«رحلة داخل التاريخ».. المتحف المصري الكبير يروي الحضارة بمنهج علمي وجمال فريد
يشهد المتحف المصري الكبير تجربة عرض غير مسبوقة تجمع بين الإبهار البصري والدقة العلمية، حيث تتناغم التماثيل الأثرية والقطع النادرة في مشهد منظم يعكس فلسفة عرض حديثة تعتمد على منهج تاريخي وجمالي متكامل، لا على الترتيب العشوائي أو الزخرفة الشكلية.
عرض يقوم على منهج علمي مدروس:
داخل القاعات الواسعة المصممة بعناية هندسية تراعي الضوء والمساحة ومسارات الحركة، تظهر القطع الأثرية كصفحات مفتوحة من تاريخ مصر القديم، تسرد تطور الفكر والفن والدين عبر العصور.
ووفق مصادر بوزارة السياحة والآثار، فإن التوزيع الداخلي للتماثيل تم وفق ثلاثة محاور رئيسية:
ـ المحور التاريخي: يعرض تطور الحضارة المصرية منذ الدولة القديمة حتى العصر المتأخر.
ـ المحور الموضوعي: يجمع القطع حسب الرموز والأفكار مثل الملوك والآلهة والطقوس والحياة اليومية.
ـ المحور الجمالي الهندسي: يوازن بين الحجم والارتفاع والإضاءة لتقديم مشهد بصري متناغم يبرز ملامح القطع دون ازدحام.
وتتجلى هذه الفلسفة بوضوح في قاعة الدرج العظيم، حيث يقف تمثال رمسيس الثاني شامخًا في مقدمة المشهد، محاطًا بتماثيل ضخمة تجسد رمزية القوة الدينية والسياسية في مصر القديمة.
تعاون بين خبراء وعلماء:
تم تنفيذ خطة العرض بالتعاون بين علماء المصريات ومهندسين معماريين وخبراء في علوم المتاحف، لضمان أن يكون المتحف ليس فقط الأكبر في العالم، بل الأكثر قدرة على سرد التاريخ بشكل حيّ وتفاعلي.
ويؤكد المتخصصون أن هذه المنهجية ستغير تجربة زيارة المتاحف من مجرد مشاهدة قطع أثرية إلى رحلة معرفية فنية متكاملة، تمزج بين الجمال والتعليم والفهم العميق للتراث.
تجربة حضارية تفاعلية:
من جانبه، أوضح الدكتور شريف شعبان، خبير الآثار المصرية، أن المتحف يقدم تجربة شاملة تجمع بين المتعة البصرية والمعرفة التاريخية، معتمدًا على تقنيات عرض حديثة تشمل الإضاءة الذكية والوسائط الرقمية التفاعلية التي تتيح للزائر اكتشاف تفاصيل دقيقة في النحت المصري القديم دون الحاجة إلى دليل دائم.
وأشار إلى أن الزائر يعيش تجربة انسيابية عبر ستة مستويات عرض تم تصميمها بعناية لتجعل الجولة أشبه بـ“رحلة داخل التاريخ”.
محاور العرض الرئيسية:
وبيّن شعبان أن المنهج القائم في العرض يعتمد على أربعة محاور هي:
1. الملكية المصرية القديمة: تطور السلطة ورمزية الملك في الدولة الفرعونية.
2. العقائد الدينية: مفاهيم الخلق والبعث والشعائر المقدسة وعلاقة الملك بالآلهة.
3. رحلة الأبدية: تصور المصري القديم للحياة بعد الموت وفكرة الخلود.
4. الحياة اليومية والفكر الفني: ما يعكس مهارة الفنان المصري القديم في التعبير بالجمال والدقة.
رؤية جديدة للتراث المصري:
وأكد شعبان أن المتحف المصري الكبير يمثل نقلة نوعية في طريقة عرض التراث المصري، إذ يعيد تقديم الآثار كرواية حضارية متصلة، لا كقطع منفصلة.
وقال إن “كل تمثال وكل نقش يشارك في حوار بصري يروي قصة مصر القديمة”، مضيفًا أن المتحف سيكون أحد أهم مراكز الإلهام الثقافي والمعرفي في العالم، وواجهة جديدة تعكس عبقرية الإنسان المصري عبر العصور.