دعوة من الملياردير الروسي السيد ميخائيل جوتسيرييف، الى حفل زواج ابنه سعيد على الفتاة العشرينية خديجة أوزاخوفس عام 2016. كان ذلك بموسكو فى زفاف وصف بالاسطوري بلغت كلفته أكثر من مليار دولار.
لم ينظر المفكر الفرنسي توماس بيكيتي إلى هذا البذخ كإسراف فردي، بل كبيان اقتصادي يترجم هيمنة الثروة على العادات الاجتماعية الراسخة.
في اى مكان في العالم. الفتاة والفتى اللذان ينتميان إلى الطبقات الوسطى أو الأدنى لا يشاهدان صور هذه الاحتفالات الأسطورية التي تتجاوز قيمتها ميزانيات دول صغيرة فقط، وإنما يدخلان إليها كواقع اجتماعي مُلزم.
فمشاهد البذخ هذه ليست مجرد أخبار ترفيهية، بل هي آفة اجتماعية واقتصادية لها عواقب وخيمة على استقرار الأسرة وتماسك المجتمع.
أولا: تشويه مفهوم الزواج: تدريجيا قد ُتحول هذه المشاهد، في الوعي الجمعي، مفهوم الزواج إلى صفقة استعراضية ومنافسة اجتماعية، بدلاً من كونه رابطاً للاستقرار والمودة وبناء الأسرة.
ثانيا: شيوع ثقافة المظاهر والتقليد الأعمى: تتحول حفلات الزفاف إلى منافسة اجتماعية قائمة على التفاخر والمباهاة، حيث يسعى الأهل لإقامة حفلات تتناسب مع "المكانة الاجتماعية المزعومة"، بغض النظر عن القدرة المالية الفعلية (كما كان الحال في القرون الوسطى).
ثالثا: زرع ثقافة الاستهلاك: يؤدي التبذير في حفل الزفاف إلى ترسيخ ثقافة الإنفاق غير المسؤول لدى الزوجين منذ اليوم الأول.
رابعا: تحويل الأولويات: بدلاً من استثمار الأموال المدخرة في بناء مستقبل الأسرة أو شراء أصول مفيدة، يتم تبديدها على مظاهر مؤقتة لا تدوم إلا ساعات قليلة.
خامسا: الإغراق في الديون: يضطر العديد من الشباب إلى الاستدانة من البنوك أو الأفراد لتغطية تكاليف الزواج الباهظة، بما في ذلك المهور المبالغ فيها وتكاليف الصالات الفخمة.
سادسا: إعادة تعريف الطبقة: هذا البذخ يُعيد رسم حدود طبقة الأغنياء، ويجعل تحقيق أحلام البسطاء (مثل شقة صغيرة) يبدو مستحيلاً مقارنة بهذه المبالغ الفلكية، مما يفاقم الشعور بالإقصاء والظلم الاجتماعي.
عندما تصبح الحياة في المجتمع المعاصر سباقاً يُولد فيه البعض عند خط النهاية، بينما يكافح الباقون للوصول إلى خط البداية، فإن الثمن المدفوع ليس اقتصادياً فحسب، بل هو ثمن تفكك الثقة في النظام الاجتماعي.
وهنا، تتسع الفجوة بين الفتاة والفتى لدرجة أن قيمة دعوة حفل زفاف السيد سعيد تفوق بكثير مجموع دخلهما من العمل طوال حياتهما المهنية حتى سن التقاعد، حتى في حال انفصالهما لاحقاً.