ما هو دعاء الاستفتاح؟.. الصيغ المفضلة للدعاء بين المذاهب
أثار حكم دعاء الاستفتاح في الصلاة الجدل، خصوصًا بعد ادعاء البعض أنه “واجب” يجب الالتزام به، وتلقت دار الإفتاء المصرية سؤالًا عبر صفحتها الرسمية حول صحة هذا القول، وقدمت توضيحًا علميًا دقيقًا استنادًا إلى المذاهب الفقهية المختلفة.
ما هو دعاء الاستفتاح؟
أوضحت دار الإفتاء أن دعاء الاستفتاح هو الذكر المشروع بعد تكبيرة الإحرام مباشرة وقبل بدء قراءة الفاتحة. ومن أشهر صِيَغه:
«سبحانك اللهم وبحمدك وتبارك اسمك وتعالى جدك ولا إله غيرك»
«وجهت وجهي للذي فطر السماوات والأرض…»
وسُمِّي “استفتاحًا” لأن المصلي يستفتح به صلاته، وهو جزء من السنن القولية الواردة عن النبي ﷺ.
جمهور الفقهاء: دعاء الاستفتاح سُنّة مؤكدة وليس واجبًا
أوضحت الدار أن ثلاثة من المذاهب الأربعة — الحنفية والشافعية والحنابلة — اتفقوا على أن دعاء الاستفتاح سنة مؤكدة، يستحب للمصلي الإتيان بها دون إلزام.
ذكر ابن نجيم في البحر الرائق أن النبي ﷺ كان يقول دعاء الاستفتاح، مما يجعله مستحبًا.
ونقل الإمام النووي في روضة الطالبين استحباب قوله بعد تكبيرة الإحرام مباشرة.
وأكد المرداوي في الإنصاف أن “الاستفتاح والتعوذ” من السنن المشروعة في الصلاة.
المالكية: مكروه في الفريضة
أما المذهب المالكي فكان له رأي مختلف؛ إذ اعتبر الجمهور من المالكية أن دعاء الاستفتاح مكروه في الصلاة الفريضة، كما ورد في مختصر خليل ومنح الجليل للشيخ عليش. ويعود سبب الكراهة — كما يوضح العلماء — إلى الحرص على عدم اعتقاد الناس بأنه فرض.
ورغم ذلك، أجاز بعض المالكية — مثل ابن شعبان والمازري — قراءة الدعاء بعد تكبيرة الإحرام بشرط ألا يعتقد فاعله أنه واجب.
الصيغ المفضلة للدعاء بين المذاهب
قدّمت دار الإفتاء أيضًا توضيحًا للصيغ المختلفة التي يفضلها كل مذهب:
الحنفية والحنابلة:
يفضلون صيغة: «سبحانك اللهم وبحمدك…»
الشافعية:
يفضلون صيغة التوجيه: «وجهت وجهي للذي فطر السماوات والأرض…»
وأشارت بعض المصادر — ومنها ما نقله ابن تيمية وأبو يوسف — إلى جواز الجمع بين الصيغتين أحيانًا.
لا إنكار في المختلف فيه.. والصلاة صحيحة دون دعاء الاستفتاح
اختتمت دار الإفتاء ردها بالتأكيد أن مسألة دعاء الاستفتاح من المسائل الخلافية بين الفقهاء، وبالتالي لا يجوز الإنكار فيها. فلا يجوز للمسلم أن يوبّخ شخصًا على تركه أو أدائه؛ لأن:
من يقرأه يتبع سُنّة ثابتة عند جمهور الفقهاء.
ومن يتركه يتمسك بمذهب معتبر أيضًا، والصلاة صحيحة بإجماع العلماء.
وأكدت الدار أن الإنكار لا يكون إلا في المسائل المجمع عليها، أما الخلاف الفقهي فلا يجوز أن يكون سببًا للتشدد أو التشاحن بين الناس.