رئيس حزب الوفد ورئيس مجلس الإدارة
د.عبد السند يمامة
رئيس مجلس التحرير
سامي أبو العز
رئيسا التحرير
ياسر شورى - سامي الطراوي
رئيس حزب الوفد ورئيس مجلس الإدارة
د.عبد السند يمامة
رئيس مجلس التحرير
سامي أبو العز
رئيسا التحرير
ياسر شورى - سامي الطراوي

قضية ورأي

مع كل صعود للذهب فى خزائن البنوك المركزية، تتضاءل فرص استمرار هيمنة الدولار على العالم.

فقد أزاح المعدن النفيس، «اليورو»، خلال العام الماضى، ليصبح ثانى أكبر مكون فى احتياطيات البنوك المركزية العالمية، مستحوذًا على حصة قدرها 20% مقابل 16% لليورو، و46% للدولار.

وعندما ينتهى العام الحالى، ستتقلص حصة الدولار، إذ تشير أرقام الربع الثالث من العام الحالى إلى شراء 220 طنًا وهو رقم كبير دفع الأسعار إلى مستويات جميعنا تابعناها.

منذ الحرب العالمية الثانية، لم يمكن الحديث عن المال ممكنا دون أن يلوح الدولار فى الأفق. ليس لأنه مجرد عملة أمريكية، بل لأنه أصبح رمزًا للقوة والسيطرة والهيمنة الاقتصادية على مستوى العالم.

تداول الناس منذ قرون الذهب والفضة، ثم اعتمدت الدول عملاتها الوطنية، لكن شيئًا حدث بعد الحرب العالمية الثانية جعل العالم بأسره يدور فى فلك الدولار، إذ تحول من ورقة خضراء إلى أداة عبودية مالية غير معلنة، تخضع من خلالها اقتصادات الدول لإرادة السياسة الأمريكية.

عبودية الدولار ليست مجرد مصطلح إنشائى، بل هى واقع ملموس.. فكلما اهتز الدولار اهتزت معه الأسواق العالمية، وكلما قرر البنك الفيدرالى رفع أو خفض الفائدة، تأثرت الاقتصادات من القاهرة إلى أبعد بلد.

فما إن تم خفض الفائدة الأمريكية يوم الأربعاء الماضى، حتى تدفقت الأموال الساخنة على السوق الثانوية لأدوات الدين الحكومية فى مصر عالية الفائدة، لتسجل ما قيمته 25 مليار جنيه فى يومين.

عبودية الدولار ليست مجرد نظرية مؤامرة، بل واقع عالمى بُنى خلال قرن من الزمن بخطوات مدروسة:

من مؤتمر بريتون وودز، إلى قرار نيكسون، إلى نظام البترودولار، إلى سياسات الحمائية، كلها خيوط نسجت شبكة عملاقة من السيطرة المالية.

لقد «استوحش» الدولار حين فقد قيمته الذهبية وأصبح يستمد قوته من السياسة والسلاح، لا من الاقتصاد وحده.

وأصبحت الدول الفقيرة تدفع ثمن هذا الوحش يوميًا، حين ترتفع أسعار القمح والطاقة والفائدة، وكل ذلك لأن هناك عملة واحدة تتحكم فى أنفاس العالم.

لكن التاريخ علّمنا أن لا شيء يدوم إلى الأبد.

فقد استفاق العالم على المواجهة الأمريكية الروسية فى أعقاب الحرب على أوكرانيا عام 2022، عندما عاقبت واشنطن البنوك الروسية وحرمتها من أنظمة الدفع الدولية، واستخدمت الدولار كسلاح فعلى ضد «بوتين»، ما أقلق الصين وباقى دول العالم.

ثم استفاق العالم مرة أخرى العام الحالى على وقع محاولات «ترامب» إعادة تشكيل الاقتصاد العالمى عبر الحمائية والرسوم التى فرضها على واردات بلاده أكبر مستهلك فى العالم.

كانت البداية من روسيا التى قلصت احتياطاتها بالدولار وبدأت تسعر جزءًا من صادراتها بالروبل، وتبعتها الصين التى أطلقت مشروع «اليوان الرقمي» وتوسعت فى اتفاقات تبادل عملات مع روسيا وإيران.

أما الهند والبرازيل وجنوب أفريقيا، فيسعون فى إطار تكتل «بريكس» لإنشاء نظام تسويات جديد بالعملات المحلية.

وتمامًا كما سقطت الإمبراطوريات القديمة، فقد بدأ انحسار الدولار.

وربما تكون قد حانت نهاية السيد الأخضر الذى لا يرحم.