رئيس حزب الوفد ورئيس مجلس الإدارة
د.عبد السند يمامة
رئيس مجلس التحرير
سامي أبو العز
رئيسا التحرير
ياسر شورى - سامي الطراوي
رئيس حزب الوفد ورئيس مجلس الإدارة
د.عبد السند يمامة
رئيس مجلس التحرير
سامي أبو العز
رئيسا التحرير
ياسر شورى - سامي الطراوي

تصحيح مسار

يواجه أطفالنا وشبابنا اليوم تحديا ثقافيا وفكريا غير مسبوق، يتمثل فى الانفتاح الهائل على المحتوى الغربى والأجنبى عبر المنصات الرقمية، وفى خضم هذا المد الذى يحمل معه الكثير من السلوكيات والقيم التى قد لا تتناسب مع عاداتنا وتقاليدنا وأعرافنا المصرية والعربية، تبرز أهمية البرامج الإعلامية الهادفة كخط دفاع أول وأساسى.

ومن أبرز هذه البرامج التى نجحت فى تقديم محتوى تعليمى وترفيهى يتميز بالقيمة العالية، برنامجا «دولة التلاوة» و«العباقرة»، اللذان لا يقتصر دورهما على إثراء المعرفة فحسب، بل يمتد ليشمل تعزيز الهوية، وصقل الفكر، وتوجيه الطاقات نحو الإبداع والتحصيل العلمى والدينى.

أما برنامج «دولة التلاوة»، والتى تقدمه الإعلامية، آيه عبد الرحمن، هو مسابقة تهدف إلى اكتشاف أفضل قراء القرآن الكريم من مختلف الأعمار السنية، وتقوم فكرته على إبراز جماليات التجويد والترتيل والمقامات الصوتية للقرآن الكريم.

ويعرض البرنامج أهمية الضبط الدقيق لأحكام التجويد ومخارج الحروف، والتركيز على الإتقان، ويعلم المشاركين والجمهور فنون القراءة الصحيحة، كما يعمل على أن يوسع من مدارك المشاهدين حول تاريخ القراءات وأئمتها، والجهد المبذول في حفظ كتاب الله وإتقانه، وذلك ما يسمى بالثقافة القرآنية، ويقدم أيضا القدوة الصالحة من نماذج شبابية ورجال ملتزمة ومتقنة، تمثل قدوة إيجابية فى التمسك بالقيم واللغة العربية الأصيلة.

ويساهم «دولة التلاوة» فى غرس حب القرآن الكريم ويشجع على تلاوته وحفظه بإتقان، وهو أساس لتعزيز اللغة العربية الفصحى التى يضعف استخدامها، ويساعد الاستماع إلى القرآن الكريم والقراءات الجميلة على تهذيب النفس وطمأنينة الوجدان، مما يقلل من الانجراف وراء السلوكيات السطحية، ويعزز من تهذيب السلوك، ويربط الشباب بمرجعيتهم الدينية والثقافية الأساسية، مما يعمق الإحساس بالهوية الإسلامية والعربية، ويزيد من الاعتزاز بالهوية ويقدم نموذجا للنجاح قائما على أساس روحى وعلمى متين.

أما برنامج «العباقرة»، والذى يقدمه الإعلامى القدير والمتميز، عصام يوسف، فهو مسابقة ثقافية وعلمية ضخمة، تتنافس فيها فرق من المدارس والجامعات فى مختلف المجالات المعرفية، ويغطى البرنامج مجالات واسعة تشمل التاريخ والجغرافيا والعلوم والرياضيات والأدب والفنون والثقافة العامة، بما يدعم بشكل عام شمولية المعرفة، كما يعزز مهارات العمل الجماعى وسرعة البديهة والتفكير النقدى تحت الضغط، وضرورة الاعتماد على الجماعية وروح الفريق، ومن أهم عوامل نجاح البرنامج أنه يرتبط  بمبادرات مجتمعية خيرية، مما يربط التفوق العلمى بمسئولية خدمة المجتمع، وهو ما يسمى بالتوعية والمشاركة المجتمعية.

أما فائدة محتوى البرنامج للأطفال والنشء والشباب، فهى تعمل على تحسين المستوى الدراسى وتحفز  على التعمق فى الدراسة وتحصيل المعلومات من مصادر متنوعة خارج نطاق المنهج الدراسى التقليدى، مما يرفع من مستوى الذكاء المعرفى والتحصيلى، وتنمية الفكر بالتشجيع على البحث والاطلاع والتفكير المنطقى وربط المعلومات ببعضها البعض، مما يغذى الفكر النقدى اللازم لتحليل وتقييم أى محتوى مستورد، وكذلك بناء الثقة التى تمنح المشاركين والمشاهدين شعورا بالفخر بالمعرفة والتفوق العقلى، وتقدم نموذجا للنجاح يقوم على الجهد العقلى وليس مجرد التقليد السطحى.

وتكمن الأهمية الكبرى لبرنامجى «دولة التلاوة» و«العباقرة» فى كونهما يقدمان بديلا نوعيا للمحتوى الغربى المستورد الذى يدعو للتقليد الأعمى، خاصة فى السلوكيات الخارجة عن أعرافنا.

ويقدم «دولة التلاوة» المرجعية الروحية والأخلاقية المستمدة من الدين، والتى تعمل على تعزيز المرجعية الدينية لدى الأطفال والشباب، فيما يقدم «العباقرة» المرجعية العلمية والمعرفية المستمدة من ثقافتنا وتاريخنا الإنسانى والعربى، والبرنامجين يوجهان طاقة الشباب التنافسية والإبداعية نحو مجالات بناءة (الحفظ، الإتقان، البحث، التفكير) بدلا من توجيهها نحو سلوكيات الاستهلاك والسطحية والتقليد المفرط للأزياء أو السلوكيات الغربية غير الملائمة للمجتمع وعاداته وتقاليده وأعرافه.

ويساهم البرنامجين فى تكوين الشخصية المستقلة الواعية والمحصنة والتى يكون لديها الأدوات الفكرية والمعرفية لفلترة المحتوى الغربى، وقادرة على الأخذ بما يتناسب معها وترك ما يتعارض مع القيم المصرية والعربية الأصيلة، بدلا من التقليد الأعمى.

فى الختام.. يمكن القول إن برنامجى «دولة التلاوة» و«العباقرة» يمثلان نموذجا إعلاميا يجب الاحتذاء به فى عصرنا. إنهما يقدمان توليفة رائعة تجمع بين المتعة والمنفعة، وتؤكد على أن التفوق الحقيقى هو تفوق الفكر والقيم، ونجاحهما يثبت أن جمهورنا من النشء والشباب يبحث دائما عن المحتوى الجاد والهادف الذى يحترم عقولهم ويربطهم بجذورهم، وفى الوقت ذاته يدفعهم نحو قمة التحصيل العلمى.

إن البرنامجين لبنة أساسية فى بناء جيل عربى واع يمتلك القدرة على الموازنة بين الأصالة والمعاصرة، ينهل من علمه ويتمسك بهويته، ويكون خير سفير لثقافته.

 

[email protected]