رئيس حزب الوفد ورئيس مجلس الإدارة
د.عبد السند يمامة
رئيس مجلس التحرير
سامي أبو العز
رئيس التحرير
ياسر شورى
رئيس حزب الوفد ورئيس مجلس الإدارة
د.عبد السند يمامة
رئيس مجلس التحرير
سامي أبو العز
رئيس التحرير
ياسر شورى

بمناسبة إطلاق يوم الكاتب المصرى فى 19 نوفمبر

شريف العجوز" للوفد": وزارة الثقافة لا تزال تعمل بشكل تقليدى

بوابة الوفد الإلكترونية

شريف العجوز : نحن بحاجة إلى أدب يُعيد بناء الجسر بين النص والناس حرية الإبداع لا تهدد المجتمع، بل تحميه من التطرف والجمود

الجيل الجديد يكتب بجرأة لا تقل عمقًا عن الكلاسيكيين

الكُتّاب الشباب يكتبون بلغات جديدة ولا يحتاجون وصاية

معظم دور النشر اليوم تنظر للكتاب كسلعة تجارية

 

 يشهد المجلس الثقافى المصرى حالة من التقلّب بين الانكماش والانفجار، بين محاولات فردية للانقاذ، وصمت مؤسسى يُثير القلق. ورغم التاريخ العريق لمصر كمركز إشعاع ثقافى وفكرى فى المنطقة، إلا أن الثقافة باتت اليوم تُعانى من التهميش، والتجاهل الرسمى، والانفصال عن المجتمع.

 ولأن الصمت تواطؤ فقد اخترت أن أواجه الواقع لا أن أجمّله. وأن أطرح الأسئلة المؤجلة، وأقول إن الثقافة ليست ترفًا بل إنقاذ.

 ومع كل ذلك فلا داعى للقلق. فلا يزال البعض يقفون بثبات، يحاولون إعادة تعريف معنى أن تكون الكلمة موقفًا، ومن بين هؤلاء يبرز المستشار شريف ممدوح العجوز الروائى والقاص، وهو وإن جاء من خلفية قانونية رفيعة، إلى أن حضورهالثقافى أيضًا كان مؤثرًا فى المشهد المصرى والعربى. فقد تقلد "العجوز" مناصب متعددة؛ من رئاسة لجنة الشباب باتحاد الكتاب، وعضوية لجنة الملكية الفكرية، إلى رئاسة الجمعية المصرية لكتاب القصة والرواية، وهى واحدة من الجمعيات الأدبية الفاعلة، التى تهدف لإحياء فن السرد.

 فقد ظلّ "العجوز" مؤمنًا بأن الأدب يجب أن يُدار بعقلية واعية، لا بعشوائية الهواة، ولا بهدوء النُخب المنعزلة. وليس غريبًا أن تكرّمه دولة الإمارات العربية بمنحه الإقامة الذهبية لفئة المبدعين. وقد أصدر" العجوز" قرارًا رمزيًا بتخصيص يوم 19 نوفمبر من كل عام يومًا رسميًا للاحتفاء بالكاتب المصرى بصفته رئيس الجمعية المصرية لكتاب القصة والرواية. يأتى هذا الاختيار متسقًا مع تاريخ اكتشاف تمثال الكاتب الجالس في منطقة سقارة عام 1850 

 فى هذا الحوار، نترك المناصب جانبًا، ونتحدث إلى المثقف الذى يرى أن الكلمة لا تصنع الوعى فقط، بل تصنع المصير. نتحدث إلى  الكاتب الذى خاض تجربة الكتابة والتنظيم الثقافى عن قرب، ويسعى لطرح رؤية حقيقية لمستقبل الثقافة المصرية...  

ـــ كيف ترى حال الثقافة المصرية اليوم؟ هل نحن فى مرحلة ازدهار أم تراجع؟

 الثقافة المصرية لم تتراجع بقدر ما تغير شكل حضورها. نحن نعيش مرحلة انتقالية بين الثقافة الورقية الكلاسيكية والثقافة الرقمية التفاعلية وهذه المرحلة بطبيعتها مربكة لكنها ليست بالضرورة سلبية.

 هناك طاقات شابة مذهلة تكتب وتبدع لكننا نفتقد المشروع الثقافىالجامع الذى يوحد الجهود ويعيد البوصلة إلى الوعى العام.

هل لا تزال مصر "قوة ناعمة" كما كانت فى الماضى؟

 مصر لا تفقد قوتها الناعمة، لأنها متجذرة فى وجدان الأمة العربية، لكنها تحتاج إلى استعادة دورها القيادى فى توجيه المشهد الثقافى.

 القوة الناعمة ليست فى الماضي فحسب، بل فى قدرتنا اليوم على توظيف تراثنا الإبداعى فى صناعة الوعى الحديث ومخاطبة العالم بلغة العصر، ولعل القيادة المصرية الحكيمة فطنت إلى ذلك واتخذت خطوات جادة نحو إعادة الريادة الثقافية بمفهومها الواسع.

من المسؤول الحقيقى عن تهميش الثقافة فى الإعلام المصرى؟

 الإعلام لم يهمش الثقافة عمدًا، لكنه خضع لمعادلات السوق حين تحول الاهتمام إلى التريند والسرعة، للحصول على أعلى نسب مشاهدات وبالتالى يجد البرنامج دعمًا معاليًا وإعلانيًا له، فتراجعت المساحة المخصصة للفكر والفن، الحل لا يكون باللوم، بل بإعادة إدماج الثقافة فى الإعلام كجزء من الوعى الجمعى، لا كفقرة تكميلية فى البرامج.

ما سبب ابتعاد الجمهور عن الكتب واتجاههم نحو المحتوى السريع والسوشيال ميديا؟

 المشكلة ليست فى الجمهور بل فى الوسيط، القارئ لم يتغير، بل تغيرت أدوات التلقى، نحن فى عصر سريع، والمطلوب هو تجديد طرق عرض المعرفة لتكون جذابة ومبسطة دون تفريط فى القيمة، الكتاب الورقى لا يموت، لكنه يحتاج إلى دعم مؤسسى وإعلامى يوازى ما يُمنح لمحتوى الترفيه.

هل الأدب المصرى المعاصر يعبر بصدق عن هموم المواطن؟

 بلا شك، الأدب المصرى ظل مرآة صادقة للإنسان المصرى، وإن اختلفت زوايا التعبير، لكن الجيل الجديد يكتب بجرأة، يعكس من خلالها قلقه وأسئلته وهواجسه، وقد لا يستخدم اللغة الرمزية القديمة، لكنه يعبر عن ذاته بصدق فطرى لا يقل عمقًا عن الكلاسيكيين.

ما رأيك فى سيطرة الموضوعات الدينية أو التاريخية على الإنتاج الأدبى أخيرًا؟

 هذا انعكاس طبيعى لقلق الهوية والبحث عن الجذور، لكن الخطورة أن يتحول الأدب إلى خطاب دعوى أو وعظى، الأدب الحقيقى يطرح الأسئلة دون أن يتحول إلى منبر، لأن التاريخ والدين جزء من وجداننا، لكن الإبداع يكمن فى إعادة قراءتهما بروح العصر لا بعين الماضى، وبعيد عن أى معادلات سياسية.

هل أصبح الأدب المصرى أكثر تحفظًا أم أكثر جرأة.. ولماذا؟

 الأدب المصرى اليوم أكثر جرأة فى الطرح، وأكثر حرصًا فى التعبير لأن الكاتب أصبح واعيًا بحدود المجتمع وبتغير الذائقة العامة، لكنه لا يتنازل عن حريته، الجرأة الحقيقية ليست فى كسر التابوهات، بل في قول الحقيقة بلغة جمالية راقية، فى الثورة على أفكار غير صحيحة وبناء رؤى تتناسب مع التغيير الشامل الذى تشهده مصر ودورها الريادى، والتحولات على الصعيدين المحلى والدولى.

هل نحتاج إلى أدب "صادم" ليحرك الوعى؟

 الأدب الصادق أبلغ من الصادم، لا نحتاج إلى الصدمة بقدر ما نحتاج إلى الوعى، الأدب يوقظ الضمير لا عبر الفضائحية، بل من خلال الجمال والفكر والصدق الإنسانى.

كيف تقيم مساهمة الكُتّاب الشباب فى تشكيل وجه الأدب المصرى الجديد؟

 الكُتّاب الشباب هم نبض الأدب المصرى الآن، ومصر لديها طاقات من الكتاب الشباب كبيرة جدًا يكتبون بلغات جديدة، ويجربون من دون خوف، ربما يفتقد بعضهم النضج الفنى، لكنهم يملكون ما هو أهم: الشغف واجبنا كمؤسسات أن نرشدهم دون وصاية، وأن نمنحهم فرص الظهور والاحتكاك بالتجارب الرصينة، علينا أن نتخلى عن القواعد الجامدة فى الانتقاء الأدبى والمفاضلة بين الكتاب واحتواء الأفكار الجديدة التى تقدم مدارس فكرية جدية تخرج لنا بقواعد ذات مفاهيم متناسبة مع العقل الجمعى، ولا نتباهى بقلة عدد الأعضاء فى المؤسسات الفكرية العريقة ولا الانتقاء الحاد المفتقد للمعايير المتناسبة مع طبيعة العصر التى تخلق طرقا موازية تفقد هيبة وقيمة تلك المؤسسات، وتحيد بها عن المشهد الثقافى ودورها الحقيقى فى الريادة و التوجيه.

هل دور النشر تستغل المواهب الشابة أم تدعمها فعلًا؟

 للأسف، معظم دور النشر التجارية اليوم تنظر للكتاب كسلعة، هناك من يستغل شغف المبدعين ويدفعهم لطباعة كتبهم على نفقتهم، نحتاج إلى سياسات نشر عادلة، ومؤسسات ترعى الموهبة لا تستثمر فيها، الكتاب ليس مشروعا تجاريا فقط، بل مشروع وعى.

ما رأيك فى ظاهرة “النجومية الأدبية”.. هل تستند إلى الجودة أم التريند؟

 النجومية الأدبية سلاح ذو حدين، فى بعض الحالات تستند إلى الموهبة الحقيقية، وفى كثير منها إلى التريند والإعلام، لكن الأدب لا يعيش بالضجيج، الزمن وحده يفرز ما يبقى وما يُنسى، النجومية لا تصنع كاتبا، بل النص هو الذى يمنح الخلود، قد يستفيد النجم الأدبى ماديا من الظهور اللحظى له لكنه مع الوقت ينتهى والأمثلة كثيرة.

هل ترى أن وزارة الثقافة تقوم بدورها كما يجب؟

 وزارة الثقافة تبذل جهدا لا يمكن إنكاره، لكن الحقيقة أن الأداء لا يزال تقليديا في كثير من الجوانب. المشهد الثقافي اليوم يحتاج إلى فكر إدارى جديد، وإلى رؤية تتجاوز النمط الاحتفالى إلى العمل المؤسسىطويل المدى، بحيث تصبح الثقافة جزءا من بناء الوعى الجمعى لا مجرد نشاط موسمى أو مهرجان سنوى، ومشكلة وزارة الثقافة فى مطبقىالقرارات فكثير من الوزراء كانت لديهم رؤى وأحلام وخطط حقيقية للتنمية لكن تتحطم دائما على صخرة مطبقى القرارات، فهم حلقة الوصل بين المبدع أو المتلقى وبين أصحاب القرار، ودائما ما تفسد القرارات والرؤى والخطط بسبب فقدان مطبقى القرارات لكفاءة التطبيق المثالى وأبعاد القرار والمأمول منه ونحن نعانى  باعتبارنا جزء من المشهد كجمعية معهم بشكل أو بأخر كلما حاولنا التعاون مع قنوات وزارة الثقافة المتاحة.

هل نحتاج لإعادة هيكلة كاملة لمؤسسات الثقافة الرسمية؟

 بالتأكيد نعم.. فالمؤسسات الثقافية بحاجة إلى إعادة صياغة فلسفتها وأدوارها، مع ضخ دماء جديدة من المثقفين الشباب وأصحاب الفكر الحقيقى، وليس فقط من الإداريين. الهيكلة ليست إلغاء لما هو قائم، بل إعادة توجيه الموارد لخدمة مشروع وطنى ثقافى حقيقى.

و ما سبب غياب مشروع وطنى ثقافى واضح فى مصر الآن؟

 السبب أن الثقافة لم تُدرج ضمن أولويات الدولة بنفس القوة التى تدرج بها الملفات الاقتصادية والسياسية، فغياب المشروع الثقافى يعنىغياب البوصلة الفكرية التى توحد المجتمع حول قيم مشتركة.

 نحن بحاجة إلى مشروع وطنى يعيد تعريف الهوية المصرية فى ظل التحولات السريعة التى يشهدها العالم وأظن أن القيادة الحكيمة لمصر تتبنى دورًا كبيرًا فى إعادة التعريف بالهوية المصرية سواء ببناء مدينة للثقافة و الفنون بالعاصمة الجديدة، أو افتتاح المتحف المصري الكبير، لذلك لا نستبعد أن نشهد الأيام القادمة تكتلًا وراء مشروع حقيقىتتبناه الدولة وتتشارك فيه جميع الوزرات، فوزارة الثقافة ليست معنية وحدها بإعادة بناء المفاهيم أو وضع الخطط الثقافية ولكن لابد توجه وطنى واحد نحو تحقيق الطفرة الفكرية التى تحتاجها مصر الآن بشكل ملح مع الانفتاح الثقافى والسياسى المتسارع.

ما الأسباب الحقيقية لانخفاض معدلات القراءة فى مصر؟

 الأسباب متعددة منها التغير فى أنماط الحياة، وسرعة المحتوى الرقمى، وضعف منظومة التعليم فى ترسيخ عادة القراءة منذ الطفولة، كما أن هناك فجوة بين اللغة التى يكتب بها الأدباء واللغة التى يفهمها الجيل الجديد، إعادة التواصل مع القارئ تبدأ من فهم واقعه أولا.

هل يمكن اعتبار ارتفاع أسعار الكتب هو العائق الأساسى؟

 لا؛ الأسعار عامل ثانوى. المشكلة الأعمق هى الفجوة بين الكاتب والقارئ.

كثير من الكتاب يكتبون لأنفسهم أو لنخبة محدودة، بينما القارئ العادى يبحث عن عمل يمسه، يشعر أنه يخاطبه. نحن بحاجة إلى أدب يعيد بناء الجسر بين النص والناس.

ما موقف الجمعية المصرية للكتاب من الأدب الجرىء أو المثير للجدل؟

 الجمعية لا تصادر فكرًا ولا تفرض وصاية، نحن مع حرية الإبداع ما دامت تحترم قيم المجتمع ولا تنزلق إلى الابتذال، الأدب الحقيقى هو الذى يثير الأسئلة لا الغرائز، ويكشف عمق الإنسان لا سطحه.

لماذا لا توجد مبادرات قوية لتوزيع الكتب فى القرى والمناطق النائية؟

 لأننا ما زلنا نفكر بعقلية المركز، يجب أن تنتقل الثقافة من القاهرة إلى المحافظات، ومن المدن إلى القرى، ونحن لدينا فى الجمعية مشروع قيد الدراسة لتأسيس "قوافل أدبية" تجوب القرى، تقدم ندوات وكتبا بأسعار رمزية، إيمانا بأن الثقافة حق للجميع، بل أدعو من خلالكم أن تتولى الدولة خطة جادة لتوزيع كتب ودراسات مجانية سواء من خلال المدارس أو القوافل الأدبية تستهدف بناء الوعى الجديد وتساعد فىاكتشاف الأفكار البناءة.

كيف ترى واقع حرية التعبير في الكتابة الأدبية بمصر؟

 مساحة حرية التعبير عن مصر كبيرة، قد لا يشعر بها الذى لم يخرج خارج حدود مصر، فهناك بعض الدول لا يستطيع فيها أحد الهمس، لا يمكن لقلمك أن يناقش مشكلة فى المجتمع، فلن تجدين كاتبًا فىمصر هذه الأيام تحديدا يتعرض للاضطهاد لأنه يعبر عن رأيه بشكل محترم ولا ينافى النظام العام للمجتمع وبشكل فكرى بحت، ولدينا نماذج كثيرة على ذلك لأن حرية الإبداع لا تهدد المجتمع، بل تحميه من التطرف والجمود.

فى رأيك؛ ما هو أخطر ما يهدد الثقافة المصرية اليوم.. وما الحل؟

 أخطر ما يهددها هو السطحية وغياب المشروع الفكرى الجمعى، الحل فى بناء وعى جديد يبدأ من التعليم والإعلام، وفى ربط الثقافة بالحياة اليومية للمواطن، الثقافة ليست ترفا، بل هى عماد الأمن القومىالفكرى لمصر فنحن بحاجة لتوجه وطنى لبناء العقل المصرى مشروع تشارك فيه جميع القنوات المتاحة للوصول للمواطن مثلا المساجد والزوايا باعتبارها منابر منتشرة  فى الشوارع والقرى والنجوع، ما المانع أن نجد خطيب الجمعة مفكر كبير يحدث الناس فى الوعىوالفكر والخطاب الصحيح، ما المانع أن تكون دروس العِشاء فىالفلسفة وبناء العقل الجمعى.

 ما هو يوم الكاتب المصرى ولماذا فكرت الجمعية المصرية لكتاب القصة والرواية فى إطلاق هذا اليوم؟

 لن يشعر الكاتب بالانتماء إلا إذا شعر بالانتماء لنفسه ولتراثه الحضارى أولا، فتشنا فيما يخص بالاحتفاء بالقلم والكاتب المصرى ولم نجد، لذلك كان حريا بنا اختيار يوم لتكريم الكاتب المصرى فى رموز مصر الكبار الذين قدموا لوطنهم نموذجا مشرفا ومنتجًا أدبيًا تتعلم منه الأجيال.

 وليس غريبًا أن نختار يوم 19 نوفمبر يوما للكاتب المصرى فى ذكرى اكتشاف تمثال الكاتب المصري بما يرمز للحضارة المصرية القديمة التى قدمت الأدب والفن فيما قبل التاريخ المعروف، وشكلنا لجنة من كبار الكتاب لاختيار المكرمين من الكتاب فى جميع فروع الأدب ليس فقط القصة و الرواية وستحتفل الجمعية خلال هذا الشهر بإطلاق يوم الكاتب المصرى وتكريم عدد من الأسماء التى آثرت وأثرت الحياة الأدبية فى مصر.

 ما الدور الحقيقي للجمعية  حاليًا فى دعم كتّاب القصة والرواية بمصر؟

 الجمعية تقوم بدور محورى فى احتضان كتاب القصة والرواية لاسيما الشباب منهم ودعمهم فكريًا ومهنيًا.

 نحن نعمل على خلق بيئة حقيقية للإبداع من خلال الندوات والورش النقدية والجوائز والمسابقات، فضلا عن التواصل مع دور النشر والإعلام لتسليط الضوء على التجارب الجديدة. هدفنا أن نعيد للأديب مكانته ودوره فى تشكيل وعى المجتمع.

هل ترون أن الجمعية تقوم بواجبها تجاه الأقاليم، أم ما زال النشاط مركزيًا في العاصمة؟

 نحن نؤمن أن الثقافة لا تختزل فى العاصمة.

 لذلك عملنا على إنشاء لجان للأقاليم فلدينا لجنة فرعية فى بورسعيد مدن القناة وسيناء برئاسة الأديبة منى الجبرينى بالفعل بدأت تنفيذ فعاليات ميدانية فى المحافظات بالتعاون مع المدارس والمراكز الثقافية المحلية.

 ولدينا فرع أخر يخدم جنوب ووسط الصعيد مقره الأقصر برئاسة الكاتب محمد جاد المولى، كما أن رؤساء الشعب فى الجمعية معظمهم من الأقاليم، لكننا نسعى لتوسيع هذا النشاط ليصبح لكل محافظة فرع فعال يمثل الجمعية ويعبر عن مبدعيها بإذن الله عند توافر الدعم، بل أن خطة الجمعية هى تجاوز الحدود حيث بادر عدد من الكتاب العرب لتقديم رؤى تكوين فروع للجمعية في بلدانهم مثل اليمن والامارات وفلسطين، وتدرس الجمعية حاليًا الناحية القانونية والابعاد الأدبية لاتخاذ الخطوات نحو التنفيذ.

كيف تقيّم تفاعل الجمعية مع الكتاب الشباب مقابل كبار الأدباء؟

 الجمعية منذ تأسيسها تراهن على الشباب، بل أقول لكِ الأبعد من ذلك أن الجمعية أسست من الأساس لدعم الشباب وفتح المنابرلهم دون تمييز، خاصة وأن عددًا كبيرُا منهم بعيد عن رعاية المؤسسات، ولأن بعض المؤسسات تضع معايير مستحيلة للقبول فتفقد دورها الحقيقى.

 نحن نؤمن أن الكبار يمنحون التجربة، بينما الشباب يمنحون الحيوية والتجديد والعلاقة بينهما تكاملية، وليست تنافسية ولذلك نحرص على الدمج بين الأجيال في كل فعالية ومشروع، ومثلا على ذلك نضرب رئاسة الكاتبة الكبيرة منى ماهر الشرفية للجمعية، واللجنة المشكلة لاختيار مكرمى يوم الكاتب المصرى من الكتاب الكبار أصحاب البصمة.

هل هناك خطة واضحة لربط الجمعية بالمشهد الثقافى العربى والدولى؟

 بلا شك فالجمعية ليست وليدة اليوم ولكن جرى التحضير لتأسيسها من 2013، بالتأكيد لدينا خطة للتعاون مع اتحادات الكتاب في الوطن العربى، ومؤسسات ثقافية فى الخليج والمغرب العربى وأوروبا، ونعمل على توقيع بروتوكولات تعاون لتبادل المطبوعات والندوات والترجمات. لأن الثقافة لا تعرف الحدود، ونحن نؤمن بأن الكاتب المصرى له دور عربى وإنسانى لا يقل أهمية عن دوره المحلى.

ما أبرز التحديات التى تواجهكم الآن؟

 أبرز التحديات تتمثل فى محدودية التمويل، وضعف البنية التحتية الثقافية خارج العاصمة، وقلة الاهتمام الإعلامى بالشأن الأدبى، ومحاربة بعض الكيانات الثقافية التى لا تقدم دورا منذ سنين وأصبحت تخدم مصالح شخصية.

 ومع ذلك نحاول تجاوز هذه التحديات بالإصرار والعمل الجماعى والإبداع فى إدارة الموارد المتاحة.

هل هناك تدخلات سياسية أو بيروقراطية تعيق نشاط الجمعية؟

 حتى الآن، نحافظ على استقلالنا الكامل. الجمعية كيان ثقافى حر لا يخضع لأى وصاية سياسية. لكننا نواجه أحيانا تعقيدات بيروقراطية فى التعامل مع بعض الجهات، وهو أمر متوقع فى أى عمل مؤسسى، ونسعى دائما لتجاوزه بالحوار والتعاون.

كيف ترد على الانتقادات التى تقول إن الجمعية نخبوية ومغلقة على دوائر محددة؟

بكل تأكيد هذا تصور خاطئ.

 أبواب الجمعية مفتوحة أمام الجميع دون استثناء، والدليل أننا قمنا بإعفاء كل المتقدمين من الرسوم وفضلنا الدعم البشرى على الدعم المالى وأغلب أعضائنا من خارج العاصمة ومن أجيال متعددة.

نحن نرفض النخبوية بمعناها الإقصائى، ونؤمن بأن الإبداع لا يقاس بالشهرة، بل بالجدية والمضمون.

 ما موقفكم من أزمة حرية التعبير في الكتابة الأدبية؟

 نحن مع حرية التعبير المسؤولة التي تحترم قيم المجتمع ولا تفرض الوصاية على الفكر، الأدب لا يمكن أن ينمو في بيئة مقيدة، وإصلاح منظومة النشر والرقابة لتصبح أداة دعم ووضع توجه عام وطنى للبناء.

كيف تمول الجمعية أنشطتها؟ وهل هذا التمويل يؤثر على استقلالها؟

 الجمعية تمول نفسها بالجهود الذاتية البحتة لاسيما وأن جميع طلبات العضوية معفية من الرسوم ولا نتلقى أى تمويل أودعم مالى من أحد، فلدينا كوادر تعمل على خدمة الكلمة والعمل لأجلها ورفعة هذا الوطن بلا مقابل ، صحيح نواجه عوائق كثيرة ومتتابعة بسبب عدم وجود تمويل لكن نحاول تقديم خدماتنا قدر المتاح، لكن بالتأكيد لن يؤثر أى تمويل أو دعم على رسالة الجمعية أو توجهاتها مهما كان، وفى حال توافر دعم يهدف إلى التوجيه والسطو على رسالة الجمعية وأهدافها سيتم وقفه فورا بغض النظر عن ما يسببه من خسائر، فالجمعية دورها لخدمة الوطن والكلمة الوطنية ودعم الكتاب لبناء ودفع مصر للأمام ولن نسمح أن تكون الجمعية مصدر هدم.

هل تقبلون دعمًا من جهات غير حكومية أو دولية.. وما الضوابط؟

نرحب بأى دعم من جهات ثقافية محترمة غير حكومية، بشرط أن يكون شفافا وواضح الهدف، وألا يتعارض مع قيمنا أو استقلالنا، وبما يسمح به القانون، نحن نرحب بالتعاون لا بالتبعية، وبالشراكة لا بالإملاء.

ما المعايير الحقيقية لقبول العضوية.. وهل تعتمدون على تقييم النصوص أم العلاقات؟

 الهدف الحقيقى للجمعية مد مظلتها لجميع الكتاب بما يشبه التنظيم النقابى الذى يشترط معايير ثابتة؛ لذلك العضوية فى الجمعية تقوم على جمع الكتاب طالما توافرت فيهم شروط الكاتب وهى طباعة كتاب واحد على الأقل له رقم إيداع بالنسبة للعضوية العاملة، أما العضوية المنتسبة فلها معايير أخف لأن التجارب الإبداعية فى  تطور دائم لكل كاتب ولا يمكن الحكم بضعف وقوة كاتب من خلال تجربة إبداعية واحدة طالما لم يتوقف الكاتب عن الكتابة وتطوير تجاربه، وبالتالى من الظلم بأن نضع معايير مجحفة تحرم الكتاب لاسيما الشباب من الانضمام للمؤسسات الثقافية التى يجب أن تكون جزءًا أصيلًا فى دعمهم، وتقدم لهم ما يخدم تجاربهم الإبداعية وتقدم أجيالا جديدة من الكتاب والمفكرين، هدفنا تكوين كيان حقيقى يضم الكتاب ويقدم الخدمات لهم، وليس تجمعا شكليا.

هل تفكرون في آلية إلكترونية شفافة لقبول الأعضاء الجدد؟

 نعم، نحن نستقبل الآن طلبات العضوية إلكترونيا وهى فكرة ينسب للجمعية أنها أول من طبقها ونعمل حاليا على تطوير منصة إلكترونية تتيح التقديم والمتابعة إلكترونيا بشفافية كاملة، وتظهر نتائج القبول عبر موقع الجمعية، نريد أن نجعل الجمعية مؤسسة عصرية تواكب التحول الرقمى بكل مراحله.

  كيف تتعامل الجمعية مع التحول الرقمى فى صناعة الأدب؟

 نعتبر التحول الرقمى فرصة لا تهديدا، الأدب الإلكترونى أصبح واقعا، ونحن نعمل على وضع خطط تدريب للكتاب على أدوات النشر الرقمي وحقوق الملكية الفكرية الإلكترونية، كما نشجع نشر القصص القصيرة عبر المنصات الرقمية الرسمية تحت مظلة الجمعية.

. هل تنوى الجمعية إطلاق منصة إلكترونية لنشر أعمال الأعضاء؟

 نعم، هذا من مشروعاتنا القريبة. نهدف إلى إنشاء منصة إلكترونية رسمية تتيح للأعضاء نشر أعمالهم القصصية والنقدية، مع توفير ترجمة مختارة لأهم النصوص، هذه المنصة ستكون نافذة مصر على الأدب العربى والعالمى.

. ما رأيكم في أدب السوشيال ميديا.. وهل يعتبره المجلس الأدبي جديًا؟

 لا يمكن تجاهل أدب السوشيال ميديا، فهو مرآة لجيل جديد من المبدعين، قد يكون بعضه سطحيًا بلا شك، لكن بينه تجارب تستحق الاحترام والمتابعة، الجمعية تتعامل مع هذا الأدب بوعى نقدى، لا بالرفض المطلق ولا بالاحتفاء الأعمى، نحترم كل تجربة جادة، مهما كان منطلقها.

 ربما لا تكفى الأسئلة وحدها لتغيير الواقع، لكن الصمت المؤدّب لم يعد مجديًا. ما نعيشه اليوم من غياب للمشروع الثقافى الوطنى، وتراجع لدور المؤسسات، لا يمكن مواجهته إلا بالمكاشفة. فطاولة الثقافة المصرية تقف اليوم في المفترق؛ فإما أن نعيد صياغتها بإرادة واعية، أو نواصل دفنها تحت غبار الاحتفالات الشكلية وبيانات كخُشب مسندة.. هذا الحوار ليس نهاية، بل بداية لأسئلة أخرى، ومواقف لا بد أن تُتخذ.