ندوة جامعة أسيوط الحرية المسئولة جوهر الحضارة وبناء أمة قوية ومجتمع متقدم
نظم مجمع البحوث الإسلامية بجامعة أسيوط ندوة هامة بعنوان الحرية المسئولة جوهر الحضارة ضمن فعاليات الأسبوع الدعوي الرابع عشر، بحضور نخبة من علماء الأزهر الشريف لمناقشة دور الحرية في بناء مجتمع متوازن ومتقدم
الحرية المسئولة جوهر الحضارة
انطلقت فعاليات ندوة الحرية المسئولة جوهر الحضارة، التي عقدها مجمع البحوث الإسلامية اليوم الإثنين بجامعة أسيوط، في إطار الأسبوع الدعوي الرابع عشر الذي تنظمه اللجنة العليا للدعوة تحت عنوان مفاهيم حضارية، برعاية الإمام الأكبر الدكتور أحمد الطيب، شيخ الأزهر الشريف، وإشراف الدكتور محمد الضويني، وكيل الأزهر، وفضيلة الدكتور محمد الجندي، الأمين العام للمجمع.
وأوضح الدكتور حسن يحيى، الأمين العام المساعد للجنة العليا لشئون الدعوة، في كلمته بالجلسة الأولى، أن الحضارة تقوم على توازن دقيق بين حقوق الفرد وواجباته تجاه المجتمع، وأن القرآن الكريم وضع ضوابط ثابتة للحرية منذ خلق الإنسان، لتمنحه الحق في الاختيار ضمن حدود تحفظ كرامته وتمنع الفوضى.
وأكد الدكتور يحيى أن مفهوم الحرية المسئولة هو الركيزة التي تبني حضارة حقيقية تعتمد على القيم والضمانات الاجتماعية، ما يتيح لكل فرد التطور دون الإضرار بالآخرين، مضيفا أن الانفلات الأخلاقي سبب رئيسي في انهيار الحضارات، وأن الإسلام نظم حاجات الإنسان الطبيعية بقواعد تحمي المجتمع وتبعده عن التفكك، مستشهدا بالنصوص القرآنية التي تحمي الإنسان من التهلكة وتردع الإباحية.
وشدد على أن بناء حضارة راقية يبدأ بالتمييز بين الحرية والفوضى والاحتكام الدائم للقرآن الكريم والسنة النبوية لترسيخ مجتمع قائم على العدالة والكرامة والوعي.
الشباب والحضارة والمسئولية
من جانبه، أكد الدكتور الحسيني حماد، منسق المشاركة المجتمعية وحقوق الإنسان بفرع جامعة الأزهر في أسيوط، أن الشباب يمثلون نبض الأوطان وركيزة أساسية للحضارة، حاملين راية البناء وحافظين على أمن المجتمع، مشيرا إلى أن الإسلام منحهم مكانة عالية وغرس فيهم قيم القيادة والإبداع.
وأشار الدكتور حماد إلى أن سيرة النبي ﷺ مليئة بالنماذج الإيجابية لشباب تولوا مسئوليات كبيرة ونشروا العلم وصنعوا حضارة حقيقية، مؤكدا أن أبرز التحديات التي تواجه الشباب اليوم تتمثل في محاولات تقويض هويتهم وقيمهم عبر موجات فكرية مشوهة وتضليل رقمي، داعيا إلى توجيه المنصات الرقمية توجيها واعيا لحماية الشباب من التطرف وانهيار الهوية.
ضوابط الحرية وبناء المجتمع
وفي الجلسة الثانية، شدد الدكتور محمد عطا الله، عميد كلية البنات الإسلامية بأسيوط، على أن الحرية قيمة عظيمة لا تكتمل إلا بضوابط تحفظ الدين والمجتمع، مبينا أن الشرط الأول للحرية ألا تتعارض مع الشرع، والثاني ألا تؤدي إلى ضرر الآخرين، مضيفا أن هذه القواعد ليست تقييدا للإنسان بل حماية له وللمجتمع.
وتابع الدكتور عطا الله أن الحرية دون ضوابط تتحول إلى أداة هدم وليس وسيلة عمران، مستشهدا بآية قرآنية تظهر أثر الانفلات على الأمم، مؤكدا أن الحرية المسئولة هي التي تبني الحضارة.
كما أشار الدكتور مرتجى عبد الرؤوف، المدير العام لمنطقة وعظ أسيوط، إلى أن الإسلام قدم نموذجا للحرية المسئولة والأمن الفكري، مستشهدا بموقف المرأة التي أبدت رأيا بشأن زوجها أمام النبي ﷺ وكيف تم احترام حريتها الشرعية، مؤكدا أن الحرية في الإسلام تشمل العقل والضمير والقلب قبل اللسان، وتمارس في إطار الاحترام والمسئولية.
الحرية جوهر الحضارة والإبداع
وقال الشيخ يوسف المنسي، عضو أمانة اللجنة العليا لشئون الدعوة، إن الحرية تمثل قلب الحضارة وقاعدتها، فهي شرط لوجود الإنسان بمعناه الحقيقي، ومنها تنبع القدرة على الإبداع والتجديد، مؤكدا أن الإسلام رسخ قيمة الحرية بقوله تعالى: لا إكراه في الدين، لتصبح الحضارة قائمة على القناعة لا الإجبار.
وأضاف المنسي أن الحرية لا تعني الفوضى، بل ترتبط بالوعي وضبط الذات، وأن الاجتهاد الحقيقي يقوم على ممارسة حرية مسئولة ومدروسة، مشيرا إلى أن الأمم التي تحمي عقول أبنائها وتفتح باب النقد والاجتهاد هي وحدها القادرة على التقدم وبناء حضارة حية مستمرة.
واختتمت فعاليات الأسبوع الدعوي الرابع عشر بجامعة أسيوط، مستمرة حتى يوم الخميس، بمشاركة مجموعة من علماء الأزهر، ضمن سلسلة ندوات فكرية تناولت الحضارة والعلم والقيم والحرية المسئولة وحقوق الإنسان في ضوء الشريعة الإسلامية.