصادية خارج آليات النظام الدولي متعدد الأطراف.
ثالثًا: ضرورة الأخذ في الاعتبار احتياجات الدول النامية وعلى رأسها دول القارة الأفريقية فيما يتعلق بالتداعيات شديدة الوطأة على اقتصاداتها جراء الصراعات والتحديات القائمة، وبالتحديد في محاور الأمن الغذائي، وسلاسل الإمداد وارتفاع أسعار الطاقة، وأؤكد في هذا الشأن أهمية إيجاد حلول عاجلة لتوفير الغذاء والأسمدة بأسعار تساعد أفريقيا على تجاوز هذه الأزمة، مع البحث عن آليات تمويل مبتكرة تدعم النظم الزراعية والغذائية في أفريقيا، وأنني لأتطلع للتوصل لحل توافقي بشأن اتفاقية تصدير الحبوب يأخذ في الاعتبار مطالب الأطراف كافة ومصالحهم ويضع حدًا للارتفاع المستمر في أسعار الحبوب.
رابعًا: تحتم التطورات الدولية المتلاحقة وتداعياتها التي باتت تمس أرجاء عالمنا كافة، وجود صوت أفريقي مؤثر وفعال، داخل المحافل الدولية القائمة وبما يعمل على إيصال موقف الدول الأفريقية ويحقق القدر المطلوب من التوازن عند مناقشة القضايا ذات التأثير المباشر على مصالحها، وأنني أعرب هنا، عن تطلع مصر لأن تحظى المطالب الأفريقية في إطار مجموعة العشرين، وكذا مساعي إصلاح المؤسسات التمويلية الدولية، بدعم الشريك والصديق الروسي.
السادة الحضور،
عمق العلاقات الاستراتيجية والروابط المهمة
إن الوثائق التي ستصدر عن قمتنا اليوم تثبت وبحق عمق العلاقات الاستراتيجية والروابط المهمة، التي تجمع دولنا الأفريقية بالجانب الروسي، فضلًا عن الآفاق الواسعة، لتعزيز العلاقات القائمة بيننا لا سيما في المجالات محل الاهتمام المشترك وعلى رأسها تعزيز السلم والأمن ومكافحة مهدداته، وكذا تفعيل مسارات التنمية الاقتصادية، بالتركيز على قطاعات البنية التحتية والتصنيع الزراعي والتحول الصناعي، بالاستفادة من التكنولوجيا الروسية، هذا بالإضافة لتعزيز الصلات الثقافية والروابط التاريخية بين شعوبنا.
وأنني أؤكد في هذا الصدد، التزام مصر باستمرار انخراطها بشكل جاد ومخلص في جهود تعميق شراكتنا الاستراتيجية، إيمانًا بالفرص ومساحات التعاون الواسعة القائمة في إطارها، وذلك من خلال تسخير الأدوات والإمكانات المصرية، على المستوى الوطني، عبر تفعيل التعاون القائم بين الشركات المصرية ونظيرتها الروسية، في المجالات ذات الاهتمام المشترك، وعلى المُستوى القاري من خلال رئاسة مصر للجنة التوجيهية لرؤساء دول وحكومات وكالة الاتحاد الأفريقي للتنمية "النيباد"، وكذا ريادة ملف إعادة الإعمار والتنمية فيما بعد الصراعات على مستوى الاتحاد الأفريقي، لتدعيم جهود تعزيز السلم والأمن وتحقيق التنمية.
وختامًا، أتقدم بالشكر مرة أخرى لروسيا ولفخامة الرئيس "بوتين" على عقد هذا المحفل، وأعرب عن التطلع لاستمرار التنسيق في إطار الشراكة المحورية القائمة بيننا، متمنيًا للشعب الروسي والشعوب الأفريقية كافة دوام التقدم والازدهار.