رئيس حزب الوفد ورئيس مجلس الإدارة
د.عبد السند يمامة
رئيس مجلس التحرير
سامي أبو العز
رئيس التحرير
ياسر شورى
رئيس حزب الوفد ورئيس مجلس الإدارة
د.عبد السند يمامة
رئيس مجلس التحرير
سامي أبو العز
رئيس التحرير
ياسر شورى

126 قتيلًا و170 اعتداءً

بوابة الوفد الإلكترونية

ترامب يحول 2025 إلى عام الحرب المفتوحة على الصحافة

 

بدا عام 2025 واحدًا من أقسى الأعوام على الصحافة وحرية الإعلام. حيث وجد العاملون فى المجال أنفسهم أمام موجة غير مسبوقة من العنف والتضييق السياسى والانكماش المهنى، بينما تتراجع الثقة العامة بالإعلام وتتآكل قدرته على أداء دوره الرقابى.

تشير المؤشرات إلى أن هذا العام قد يكون الأكثر دموية على الإطلاق بالنسبة للصحفيين حول العالم. فى الولايات المتحدة وحدها، اقترب عدد الاعتداءات المسجلة على الصحفيين خلال 2025 من إجمالى الاعتداءات خلال السنوات الثلاث الماضية مجتمعة. وفى الوقت نفسه، واصل الرئيس دونالد ترامب مهاجمة الصحفيين علنا، متهما بعضهم بالعداء وموبخا آخرين بسبب أسئلتهم، واصفا إحدى الصحفيات بعبارات مهينة، بينما استمر التراجع فى أعداد العاملين فى غرف الأخبار مع تقلص الوظائف وتسريح الصحفيين.

يرى كثيرون صعوبة تخيل فترة أكثر قتامة للصحافة. تيم ريتشاردسون، مراسل واشنطن بوست السابق والمدير الحالى لبرنامج الصحافة والتضليل فى منظمة PEN America، قال إن ما تشهده الصحافة اليوم يمثل هجوما غير مسبوق فى العصر الحديث، مضيفا أن الاعتداء على الصحافة خلال العام الماضى كان الأعنف منذ بداية عمله فى المجال. بحسب أسوشيدبرس.

على الصعيد العالمى، سجل عام 2025 حتى أوائل ديسمبر مقتل 126 صحفيًا وعاملًا فى الإعلام، وهو نفس العدد فى عام 2024 بأكمله. ويشكل قصف إسرائيل لغزة السبب فى مقتل 85 منهم، بينهم 82 صحفيا فلسطينيا.

وصفت جودى جينسبيرغ، الرئيسة التنفيذية للجنة حماية الصحفيين هذه الأرقام بالمقلقة، مؤكدة أن الأزمة لا تتعلق فقط بعدد القتلى، بل بالفشل المستمر فى تحقيق العدالة ومحاسبة المسئولين. وأشارت إلى أن عقودا من العمل فى هذا المجال أظهرت أن الإفلات من العقاب يولد مزيدا من الإفلات، وأن عدم محاسبة قتلة الصحفيين يخلق بيئة تستمر فيها عمليات استهداف الصحفيين. وتقدر اللجنة أن ما لا يقل عن 323 صحفيا يقبعون حاليا فى السجون حول العالم.

رغم أن أى صحفى لم يُقتل هذا العام داخل الولايات المتحدة، فإن العمل الصحفى بها محفوف بالمخاطر. فقد سجل مؤشر حرية الصحافة الأمريكى 170 بلاغا عن اعتداءات على الصحفيين، 160 منها على أيدى قوات إنفاذ القانون، وغالبيتها أثناء تغطية قضايا متعلقة بتطبيق قوانين الهجرة.

ولا يمكن تجاهل تأثير ترامب على هذا المناخ العدائى. فرغم تواصله مع الصحفيين أكثر من أى رئيس آخر فى الذاكرة الحديثة، فإنه يظهر غضبا متكررا ضد وسائل الإعلام. ريتشاردسون يرى أن ترامب خلال ولايته الثانية لم يكتف بالهجوم الخطابى، بل حول عداءه للصحافة إلى سياسة حكومية لتقييد الصحفيين ومعاقبتهم وترهيبهم.

سرعان ما أدرك الصحفيون أنهم أمام معركة حقيقية. وكالة أسوشيتد برس واجهت ذلك عندما قيّد ترامب وصولها لتغطية أنشطته بعد رفضها الامتثال لتوجيهه بتغيير اسم خليج المكسيك، ورفعت دعوى قضائية لا تزال منظورة. كما توصل ترامب لتسويات مع شبكتى ABC وCBS News فى قضايا تتعلق بتغطيات لم ترضه، ويواصل مقاضاة نيويورك تايمز وول ستريت جورنال.

وبعد سنوات من الهجوم على ما اعتبره تحيزا ضد المحافظين فى PBS وNPR، نجح ترامب وحلفاؤه فى الكونجرس بخفض تمويل البث العام بالكامل، وسعى لإغلاق مؤسسات تبث الأخبار عالميا.

شخصيات أخرى فى الإدارة حذت حذو ترامب، مثل اختيار المكتب الصحفى للبيت الأبيض إطلاق بوابة إلكترونية لتلقى شكاوى تتهم الإعلام بعدم الإنصاف. جينسبيرغ رأت ذلك جزءا من استراتيجية لتصوير الصحفيين الذين لا يكررون الرواية الرسمية على أنهم ناشرو أخبار مزيفة ومشبوهون ومجرمون.

وصف وزير الدفاع فى إدارة ترامب، بيت هيغسيث، الصحفيين بأنهم شخصيات غامضة تتسلل فى أروقة البنتاجون لكشف أسرار، مبررا فرض قواعد مشددة على التغطية الإعلامية. وواجهت هذه الخطوة مقاومة غير مسبوقة، إذ تخلت معظم المؤسسات الكبرى عن تراخيصها للعمل داخل البنتاجون، واستمرت بنشر تقاريرها من خارجه، كما رفعت نيويورك تايمز دعوى لإلغاء القواعد، ودافعت عن نفسها علنا عندما هاجمها ترامب بسبب تغطيتها لحالته الصحية.

رغم تصاعد الهجمات، فإن اهتمام الجمهور الأمريكى بها محدود، حيث أظهر استطلاع لمركز بيو للأبحاث أن 36% فقط من الأمريكيين سمعوا عن علاقة إدارة ترامب بالصحافة، مقارنة بـ72% خلال الفترة نفسها من ولايته الأولى. الاستطلاعات المستمرة تؤكد أن الصحفيين لم يتمتعوا يوما بشعبية واسعة، ما يقلل تعاطف الجمهور عند تعرض مهنتهم للتضييق.

ورغم هذا المشهد القاتم، تظهر بعض إشارات التفاؤل. صناعة الأخبار تشهد تراجعا مستمرا منذ أكثر من عقدين بسبب انهيار سوق الإعلانات وتسريع عمليات التسريح. تقرير مشترك لمنظمتى ماك راك وريبيلد لوكال نيوز أظهر أن عدد الصحفيين فى الولايات المتحدة انخفض من 40 لكل 100 ألف نسمة عام 2002 إلى نحو 8 فقط هذا العام.

مع ذلك، يشير خبراء مثل جينسبيرغ وريتشاردسون إلى بروز مؤسسات محلية مستقلة تنمو فى بيئة صعبة، مثل صحيفة بالتيمور بانر، وشارلوتسفيل تومورو فى فرجينيا، وأوتلاير ميديا فى ميشيغان.

وفى خضم السخرية المستمرة من الإعلام فى أمريكا ترامب، كتب جيم فانديهى، الرئيس التنفيذى لموقع أكسيوس، أن المراسلين فى وسائل الإعلام الرئيسية لا يزالون يعملون بجد ويستطيعون تحديد أجندة النقاش الوطنى. وقال لوكالة أسوشيتد برس إن الأمل يبقى قائما فى أن يعيد الناس الاعتراف بأهمية الإعلام الحر، رغم عيوبه، لأنه أفضل من غياب الصحافة تمامًا.