الرقص على أشلاء السودانيين
الفاشر.. مذابح واغتصاب و«أبولولو» سفاح الدعم السريع يتفاخر والعالم يشاهد
تواصل ميليشيا الدعم السريع جرائم الإبادة الجماعية والحرب في مدينة الفاشر عاصمة ولاية شمال دارفور غرب السودان وصولا الى منطقة مدينة «بارا» بولاية شمال كردفان على الهواء مباشرة وتحت سمع العالم ومنظماته في حفلة رقص فيها شيطان ميليشيا «الجنجويد» على جثامين وأشلاء ضحاياه في سلسلة من حفلات القتل المجاني للأبرياء في ممارسات وجرائم ضد الإنسانية لا تصادر فقط الأرض ولا تبني دولة ديمقراطية، هي تحاول أن تسلب الإنسان السوداني كرامته ووجوده في فصل من فصول الإبادة الجماعية والتطهير العرقي.
وأعدمت الميليشيا الارهابية 38 سودانيًا أعزل في منطقة «أم دم حاج أحمد» بتهمة الانتماء للجيش فيما احتجزت مدنيين فارين من الفاشر وأجبرتهم على ترديد شعارات تمجد قائدهم.
ويواصل سفاح الفاشر «الفاتح عبد الله إدريس» المعروف بـ«أبولولو» تصوير جرائمه متفاخرا بقتل المدنيين ولم يكتف الجزار بأن يقتل، بل أراد أن يُشاهد وهو يقتل.كأن الرصاص وحده لا يشبعه، فوثق الموت بالصوت والصورة، كمن يكتب سيرته بالدم. وفي بث مباشر، جلس سفاح القرن يروي على «تيك توك» كيف صفى 900 إنسان، وكأنه يحدث متابعين عن وصفة جديدة في مطبخ الجريمة.
وكشفت الفيديوهات المتداولة عن رقص مقاتلي الدعم السريع فوق أعداد كبيرة من الرجال والنساء القتلى، سواء بالبزات العسكرية أو بالملابس المدنية، ويعدمون مدنيين مفترضين، ويسخرون من أشخاص مصابين بجروح بالغة ويسيئون معاملتهم ويقتلونهم.
وأظهرت صور الأقمار الاصطناعية، بقعًا حمراء في شوارع مدينة الفاشر، وأكد خبراء أن هذه البقع عبارة عن جثث ودماء بعد عمليات القتل في المدينة وإلى جانب العديد من بقع الدم، توجد أجسام يتراوح طولُها بين متر وثلاثين سنتيمترا ومترين وهو ما يتسق من حيث الأبعاد مع حجم الأجساد البشرية.. ونفس الأجسام تم رصدها بالقرب من السواتر الترابية المحيطة بالمدينة الفاشر، لقد حولت الدعم السريع القتل إلى لعبة موت بهدف التسلية، الانتقام، والترهيب في إبادة جماعية ممنهجة بحق المدنيين العزل يعاقب عليها القانون الدولى.
ويشكل بث الصور والفيديوهات ليس حالة انتقام فردي عشوائي، وإنما هو أقرب لحملة إعلامية ممنهجة هدفها إعلان السيطرة المطلقة، وتفريغ الأرض من مؤيدي الجيش السوداني، تمهيدا لإعلان التقسيم والانفصال عن السودان.
ويواجه المدنيون الفارون من الفاشر انتهاكات خطيرة على طول الطريق، بما يشمل الاغتصاب والنهب والقتل. وكشفت منظمة يونيسف عن أن 130 ألف طفل في الفاشر معرضون لخطر كبير جراء انتهاكات جسيمة لحقوق الإنسان.
ولا تزال الاتصالات والإنترنت مقطوعة، عن الفاشر إلا بالنسبة لميليشيا الدعم السريع التي تتحكم بشبكة «ستارلينك» عبر الأقمار الصناعية. كذلك، لا يزال الوصول إلى الفاشر محظورا رغم الدعوات إلى فتح الممرات الإنسانية. وبالتالي، من الصعب جدا التواصل مع مصادر محلية مستقلة.
ونزح أكثر من 40 ألف شخص ومنذ الأحد الماضي جراء أعمال العنف في الفاشر غالبيتهم باتجاه ضواحيها وإلى مدينة طويلة الواقعة على بعد 70 كيلومترا إلى الغرب والتي تعد أكبر منطقة لاستقبال النازحين وفقا للأمم المتحدة، إذ تضم أكثر من 650 ألف نازح.
وأعربت منظمة الصحة العالمية عن صدمتها من مقتل أكثر من 460 شخصا في المستشفى الوحيد بالفاشر، وأكد المدير العام لمنظمة الصحة العالمية تيدروس أدهانوم غيبريسوس في بيان أن المنظمة «مستاءة ومصدومة بشدة لمعلومات تحدثت عن مقتل أكثر من 460 مريضًا وأشخاص يرافقونهم في المستشفى السعودي للتوليد في الفاشر بالسودان، إثر الهجمات الأخيرة وخطف عاملين في مجال الصحة». وأكد ممثل يونيسف في السودان، «شيلدون يت» أن أهالي الفاشر يتعرضون لأبشع وأشد أعمال العنف. وقال «يت» عبر مقطع فيديو له في بورتسودان إن الفاشر حوصرت لمدة 700 يوم، والآن يتعرض سكانها لأبشع وأشد أعمال العنف.
وقال: «بالتأكيد، وصل أكثر من ٣٠ ألف شخص إلى مخيم طويلة، يتوافدون على دفعات بعد رحلة شاقة للغاية، وفي بعض النواحي، توقعنا وصول المزيد. حقيقة أن عددهم ليس بالقليل تدل على الوضع الذي يواجهونه وعلى مخاطر الطريق، وخطر التعرض للاغتصاب والاختطاف وإطلاق النار».
كانت الدعم السريع قد حفرت خلال الأشهر الأخيرة خندقا وبنت ساترا رمليا يحيط بالمدينة، ومنع مقاتلوها التجار ومنظمات الإغاثة من الوصول إليها إلى حد كبير، ما اضطر المدنيين إلى تناول علف الحيوانات. وقالت «أطباء بلا حدود» إن 75% من أصل 165 طفلا دون سن الخامسة من الفاشر فحصتهم يومَي 18 و19 أكتوبر كان لديهم سوء تغذية حاد.
وقال «فيديريكو بوريلّو»، المدير التنفيذي الانتقالي لـ«هيومن رايتس ووتش» إن الصور المروعة من الفاشر تحمل بصمات سجل الدعم السريع الحافل بالفظائع الجماعية. وأضافت المنظمة الدولية انه اذا لم يتحرك العالم بشكل عاجل، سيتحمل المدنيون وطأة جرائم أكثر فظاعة.
وطالبت «هيومن رايتس ووتش» مجلس الأمن التابع للأمم المتحدة بالتحرك بشكل عاجل لمنع المزيد من الفظائع. ودعت الدول التي تشكل ما يعرف بـ«المجموعة الرباعية»، الذين اجتمعوا مؤخرا في واشنطن، الإعلان بوضوح عن أن قيادة قوات الدعم السريع ستحاسب بإجراءات تشمل تجميد الأصول وحظر السفر فورا.
