عودة "ألماسة فلورنسا" إلى الواجهة بعد قرن من الغياب
بعد مرور أكثر من مئة عام على اختفائها الغامض، أعلن أحفاد عائلة هابسبورغ الملكية أن ألماسة فلورنسا الأسطورية لم تُفقد كما كان يُعتقد، بل كانت محفوظة في أحد المصارف الكندية طوال العقود الماضية.
علما بأن الألماسة الشهيرة، التي تزن 137 قيراطاً وتتميّز بلونها الأصفر البراق وشكلها الكمثري، تعود أصولها إلى عائلة ميديتشي الحاكمة في فلورنسا خلال القرن السابع عشر، قبل أن تنتقل ملكيتها إلى سلالة هابسبورغ في القرن الثامن عشر.
رحلة الألماسة من القصور إلى المنفى
في عام 1918، ومع نهاية الحرب العالمية الأولى، أدرك الإمبراطور كارل الأول، آخر حكّام الإمبراطورية النمساوية-المجرية، أن عرشه يترنح تحت تهديدات البلاشفة والفوضويين. ولحماية مجوهرات العائلة، أمر بنقلها إلى سويسرا.
غير أنّ الألماسة اختفت بعد فترة وجيزة من نفي العائلة، ما أثار شائعات بأنها سُرقت أو أعيد صقلها أو بيعت سرّاً.
طوال قرن من الزمان، نسجت حول الألماسة قصص وروايات وأفلام كثيرة، كان أبرزها فيلم “The Imperfects”، بينما ظلّ مصيرها الحقيقي لغزاً محيّراً.
السر الذي حفظته الإمبراطورة زيتا
أحفاد كارل الأول كشفوا مؤخراً أن السر كان محفوظاً بعناية داخل العائلة. فقد أبلغت الإمبراطورة زيتا، زوجة كارل، اثنين فقط من أبنائها — الأميرين روبرت ورودولف — بمكان الألماسة، وأوصتهما بعدم الكشف عنه إلا بعد مرور مئة عام على وفاة الإمبراطور عام 1922.
ووفقاً لأحفادها الثلاثة — كارل ولورينز وسيميون فون هابسبورغ-لورينغن — فقد نُقلت الألماسة مع بقية المجوهرات في حقيبة صغيرة إلى كندا خلال الحرب العالمية الثانية، حيث أودِعت في خزنة أحد المصارف في مقاطعة كيبك.
قال كارل فون هابسبورغ-لورينغن (64 عاماً):
> "كلما قلّ عدد الذين يعرفون، زادت الأمانة. لقد أرادت جدتي أن تبقى الجوهرة في مأمن حتى تنقضي تلك الحقبة المضطربة."
الظهور الأول بعد قرن
في لقاء خاص مع صحيفة نيويورك تايمز، اجتمع الأحفاد الثلاثة في المصرف الكندي لفتح الحقيبة التي ظلت مغلقة لعقود. هناك، وبين أوراق قديمة مصفرّة، ظهرت الألماسة المتلألئة كما لو أنها لم تفقد بريقها يوماً.
الخبير كريستوف كوتشرت من دار المجوهرات A.E. Köchert — التي كانت يوماً ما الصائغ الرسمي للإمبراطورية النمساوية — فحص الألماسة وأكّد أصالتها، قائلاً:
> "نمط القطع، والوزن الدقيق، وتطابق الشكل مع الأوصاف التاريخية جميعها تؤكد أنها الألماسة الأصلية نفسها."
من تاج الأباطرة إلى خزنة كندية
ارتدت الألماسة تاج الإمبراطور فرانسيس ستيفن أثناء تتويجه إمبراطوراً على الإمبراطورية الرومانية المقدسة عام 1745، وكانت منذ ذلك الحين رمزاً لسلطة آل هابسبورغ، الذين حكموا أوروبا الوسطى حتى عام 1918.
بعد وفاة كارل الأول في جزيرة ماديرا عام 1922، تنقّلت الإمبراطورة زيتا وأبناؤها بين إسبانيا وبلجيكا، ثم فرّوا من خطر النازيين إلى الولايات المتحدة عام 1940، قبل أن يستقروا في كندا. هناك، أودعت زيتا المجوهرات في المصرف، وظلت مخفية حتى وفاتها عام 1989.
خطط للعرض العام
اليوم، وبعد انقضاء قرن على وفاة كارل الأول، قررت العائلة عرض ألماسة فلورنسا في أحد المتاحف الكندية عرفاناً بالجميل للبلد الذي احتضنهم. وأكدت العائلة أنه لا نية لبيع الألماسة، دون أن تذكر أي تقدير لقيمتها المالية.
المؤرخ البريطاني ريتشارد باسيت، الذي أعدّ تقريراً عن الألماسة، قال:
> "إنها شهادة رائعة على عزيمة الإمبراطورة زيتا وحرصها على إرث العائلة. لقد نجحت في إبقاء واحدة من أثمن الجواهر في التاريخ في مأمن من الزوال طوال مئة عام."



