والعام يلم أيامه الأخيرة ويغلق أبوابه، لم يكن عام 2025 امتدادًا طبيعيًا لما سبقه، بل مثل مرحلة انتقالية حادة فى بنية النظام الإقليمي؛ لكن لماذا هو مختلف عن عام ٢٠٢٤.
خاصة فيما يتعلق بالفوضى وعدم الاستقرار؟
الإجابة: أنه فى ٢٠٢٥ تقاطعت الحروب المفتوحة مع أزمات الدولة الوطنية، وتفككت قواعد الردع التقليدية التى حكمت الإقليم لعقود. والأخطر تآكل فكرة «الخطوط الحمراء» فى أكثر من ساحة: غزة، لبنان، البحر الأحمر، وأوكرانيا–الشرق الأوسط كمسار واحد مترابط.
والصراعات انتقلت من حروب بالوكالة إلى احتكاكات مباشرة أو شبه مباشرة بين قوى إقليمية (حرب الاثنى عشر يوماً ما بين إسرائيل وإيران مثلت النموذج المباشر لذلك). الطاقة والغذاء والممرات والشرايين الملاحية أضحت أسلحة مباشرة فى الصراع، وليس مجرد أدوات اقتصادية.
نتيجة لما سبق غاب مشروع إقليمى جامع، مقابل صعود لاعبين من دون رؤية شاملة. والدول محورية منشغلة بإدارة تحدياتها الداخلية فى سياق الصدمات الخارجية وحماية حدودها لا بصياغة نظام إقليمى.
لذلك أصبحت التحالفات مؤقتة، مرنة، بلا التزامات طويلة المدى.
وتراجعت الثقة فى الضمانات الدولية، وعاد منطق «توازن الخوف». حيث تسارعت وتيرة القرارات العسكرية مقابل بطء الحلول السياسية.
وتصاعد دور الفاعلين من غير للدول كقوة تعطيل وأدوات اضطراب فوضى مستمرة.
ليصبح العنوان الرئيسى لعام ٢٠٢٥، عام تراجع الدبلوماسية مقابل الأدوات الخشنة والقوة الصلبة.
لكن فى خضم هذا كله صمدت الدبلوماسية المصرية، بل كانت أكثر قوة وحسما وفاعلية كلما اشتدت وتصاعدت حدة التوترات الإقليمية والدولية.
وعام 2025 شكّل ذروة واضحة فى توظيف مصر لأدوات الدبلوماسية الرئاسية باعتبارها الذراع الأثقل فى السياسة الخارجية، فى لحظة إقليمية شديدة الاضطراب وتحوّل دولى متسارع. التحركات الرئاسية كعادتها كانت بمثابة مهام قومية موجّهة بأهداف أمن قومى مباشرة، واقتصادية، وتوازنية فى شبكة التحالفات والعلاقات الدولية حماية للأمن القومى المصرى وتحقيقاً للمصالح الوطنية المصرية فى كافة المحاور والمجالات.
لذلك ونحن فى نهاية عام ونستعد لاستقبال عام جديد، وكعادة نهاية كل عام والحديث عن حصاد 2025 فالأكيد أن نجحت فى تثبيت المكانة وفق نموذج «الدولة القائد» كدولة ارتكاز لا يمكن تجاوزها فى معادلات الشرق الأوسط وشرق المتوسط وأفريقيا.
والرهان فى العام القادم ليس على كثافة التحركات، بل على تحويل النفوذ السياسى إلى عوائد استراتيجية واقتصادية مستدامة. تنعكس بأثر مباشر على المواطن المصرى.