كيف تحول حلم الكومباوند إلى فخ عقود الإذعان واستنزاف المدخرات والاستغلال والاحتيال على المواطنين بأسعار خرافية لا تمثل القيمة الحقيقية! شهدت السوق العقارية تحولاً مثيراً للقلق؛ فقد تضخمت المشاريع لتصبح «سبوبة العصر» بامتياز. والمطور العقارى، الذى استفاد من آلاف الأفدنة التى حصل عليها بأثمان زهيدة بعيداً عن المزادات العلنية، يمارس اليوم استغلالاً منظماً لمدخرات المواطنين فى غياب تام من الرقابة والمتابعة وهل تم سداد قيمة الأرض كاملة من عدمه وهل التزم بنسبة المبانى من عدمه، وهل التزم بما جاء فى تراخيص البناء أم هناك مخالفات جسيمة وهل عقد الأرض خالص ومسجل من عدمه.
تعتمد اللعبة على حملة إعلانية مشوقة يصرف عليها المقاول ببذخ لاصطياد الزبون. ويتم إغراؤه بدفعة أولى بسيطة لا تتجاوز ١٠٪ وأقساط ممتدة تصل إلى ٨ سنوات. لكن حقيقة الصفقة تتضح عند التوقيع على ما يسمى بعقود إذعان. يجد المشترى نفسه يوقع على حجز وحدة على الورق (مسلسل اللونش)، وهو يدفع ثمن شقة فى الهواء، بينما يستغل المطور هذه الأموال ليبنى بها المشروع، مع تسليم مؤجل أربع سنوات، وكمان على الطوب الأحمر وهو ما قد لا يحدث أبداً، ما يهدد بخطر هروب المطور بفلوس الحاجزين.
العمود الفقرى لهذه السبوبة هو وديعة الصيانة، التى تتراوح بين ٨ إلى ١٠٪ من قيمة الوحدة. وفى كومباوند يضم ٥٠٠ وحدة بمتوسط ٦ ملايين جنيه، تصل الوديعة إلى ٣٠٠ مليون، وهى مبالغ ضخمة تدفع لوحدة لم تبنَ أصلاً. هذه الوديعة، بفرض عائد بنكى ٢٧٪، تدر ٨١ مليون سنوياً. والأدهى هو النص فى العقد على أن المطور هو المسئول الوحيد عن الإدارة، ويعين هو المراجع القانونى، ويمنع إنشاء اتحاد شاغلين. وبطبيعة الحال، يقر المراجع دائماً بأن العائد لا يغطى المصروفات، ليطالب المالك بفروق صيانة سنوية تتصاعد بلا نهاية، ليصبح هذا ربحه الأساسى الثانى، بينما هو فى الواقع يشغل أموال الوديعة فى مشاريعه الخاصة.
الوضع يتحول إلى شراكة استغلال وليست بيعاً. فالمطور يضع بنوداً تسمح له بفسخ العقد وضياع فلوسك وشقتك إذا تأخرت عن سداد قسط واحد. كما أنه يتحكم فى عملية إعادة البيع، ويحمل المشترى الجديد بمئات الآلاف كرسوم تنازل مخالفة للقانون.
الذى يمنع حصول المطور على رسوم تنازل بناءً على نص المادة 15 من قانون حماية المستهلك رقم 181 لسنة 2018 فى مصر، وتنص على بطلان أى شرط فى العقد يفرض على المشترى دفع نسبة أو رسوم أو عمولة للبائع أو خلفه من ثمن تصرف المشترى فى الوحدة العقارية.
لابد للدولة والحكومة من التدخل الفورى وحماية الشعب والاقتصاد. ويجب إلزام المطورين بتطبيق القانون الذى كان يشترط الانتهاء من ٧٠٪ من الإنشاءات قبل بدء البيع، ووضع قوانين صارمة للحد من بيع الهواء. وعلى الدولة تجميد منح الأراضى، والتحقق من سداد المطورين لقيمة الأراضى المستحوذ عليها. والالتزام بنسبة المبانى وشروط التراخيص وسداد كامل قيمة الأرض للدولة وتقنينها. وحماية المواطن واجب، والسكوت هو تمكين لهذه البلطجة العقارية.
رسالة أخيرة: لا تشترى أى عقار على الورق. ادفع واستلم فوراً. السوق العقارى بحاجة إلى يقظة ورقابة حازمة لضبط الأسعار العادلة وإنهاء عصر عقود الإذعان واستغلال الشعب بأسعار خرافية لا يقدر عليها الشعب المصرى. هذا بخلاف الازعاج عبر التسويق التليفونى بما يعادل أكثر من 50 مكالمة تسويقية يومية ما جعل حياتنا جحيماً من الازعاج والاستفزاز بالأسعار المستفزة التى يعرضونها ولا تمثل قيمة حقيقية بل الاستغلال بشتى الطرق.