تفريغ الصندوقين الأسودين لطائرة رئيس الأركان الليبي وضباط شرطة يفتقدون الخبرة
كشف الصندوقان الأسودان للطائرة الليبية المنكوبة التي كانت تقل الفريق أول محمد الحداد ومرافقيه أثار جدلا سياسيا وأمنيا واسعا في ليبيا وتركيا، وسط متابعة دقيقة لمجريات التحقيقات الدولية والفنية.
عثر خبراء دوليون على الصندوقين الأسودين للطائرة الليبية التي تحطمت أثناء عودة الفريق أول محمد الحداد رئيس الأركان العامة للجيش الليبي ومرافقيه من زيارة رسمية لأنقرة، مما أحدث مفاجأة سياسية ذات أبعاد عميقة تتجاوز حادث تحطم عادي للطيران العسكري.
وفتح العثور على الصندوقين الأسودين ملفات حساسة مرتبطة بالأمن العسكري الليبي والعلاقات الثنائية مع تركيا والاستقرار الإقليمي في شمال أفريقيا والشرق الأوسط.
التحقيق الدولي وموضوعية النتائج
اختارت السلطات الليبية والتركية فحص الصندوقين الأسودين في دولة محايدة لضمان تحقيق شفاف ومستقل بعيدا عن أي ضغوط سياسية محتملة.
وأكدت السلطات أن نتائج التحقيق لن تقتصر على التقرير الفني فقط بل ستكون أداة لتحديد المسؤوليات وربما إعادة ترتيب القيادة العسكرية الليبية.
التأثير على المشهد العسكري الليبي
مثل وفاة رئيس الأركان الفريق أول محمد الحداد في حادث مأساوي خسارة كبرى للقيادة العسكرية، وطرح تساؤلات حول قدرة مؤسسات الدولة الليبية على مواجهة التحديات الأمنية الداخلية والخارجية.
وأدى الحادث إلى توقع تغييرات محتملة في مراكز النفوذ داخل الجيش وربما تسريع الخطط الدفاعية والأمنية.
أبعاد العلاقات الليبية التركية
زار الفريق أول محمد الحداد أنقرة قبل الحادث والتقى كبار المسؤولين العسكريين الأتراك، ما أضفى بعدا حساسا على الأزمة.
وعكس التعاون التركي في البحث والتحقيق مستوى التنسيق العالي بين البلدين، ووضع تركيا في موقع حساس لتفسير نتائج التحقيق.
قدم رئيس مجلس الأمة التركي الكبير نعمان قورتولموش خلال اتصال هاتفي مع رئيس المجلس الأعلى للدولة محمد تكالة خالص التعازي في وفاة الفريق أول محمد الحداد والوفد المرافق له.
وأكد قورتولموش تضامن بلاده الكامل مع ليبيا في هذا الفقد الكبير، مقدما المواساة لأسر الضحايا.
المتابعة التركية للتحقيقات
أكد سفير تركيا لدى ليبيا غوفين بيغيتش خلال لقائه رئيس المجلس الرئاسي محمد المنفي استمرار التحقيقات في الحادث، مشيرا إلى تقديم تقرير كامل بعد اكتمال التحقيقات.
وشكل وزير المواصلات الليبي محمد الشهوبي وفدا للسفر إلى تركيا لمتابعة التحقيقات وجمع البيانات والمعلومات الدقيقة حول خلفيات وملابسات الحادث وفقا للقرار رقم 954 لسنة 2025، على أن يقدم الوفد تقريرا مفصلا فور العودة.
وطوقت السلطات التركية موقع التحطم ووضعته تحت حماية مشددة تحت إشراف نائب للمدعي العام، كما جرى التحفظ على تسجيلات كاميرات المراقبة في مطار أسن بوغا وإدراج جميع الاتصالات اللاسلكية بين برج المراقبة والطائرة ضمن ملف التحقيق.
وكثفت النيابة العامة في أنقرة التحقيقات وطلبت تقارير خبراء لتحديد صلاحية الطائرة للطيران وفحص مسؤولية الطاقم الفني في أعمال الصيانة الأخيرة.
تحليل الخبراء والأبعاد الفنية
اعتبر وزير الداخلية الأسبق عاشور شوايل أن ملابسات الحادث لا تزال غامضة، مؤكدا أن أي استنتاجات أو اتهامات قبل صدور تقرير رسمي تعد سابقة لأوانها.
وأوضح شوايل أن الصندوقين الأسودين للطائرة يحتويان على تسجيلات الرحلة والاتصالات، وأن مراجعة هذه البيانات ضرورية لكشف الحقيقة.
وأشار إلى أن الفريق أول محمد الحداد كان شخصية وطنية بارزة منذ عام 2020، داعيا إلى وحدة الجيش الليبي ورفض أي صراع مسلح بين الليبيين، وأن حادث الطائرة يستدعي تدخل خبراء الطيران المدني والمهندسين لضمان تحقيق مهني ودقيق، بعيدا عن الاجتهادات الفردية.
وأكد شوايل أن ضباط الشرطة قد لا يمتلكون الخبرة الكافية للتعامل مع حوادث الطيران المعقدة، مؤكدا ضرورة تشكيل لجنة تحقيق محايدة تضم خبراء فنيين، طيارين مدنيين، مهندسين مختصين، وممثلين عن الأمن والاستخبارات لضمان الوصول إلى الحقائق.
ونوه بأن مشاهد الحطام ووجود أجزاء الطائرة في مواقع مختلفة يفتح عدة فرضيات، وأن أي حديث عن تخطيط مسبق للحادث لا يستند إلى أدلة رسمية.
وشدد على أن الحسم لا يمكن إلا بعد تحليل الصندوقين الأسودين ومراجعة تسجيلات الطيار وبرج المراقبة وربط المعطيات الفنية.