في كل مرحلة فارقة من تاريخ الأمم يظهر جيل جديد يطلب حقه المشروع في أن يكون شريكا لا تابعا، صانعا لا متفرجا، ومسؤولا لا مجرد متلقي للتوجيهات ، ومصر اليوم وهي تخوض معركة بناء الوعي والتنمية تحتاج قبل أي شيء إلى فتح النوافذ أمام شبابها كي يبدع ويقود ويضيف إلى رصيد الدولة لا أن يظل واقفا في طابور الانتظار.
لقد علّمتنا التجربة أن الأمم لا تتجدد إلا بشبابها وأن الجمود الإداري والسياسي هو العدو الأول للتطور، فحين تُغلق الأبواب أمام الطاقات الجديدة، يموت الأمل وتتكرر الوجوه، وتُستنسخ الأخطاء ، أما حين تُفتح النوافذ على مصراعيها، يدخل هواء جديد إلى جسد الوطن فيمنحه الحيوية ويوقظ فيه روح المبادرة والابتكار.
الشباب المصري أثبت في كل اختبار أنه على قدر المسؤولية، من ميادين الدفاع عن الوطن إلى معامل البحث ومصانع الإنتاج ومبادرات التطوير، أثبتوا أنهم لا يقلون وطنية أو كفاءة عن أي جيل مضى، بل ربما أكثر جرأة في اقتحام المجهول وأكثر استعدادا لتحمل التبعات.
إن تمكين الشباب ليس شعارا للاستهلاك السياسي، بل ضرورة وطنية لاستمرار المشروع المصري، المطلوب ليس فقط تعيين بعض الوجوه الشابة في مواقع شكلية، بل إشراكهم فعليا في صناعة القرار، في الأحزاب، في الإعلام، في الإدارة المحلية، في البرلمان، وفي كل مساحة يمكن أن تُصنع فيها السياسات وتُرسم فيها ملامح المستقبل.
على مؤسسات الدولة والأحزاب أن تتعامل مع الشباب باعتبارهم قوة لا مجرد حشود لدعم غيرهم ، فالمواهب لا تُصنع في الصالونات السياسية، بل في ميادين العمل الميداني والفكر والتحدي ، وحين تتبنى الدولة فكرة تسليم الراية لا الوصاية، تكون قد وضعت قدمها بثبات على طريق الجمهورية الجديدة.
لقد آن الأوان أن نؤمن بأن الشباب ليسوا مستقبل الوطن فحسب، بل هم حاضره أيضا، فتح النوافذ أمامهم يعني أن نعترف بقدرتهم، وأن نمنحهم الثقة قبل الفرصة، وأن نضعهم في الصفوف الأولى ليحملوا المسؤولية بشجاعة، فالوطن لا يُبنى بالأوصياء بل بالمؤمنين برسالته ، من أراد لمصر أن تبقى قوية فعليه أن يؤمن بشبابها فالشعوب التي تغلق نوافذها خوفا من الهواء الجديد تختنق في عزلتها.