عصف ذهنى
بعد أن وصل إلى نهاية سباق الـ(50 متر)، فجأة توقفت عضلة قلبه، ليسقط يوسف فى قاع حمام السباحة، دون أن ينتبه إليه أحد رغم وجود عشرة حكام ومثلهم مسعفون، على حافتى الحمام، لكن الإهمال أغشى عيونهم حتى ظل 10 دقائق فى القاع، ليكتشفه زميله فى الجولة التالية للسباق، فيخرجوه جثة هامدة، ولإرضاء ضمائرهم الميتة قاموا بإسعافات شكلية، هروبًا من المسئولية!!
هذا ما روته الدكتورة فاتن والدة الطفل بدموعها، فى بلاغها للفضائيات محذرة من ضياع حق ابنها، ومطالبة بتدخل الضمائر الحية ثأرًا لروح يوسف.
والحقيقة أن يوسف محمد عبدالملك ابن الاثنى عشر ربيعًا، الحاصل على الذهبية للسباحة بمنطقة بورسعيد كأحد أنائها، جاء مشاركًا بكامل قواه البدنية، فى بطولة الجمهورية للسباحة لمسافة خمسين مترا، لم يكن أحد يتوقع أن يكون هذا مصيره أو تلك نهايته، خاصة وهو الحاصل من قبل على ٨ بطولات فى مشواره السباحى، كما يشهد بذلك نادى الزهور الذى ينتمى اليه ويمثله كأحد ابطاله.
فى ذلك اليوم المشئوم استعد يوسف كعادته، فى كامل لياقته وبدأ يسخن للسباق فى حيوية ونشاط، بعيدا عن اية منشطات حسبما أكد والده، ردًا على الاتهامات الباطلة التى حاول أن يدافع بها البعض لتبرير قصورهم.
وكالعادة كان والداه ينتظرانه بالمدرجات، لاصطحابه بعد المسابقة إلى البيت، لكنهما هذه المرة تفاجأ بـ(تروللى) يحمل جسمانه إلى المستشفى، ليكتشفا موت ابنهما غرقًا دون أن تجرى له الإسعافات الطبية الواجبة!!
ومن واقع مهنتها كطبيبة تتساءل الأم المكلومة: أين (البى سى آر) لمحاولة إنقاذه، ولماذا لم يتدخلوا بأنبوبة حنجرية لشفط المياه من الرئة، أو عمل صدمات لإنعاش قلبه وإعادة تنفسه، وحتى الإسعاف التى نقلته لا توجد بها اية تجهيزات، وتواصل حديثها الباكى: قتلوا ابنى، وأخشى ان يضيع حقه!!
وبدورنا نتساءل:كيف يحدث هذا وسط صرح رياضى كبير كالاتحاد المصرى للسباحة، وداخل استاد القاهرة فى بطولة دولية، تم التجهيز لها بأمهر المسعفين وأفضل الحكام، والأطقم الطبية ذات الكفاءة العالية، والأغرب من هذا أن يخرج كل مسئول ليلقى بالتهمة على غيره، فى ظل كود طبى ولوائح قانونية تحدد مسئولية كل جهة كما يقول وزير الشباب والرياضة دكتور أشرف صبحى، الذى اكتفى بإطلاق اسم الشهيد يوسف على أحد حمامات السباحة الذى لقى حتفه فى بطنها!
معالى الوزير نطالبك كأب قبل أن تكون وزيرًا، ألا تغلق ملف يوسف دون أن تعاقب الجناه الذين قتلوه بالاهمال مع سبق الإصرار والترصد!!
وتبقى التحية واجبة للنيابة العامة التى فتحت ملف الواقعة، وأمرت بحبس الحكم وثلاثة من المسعفين على ذمة التحقيق، الذى سيطول بالقطع رئيس الاتحاد، ورئيس نادى الزهور وكل المشاركين فى الجريمة،
أيا كانت مواقعهم، حتى تهدأ روح يوسف بعد القصاص لها، وتشعر أمه بانها أخذت حقه، وما زال التحقيق مستمرًا.