رئيس حزب الوفد ورئيس مجلس الإدارة
د.عبد السند يمامة
رئيس مجلس التحرير
سامي أبو العز
رئيس التحرير
ياسر شورى
رئيس حزب الوفد ورئيس مجلس الإدارة
د.عبد السند يمامة
رئيس مجلس التحرير
سامي أبو العز
رئيس التحرير
ياسر شورى

مارك زوكربيرج يبتعد عن دعم الهجرة مع عودة ترامب إلى البيت الأبيض

بوابة الوفد الإلكترونية

في تحول لافت يعكس تداخل السياسة مع مصالح عمالقة التكنولوجيا، قرر مارك زوكربيرج، الرئيس التنفيذي لشركة ميتا، سحب الدعم الذي استمر أكثر من عقد لمنظمة FWD.us، وهي جماعة ضغط معروفة بدفاعها عن سياسات الهجرة وحقوق المهاجرين في الولايات المتحدة. القرار جاء في توقيت حساس، مع عودة دونالد ترامب إلى الرئاسة في عام 2025، وتصاعد الخطاب المتشدد تجاه الهجرة، ما أعاد طرح تساؤلات قديمة حول مواقف قادة التكنولوجيا وحدود مبادئهم عندما تتغير موازين السلطة.

بحسب تقرير نشرته وكالة بلومبرج، قطعت مبادرة تشان زوكربيرج، الذراع الخيري لزوكربيرج وزوجته بريسيلا تشان، علاقاتها رسميًا مع منظمة FWD.us خلال العام الجاري. وللمرة الأولى منذ تأسيس المنظمة عام 2013، لم تقدم المبادرة أي تمويل لها، رغم أن أكثر من نصف إجمالي التبرعات التي حصلت عليها المنظمة، والبالغة نحو 400 مليون دولار، جاءت سابقًا من مبادرة تشان زوكربيرج.

ولم يتوقف الأمر عند حدود التمويل، إذ استقال جوردان فوكس، كبير موظفي مبادرة تشان زوكربيرج، من عضوية مجلس إدارة FWD.us، دون أن تعين المبادرة أي ممثل بديل لها، في خطوة اعتبرها مراقبون إشارة واضحة إلى فك الارتباط الكامل مع المنظمة التي ارتبط اسم زوكربيرج بها لسنوات طويلة.

وفي تعليق رسمي، قالت متحدثة باسم مبادرة تشان زوكربيرج إن هذا القرار ليس وليد اللحظة، بل يأتي ضمن خطة بدأت منذ عدة أعوام لإعادة توجيه أنشطة المؤسسة. وأوضحت أن المبادرة قررت التركيز على مجالات العلم والتعليم ودعم المجتمعات المحلية، مؤكدة أنها أوفت بالتزاماتها المالية السابقة تجاه FWD.us، وأن مبادرة Biohub العلمية أصبحت الآن النشاط الخيري الرئيسي للمؤسسين.

لكن توقيت هذا الانفصال أثار الكثير من الجدل، خاصة أنه يتزامن مع تغيرات واضحة في خطاب وسياسات شركة ميتا نفسها. ففي أواخر عام 2024، التقى زوكربيرج بأحد أبرز مستشاري ترامب في ملف الهجرة، ستيفن ميلر، الذي يُعد من أشد المدافعين عن سياسات الترحيل والتشديد على الحدود. ووفق تقارير إعلامية، تناول اللقاء، من بين أمور أخرى، علاقة زوكربيرج بمنظمة FWD.us، وهو ما يبدو أنه ترك أثرًا مباشرًا على القرارات اللاحقة.

ومع بداية عام 2025، أعلنت ميتا عن سلسلة تغييرات جوهرية في سياساتها الداخلية والخارجية. شملت هذه التغييرات إنهاء برامج التنوع والمساواة والشمول داخل الشركة، والتخلي عن الاعتماد على جهات مستقلة للتحقق من المحتوى، بدعوى الانحياز السياسي، إلى جانب تعديل سياسات النشر بما يسمح باستخدام لغة هجومية في قضايا تتعلق بالهجرة والهوية الجنسية. كما ضمت الشركة دانا وايت، المعروف بدعمه لترامب، إلى مجلس إدارتها، في خطوة فسّرها كثيرون على أنها محاولة لكسب ود الإدارة الجديدة.

وفي تصريحات لصحيفة نيويورك تايمز، أقر زوكربيرج بأن المشهد التنظيمي والسياسي في الولايات المتحدة يشهد تغيرًا سريعًا، وأن الشركات الكبرى باتت مضطرة لإعادة ضبط سياساتها بما يتماشى مع هذا الواقع الجديد. وأضاف في مكالمة مع المستثمرين أن الإدارة الأمريكية الحالية تضع أولوية لدعم الشركات التكنولوجية الأمريكية، معتبرًا أن ذلك قد يفتح الباب أمام موجة جديدة من الابتكار والنمو.

هذا التحول الحاد يقف على النقيض تمامًا من مواقف زوكربيرج السابقة، حين شارك في تأسيس FWD.us خلال ولاية الرئيس الأسبق باراك أوباما، ودافع علنًا عن منح المهاجرين الموهوبين والعاملين بجد مسارات قانونية للحصول على الجنسية. تصريحات تلك المرحلة، التي وصف فيها الهجرة بأنها من أكبر قضايا الحقوق المدنية في العصر الحديث، عادت اليوم لتطارده، مع اتهامات بالتخلي عن المبادئ لصالح البراغماتية السياسية.

ورغم فقدان أحد أبرز داعميها، أكدت منظمة FWD.us أنها ستواصل عملها. وقال رئيسها تود شولت في بيان إن المنظمة ممتنة للداعمين السابقين والحاليين، مشيرًا إلى انضمام مانحين جدد خلال الفترة الأخيرة، ما يمنحها القدرة على الاستمرار في الدفاع عن المهاجرين والعمل على إصلاح سياسات الهجرة والعدالة الجنائية في الولايات المتحدة.

في المحصلة، يكشف هذا المشهد عن واقع معقد يواجهه قادة التكنولوجيا، حيث تتقاطع المبادئ المعلنة مع الحسابات السياسية والتنظيمية. وبينما يرى البعض في قرارات زوكربيرج نوعًا من الواقعية السياسية، يعتبرها آخرون دليلًا جديدًا على أن القيم في وادي السيليكون قد تتغير بتغير ساكني البيت الأبيض.