كلام فى الهوا
قال ابن خلدون فى مقدمته: «إذا كثُرت الجباية شرفت الدولة على النهاية»، ويشير هنا إلى أنه عندما تزيد الجبايات بشكل غير متوازن مع عدم قدرة الناس على التحمل يؤدى هذا إلى افتقار الناس، وفقدان الثقة فى الحكومة، ويشعر معها الشخص أنها تستغله بدلاً من خدمته، فى هذه الحالة يتراجع الاقتصاد، ويقل الاستثمار، وإذا استمر الأمر بدون إصلاح يهدد ذلك استقرار الدول. ولعل انهيار الدولة العثمانية كان أساسه راجعًا إلى هذا السبب، حيث أسرف الولاة العثمانيون فى فرض الضرائب والرسوم على الولايات التى يحكمونها، ففرضوا الضرائب على الأشجار والرسوم على الحاصلات الزراعية وعلى المحلات التجارية وضريبة العزوبة وضريبة الزواج، بالإضافة إلى بعض البدع الأخرى مثل ضريبة على شرب القهوة، والقطن الخام والشمع، وضريبة على نقل البضائع من مكان لآخر، وضريبة على المواشى بأنواعها المختلفة. وفى نهاية العهد العثمانى تضاعفت هذه الرسوم ووجدت الدولة صعوبة فى تحصيلها، وعندما لم تستطع الرعية الدفع بصورة جماعية ضعفت الدولة واستطاع الأعداء إسقاطها.