رئيس حزب الوفد ورئيس مجلس الإدارة
د.عبد السند يمامة
رئيس مجلس التحرير
سامي أبو العز
رئيسا التحرير
ياسر شورى - سامي الطراوي
رئيس حزب الوفد ورئيس مجلس الإدارة
د.عبد السند يمامة
رئيس مجلس التحرير
سامي أبو العز
رئيسا التحرير
ياسر شورى - سامي الطراوي

معلومات الوزراء يتناول في مجلته سياسات مناخية: اتجاهات الانتقال إلى الطاقة المتجددة

بوابة الوفد الإلكترونية

أصدر مركز المعلومات ودعم اتخاذ القرار بمجلس الوزراء عدداً جديداً من إصدارته الدورية "سياسات مناخية" وهي مجلة دورية تصدر باللغتين العربية والإنجليزية، تتناول في كل عدد موضوع واحد معنى بالقضايا البيئية والمناخية، انطلاقًا من سعي المركز لاستقصاء أبرز الرؤى والتحليلات بشأن القضايا المناخية وتبعاتها وتداعياتها على مختلف مناحي التنمية الاقتصادية والاجتماعية والبيئية، واستشراف آفاقها وتأثيراتها المستقبلية على الصعيدين المحلي والدولي، كما تتضمن مجموعة من الحقائق والأرقام حول القضية موضوع العدد، وتعرض وجهات النظر المتعددة والمتنوعة حوله لكوكبة من المسؤولين والأكاديميين والخبراء رفيعي المستوى من مصر ومختلف دول العالم، كما تتضمن تمثيلاً شاملاً للأطراف المعنية كافة من ممثلي المؤسسات الدولية والجهات التنفيذية والتشريعية ورواد المجتمع المدني ومسؤولي القطاع الخاص، وتختتم بصياغة مسارات للتحرك نحو توجهات أكثر فاعلية في دعم القضية، وقد جاء موضوع العدد الجديد بعنوان: "اتجاهات الانتقال من الوقود الأحفوري إلى الطاقة المتجددة.. الدوافع والتحديات"

أوضح المركز أن قضية التغيرات المناخية لم تعد رفاهية لدى الشعوب، بل أصبحت تمس الإنسان وسبل عيشه واستقراره، وتهدد قدرتنا على تعزيز التنمية في كوكينا حيث يواجه العالم اليوم عديدًا من المخاطر التي تسببت فيها الممارسات البشرية بزيادة انبعاثات الغازات الدفيئة، وما نتج عنها من ارتفاع درجة حرارة الأرض، وفقدان التوازن الإيكولوجي على الكوكب، وقد شهدنا في الآونة الأخيرة ظواهر مناخية متباينة سريعة الوتيرة، منها الحاد المفاجئ ومنها طويل المدى ممتد التأثير والتي تسببت في مجملها في وقوع عديد من الخسائر والأضرار التي لم تقف عند حدود سياسية معينة بل تخطت تأثيراتها الحدود الجغرافية للدول وباتت تهدد مجتمعنا الدولي ككل.

ومن جانبها تبنت مصر عديدًا من الجهود من أجل الامتثال للاتفاقات الدولية بشأن التصدي لظاهرة تغير المناخ والحفاظ على البيئة مثل رؤية مصر ٢٠٣٠، واستراتيجية مصر لتغير المناخ ٢٠٥٠، لوعيها الكامل بأهمية تعزيز قدرة الأجيال الحالية على الصمود في مواجهة تداعيات تغير المناخ، وحق الأجيال القادمة في مستقبل مستدام.

فقد اتخذت مصر خطوات ملموسة نحو التحول إلى الطاقة المتجددة مستفيدة من موقعها الجغرافي المتميز وإمكاناتها الطبيعية الواعدة، فتبنت الدولة استراتيجية وطنية متكاملة للطاقة المستدامة ٢٠٣٥ تستهدف من خلالها رفع نسبة الطاقة المتجددة في مزيج الطاقة لديها إلى أكثر من ٤٢% بحلول عام ٢٠٣٠، كما تم تدشين عدد من المشروعات الرائدة مثل مجمع "بنبان" للطاقة الشمسية، ومحطات طاقة الرياح في "جبل الزيت"، فضلاً عن المشروع القومي لإنتاج الهيدروجين الأخضر وهي مشروعات باتت تمثل نموذجًا إقليميًا لجذب الاستثمارات الخضراء، وعلى المستوى التشريعي والمؤسسي فقد شهدت السنوات الأخيرة صدور عدد من القوانين الداعمة للاستثمار في الطاقة النظيفة مثل قانون تحفيز إنتاج الكهرباء من مصادر الطاقة المتجددة 203/2014، وقانون الاستثمار 72/2017،والذي يوفر حوافز مالية وضريبية للمستثمرين في قطاع الطاقة المتجددة، وقانون الكهرباء 87/2015، وكذا قانون حوافز مشروعات إنتاج الهيدروجين الأخضر ومشتقاته 2/2024، إلى جانب إنشاء المجلس الأعلى للهيدروجين، كما تم تطوير أطر تنظيمية لسوق شهادات الكربون الطوعية بما يُعزز من جاهزية الاقتصاد المصري للمشاركة في أسواق الكربون.

وبرغم هذه الجهود فإن الشركات التي تعمل في مجال انتقال الطاقة بمصر لا تزال تواجه عددًا من التحديات التي تعوق تسريع وتيرة النمو لديها، ولعل أبرزها صعوبة النفاذ إلى التمويل منخفض التكلفة، وارتفاع تكلفة التكنولوجيا الجديدة، وضعف القدرات الفنية والإدارية لدى بعض المؤسسات الناشئة، وعلى الجانب الآخر توجد مجموعة من عوامل النجاح التي يمكن البناء عليها لتعزيز إجراءات التحول في مجال الطاقة مثل تزايد اهتمام المستثمرين العالميين بالسوق المصرية، وتوافر الإرادة السياسية لدعم التحول وتنامي القاعدة المعرفية والبحثية المرتبطة بالطاقة المتجددة داخل الجامعات ومراكز الفكر المصرية للاستفادة من كل تطور تقني وتكنولوجي في تعزيز عملية التحول، هذا وبعد التكامل بين القطاعين العام والخاص، وتعزيز دور الشركات الناشئة والمبادرات المحلية مسارًا واعدًا آخر لتعظيم الاستفادة من فرص التحول.

وأشار المركز إلى أن التحول في مجال الطاقة يتطلب بدوره العديد من العناصر والموارد والتي تتراوح ما بين الأراضي والمياه والموارد المعدنية وسيتم تناولها كالتالي:

-الأراضي والمياه: تبلغ مساحة الأراضي المخصصة لإنشاء محطات (مزارع) الطاقة الشمسية، وطاقة الرياح لتوليد الطاقة وإنتاج الهيدروجين الأخضر، والتقاط ثاني أكسيد الكربون مباشرة من الهواء ما بين 0.4 إلى 1.1 مليون كيلو متر مربع أي ما يُشكل 1% من مساحة الأراضي الصالحة للسكن في العالم، وعليه من الممكن أن تصل كمية المياه المستخدمة في توليد الطاقة وتحليل الهيدروجين واحتجاز الكربون إلى ٥٨ مليار متر مكعب سنويًا، والأمر مدفوع بالطاقة النووية التي تستهلك (١٤ مليار متر مكعب) من المياه، والمياه المستخدمة لالتقاط الكربون (١٩-٢٩ مليار متر مكعب)، كما أن التعدين (استخراج المواد الخام) لأجل التحول في مجال الطاقة قد يزيد كمية المياه المستخدمة بمقدار ٤ - ٥ مليارات متر مكعب، ويُذكر أن إجمالي الاحتياجات المطلوبة من المياه لتلبية متطلبات التحول في مجال الطاقة تعادل الكمية المطلوبة لاستخراج الوقود الأحفوري لتوليد الطاقة، والتي تبلغ نحو ٣٧ مليار متر مكعب سنوياً، ولكنها في ذات التوقيت لا تشكل إلا ٢٪ من إجمالي الاستهلاك العالمي للمياه، والبالغ حوالي ٤٠٠٠ مليار متر مكعب سنويًا (يتم استخدام ٧٠٪ منها في قطاع الزراعة).

-المعادن: أشارت لجنة تحولات الطاقة (ETC) إلى أن هنالك ستة معادن رئيسة لتلبية احتياجات التحول في مجال الطاقة، تتمثل في (الكوبالت، والنحاس، والجرافيت، والليثيوم، والنيوديميوم، والنيكل)، وأضافت أن التحول في مجال الطاقة بين عامي ٢٠٢٢ و ٢٠٥٠ قد يتطلب قرابة ٦,٥ مليار طن من الموارد المعدنية، 95% منها من الفولاذ والنحاس والألومنيوم، وعلى الرغم أن بعض الاحتياجات من الموارد قد تكون صغيرة من حيث الكمية فإنها لا غنى عنها في تعزيز عملية انتقال الطاقة، فعلى سبيل المثال من المرجح أن يبلغ إجمالي مخزون الليثيوم النقي المطلوب في تصنيع السيارات الكهربائية خلال تلك الفترة وحتى عام ٢٠٥٠ قرابة ٢٠ مليون طنًا.

وتابعت أنه على الرغم من توفر المواد الخام التي تدعم التحول الأخضر، فإن هنالك بعض المواد التي قد لا تكفي احتياطاتها لتلبية الطلب التراكمي الناتج عن التحول في مجال الطاقة لاعتبارات ارتفاع الطلب في ضوء محدودية التقدم التكنولوجي، وكفاءة المواد، وإعادة التدوير، والاستخدامات الأخرى غير المرتبطة بالطاقة، وهو الأمر الذي يتطلب زيادة الاحتياطات من تلك المواد لتلبية إجمالي الطلب المتوقع عليها في الفترة ما بين ٢٠٢٢ إلى ٢٠٥٠، بنسبة ٣٠٪ من النحاس ونحو ٧٠% للنيكل، و٩٠% للفضة.

إن كفاءة التكنولوجيا وسياسات إعادة التدوير من الممكن أن تقلل من كمية المواد الخام اللازمة لتقنيات الطاقة النظيفة بنسبة تتراوح ما بين ٢٠ - ٦٠% لمعظم المواد، إذ إن التقدم في مجال كيمياء البطاريات من الممكن أن يؤدي إلى انخفاض الطلب مستقبلاً على الكوبالت والنيكل، كما أن شبكات النقل والتوزيع الذكية القادرة على دمج طاقة الرياح والطاقة الشمسية من الممكن أن تساعد على الحد من النطاق الإجمالي لبناء شبكات الطاقة مما قد يقلل من الطلب على النحاس والألومنيوم، أضف لذلك أن استبدال الألومنيوم بالنحاس في خطوط النقل الهوائية يؤدي إلى خفض الطلب على النحاس ما بين 0.5 إلى ١ مليون طن سنويًا.

-الطاقة التقليدية لتصنيع معدات توليد الطاقة المتجددة: إن بناء نظام طاقة خال من الانبعاثات الكربونية يتطلب في بادئ الأمر تصنيع الجيل الأول من معدات توليد الطاقة المتجددة وذلك باستخدام الطاقة التقليدية الحالية التي لا زالت تعتمد على الوقود الأحفوري لمرة واحدة فقط، وبالتالي تبلغ حجم الانبعاثات الناتجة عن توليد تلك المواد على مدار الثلاثين عام القادمة (٢٠٢٢ - ٢٠٥٠) نحو ٣٥ جيجا طن من مكافئ ثاني أكسيد الكربون، مقارنة بنحو ٣٧ جيجا طن من مكافئ ثاني أكسيد الكربون يتم إنتاجها سنويًا من أنظمة الطاقة التقليدية المعتمدة على الوقود الأحفوري.

-قدرت لجنة تحولات الطاقة (ETC)، أن تحقيق هدف صافي الانبعاثات الصفرية يتطلب استثمارًا سنويًا في المتوسط يقدر بنحو ٣,٥ تريليون دولار أمريكي على مستوى العالم في الفترة ما بين ٢٠٢١ - ٢٠٥٠، أي ما يمثل على مدار العقود الثلاثة القادمة قرابة ١١٠ تريليون دولار أمريكي من الاستثمارات الرأسمالية (١,٣% من إجمالي الناتج المحلي العالمي)، ومن بين ٣,٥ تريليون دولار أمريكي التي يجب إنفاقها سنويًا للتحول الأخضر، يتعين أن يتدفق حوالي ٢,٤ تريليون دولار أمريكي إلى قطاع الطاقة أي ما يمثل 70% من إجمالي الاستثمارات السنوية المستخدمة، كما اقترحت لجنة انتقالات الطاقة (ETC) أنه يمكن جمع ٣٠٠ مليار دولار أمريكي سنويًا حتى عام ٢٠٥٠ لدعم انتقال الطاقة وذلك عبر: (1- التحويلات الحكومية الدولية بمقدار ٢٠٥ مليارات دولار أمريكي، 2- أسواق الكربون بنحو ٨٠ مليار دولار أمريكي، 3- التبرعات بحوالي ٧٥ مليار دولار أمريكي).

وتضمن العدد مقالًا للدكتور محمد مصطفى الخياط الرئيس الأسبق لهيئة الطاقة الجديدة والمتجددة تحت عنوان "من النشأة إلى الأطر المؤسسية تحول الطاقة.. معالم على الطريق"، واستعرض المقال تجربة الدولة المصرية في مجال انتقال الطاقة حيث إن اهتمام مصر بملف الطاقة المتجددة يأتي من واقع المسئولية الدولية المشتركة والمتباينة بشأن ملف تغير المناخ وحتمية الحد من انبعاثات الغازات الدفيئة عبر إزالة الكربون من قطاع الطاقة والبحث عن مصادر أخرى بديلة وغير ملوثة للبيئة، ويُذكر أن إجمالي قدرات الطاقة المتجددة في مصر تبلغ حوالي ۸۰۰۰ ميجاوات، بالإضافة إلى حوالي ٤٥٠٠ ميجاوات قيد التركيب، منها ٢٥٠٠ ميجاوات تأتي من طاقة رياح، وما تبقى يأتي من الطاقة الشمسية، فضلاً عن أكثر من ١٢,٥ ألف ميجاوات في مرحلة التطوير.

هذا وتبلغ إجمالي مساحات الأراضي المخصصة لمشروعات الطاقة المتجددة في مصر أكثر من ٤٣ ألف كيلومتر مربع تتوزع على عدة مناطق رئيسة حوالي ١٦ ألف كيلومتر مربع في غرب أسوان، وأكثر من تسعة آلاف كيلومتر مربع في كل من غرب سوهاج والواحات، فضلاً عن مواقع أخرى في شرق وغرب النيل بمساحة كلية تبلغ حوالي ٣٥٠٠ كيلومتر مربع، وخليج السويس على ساحل البحر الأحمر بمساحة إجمالية ٢٥٠٠ كيلومتر مربع، في ذات السياق تتركز مشروعات طاقة الرياح في مناطق "جبل الزيت"، و"خليج السويس" على ساحل البحر الأحمر، حيث تتمتع بمستويات رياح مرتفعة تُساهم في خفض تكاليف الإنتاج ومن ثم الحصول على طاقة كهربائية نظيفة بأسعار تنافسية، وهو ما مكن الدولة من جذب الاستثمارات الأجنبية المباشرة وإنشاء مشروعات طاقة رياح بقدرات تتجاوز ٢٦٠٠ ميجاوات وباستثمارات تصل إلى حوالي ٣ مليارات دولار أمريكي، إضافة للعمل على تطوير مشروعات أخرى بقدرات تصل إلى حوالي 9000 ميجاوات وذلك من خلال آلية (البناء والتملك والتشغيل).

وعلى مستوى الطاقة الشمسية، يضم مجمع "بنبان" للطاقة الشمسية الواقع على بعد ٨٠ كيلومتر عن مدينة أسوان ٣٢ مشروعًا من الخلايا الشمسية بقدرة إجمالية تبلغ ١٤٦٥ ميجاوات، تم تنفيذها من خلال آلية تعريفة التغذية Feed-in Tariff, it)، وذلك من خلال استثمارات أجنبية نفذتها تحالفات دولية، ومحلية.

كما تعمل على بعد ١٠ كيلومترات من المجمع مشروعات طاقة شمسية أخرى تتجاوز قدراتها حوالي ٧٠٠ ميجاوات في إنتاج الكهرباء النظيفة، هذا إلى جانب ١٠٠٠ ميجاوات أخرى قيد التركيب في منطقة "كوم أمبو" أيضًا، أضف إلى ذلك نحو ١٠٠٠ ميجاوات أخرى جاري تنفيذها في نجع حمادي" بمحافظة قنا، الأمر الذي يرفع قدرات الطاقة الشمسية في صعيد مصر إلى حوالي ٤٥٠٠ ميجاوات، وهو ما يُشير أيضًا إلى أهمية البعد الاجتماعي في مشروعات الطاقة المتجددة من حيث إتاحة فرص العمل، هذا، ويمتد العمل على تخضير قطاعات الاستهلاك من خلال إبرام عقود بيع الطاقة الكهربائية المنتجة من مشروعات الطاقة المتجددة إلى الشركات في القطاعات المختلفة؛ حيث يتم حاليا تغذية العديد من شركات الاتصالات، وإنتاج المواد الغذائية، وكذلك القطاع الصناعي بجانب من احتياجاتها، الأمر الذي يسمح لها باستيفاء المتطلبات البيئية والترويج أيضًا لمنتجات خضراء صديقة للبيئة محليًا ودوليًا.

وفي عام ٢٠٢٢ تم إطلاق مبادرة نوفي بهدف حشد الموارد المالية لتنفيذ تسع مشروعات تُخفض مستويات الانبعاثات في مصر وتحسن جودة الهواء، وقد حصلت سبعة مشروعات للطاقة المتجددة بقدرات إجمالية تصل إلى ٤,٢ جيجاوات على التمويلات اللازمة للإغلاق المالي بقيمة استثمارية مجمعة تقدر بنحو ٤ مليارات دولار أمريكي من مؤسسات التمويل الدولية، ومن المخطط تكهين إيقافها وإدخالها مرحلة الصيانة محطات طاقة حرارية بقدرة إجمالية ٥ جيجاوات