رئيس حزب الوفد ورئيس مجلس الإدارة
د.عبد السند يمامة
رئيس مجلس التحرير
سامي أبو العز
رئيس التحرير
ياسر شورى
رئيس حزب الوفد ورئيس مجلس الإدارة
د.عبد السند يمامة
رئيس مجلس التحرير
سامي أبو العز
رئيس التحرير
ياسر شورى


يوسف محمد، زهرة فى ريعان الصبا كان من المأمول أن تزدهر فى آفاق الرياضة المصرية، لكنها للأسف ذوت بل غرقت فى خِضم بحر من الإهمال، كان أملاً يحيا فى قلب والديه يتمنيان أن يتحقق أمام ناظريهما فتحول إلى حسرة تدمى قلبيهما حتى آخر العمر، وما يدعونى إلى الحديث عن هذه القضية هو ما شعرت به من غضب جم عند معرفة وقائعها وما أحاط به من ملابسات ثم لم يلبث الغضب أن تحول إلى ثورة ضد أقصى ما يمكن تخيله عن الإهمال بأبشع صوره والذى يصل إلى الاغتيال، اغتيال لكل أمل بأنياب عدم تحمل المسئولية واللامبالاة، وبطل المأساة هنا هو «يوسف»، ناشئ السباحة بنادى الزهور، الذى كان ينتظر له أن يغدو بطلاً يسر الناظرين فتحول إلى جثة هامدة وغادر دنيانا فى غمضة عين خلال مشاركته فى بطولة الجمهورية للسباحة تحت 12.
والرواية الرسمية الصادرة عن الاتحاد المصرى للسباحة، هى تعرّض يوسف لحالة إغماء مفاجئة فور انتهاء سباق 50 متر ظهر، ليسقط داخل حمام السباحة، قبل أن يتم نقله بشكل عاجل إلى أحد المستشفيات القريبة من مجمع حمامات السباحة باستاد القاهرة، ورغم محاولات الإنعاش، فارق الطفل الحياة فى المستشفى.
وفق تلك الرواية، فالأمر لا يعدو كونه حادثاً للاعب تعرض لحالة إغماء ومن ثم توفى غرقاً ولكن ثمة تفاصيل كثيرة كشفتها جهات التحقيق أماطت اللثام عن العديد من النقاط التى تدعو للتساؤل عن وجود جريمة إهمال وتسيب واضحة من جميع الأطراف المسئولة، إذ إنه وفق جهات التحقيق تبين من تفريغ محتوى المقاطع المرئية أنه عقب وصول المجنى عليه إلى نقطة نهاية السباق، تهاوى إلى قاع المسبح، دون أن يلحظه المسئولون عن الإنقاذ أو الحكام، وأنه تم اكتشاف غرقه فقط  أثناء فعاليات السباق التالى، وذلك عقب مرور ثلاث دقائق وأربع وثلاثين ثانية وذلك على الرغم من وجود طاقم طبى يتضمن طبيب رعاية مركزة وطبيبة اتحاد السباحة وسيارة إسعاف بمحل الواقعة!!! 
وقد أدلى جميع الشهود بشهادات تفصيلية بعدم التزام كل من الاتحاد المصرى للسباحة ونادى الزهور الرياضى بأحكام قانون الرياضة، فيما يتعلق بضوابط الحفاظ على صحة وسلامة اللاعبين المشاركين فى البطولة، وبما نص عليه الكود الطبى للاعبين الصادر بقرار وزير الشباب والرياضة رقم ١٦٤٢ لسنة ٢٠٢٤، بشأن التقارير الطبية الواجب الحصول عليها قبل الاشتراك فى البطولات، كما ثبت للنيابة العامة من خلال فحص الملف الطبى للاعب المجنى عليه، أنه يخلو من الإجراءات الطبية التى أوجبها القانون المشار إليه لتمكينه من الاشتراك فى البطولة وأن هناك إهمالاً وتقصيراً من جانب منظمى البطولة بالاتحاد المصرى للسباحة، والمنقذين، والحكام - لعدم مراعاتهم اللوائح والقوانين الواجبة الاتباع كانت سبباً مباشراً فى وفاة المجنى عليه، ومن ثم فقد أصدرت النيابة العامة قرارها بحبس كل من الحكم العام وثلاثة من طاقم الإنقاذ احتياطياً على ذمة التحقيقات، لثبوت مسئوليتهم المباشرة عن وفاة المجنى عليه نتيجة إهمالهم، ومازالت التحقيقات جارية مع كل الأطراف المعنية بالقضية لبيان مسئولية كل طرف عن وقوع هذا الحادث الأليم.
إذن، فوفاة «يوسف» لم تكن مجرد حادث رياضى عابر، بل صدمة خيمت أجواؤها على الوسط الرياضى بدءاً من زملاء اللاعب المشاركين فى البطولة، أو المدربين وكذلك أولياء أمورهم الذين عبروا عن ألمهم واستيائهم الشديد، مع الدعوة إلى توقيع أقسى العقوبة عن  المسئولين وإعادة تقييم معايير السلامة داخل البطولات المحلية، وضرورة تشديد الرقابة على الإجراءات الطبية لحماية أطفالنا قبل أى منافسة رياضية فى المستقبل.
وإنى أتساءل -كولى أمر لدىَّ ابنة تشارك في مثل هذه المنافسات الرياضية- هل مع وقوع مثل تلك الحوادث المؤسفة ستدع ابنك -أو ابنتك- كي يواصل ممارسة الرياضة، أم ستحجم خوفاً من وقوع مثل هذا الحادث له؟!!!
إن مثل هذه الأحداث المؤسفة تعد بمثابة إجهاض لحلم الدولة فى بناء جيل ناشئ معافى بدنياً وفكرياً وهى بمثابة سرطان ينخر فى جسد وطن يتحسس طريقه نحو التقدم والازدهار والتى تمثل فيه الرياضة ركناً أساسياً فى رؤيته لغد أفضل  يمثل فيه النشء المصرى لبنة من لبنات بناء الأمة المصرية.