رئيس حزب الوفد ورئيس مجلس الإدارة
د.عبد السند يمامة
رئيس مجلس التحرير
سامي أبو العز
رئيسا التحرير
ياسر شورى - سامي الطراوي
رئيس حزب الوفد ورئيس مجلس الإدارة
د.عبد السند يمامة
رئيس مجلس التحرير
سامي أبو العز
رئيسا التحرير
ياسر شورى - سامي الطراوي

اكتشاف علمي يعيد رسم خريطة تاريخ الإنسان

تطور الإنسان
تطور الإنسان

تُعيد دراسة علمية حديثة كتابة أحد أكثر الفصول رسوخًا في تاريخ الإنسان ، بعد اكتشاف عظام متحجرة في تنزانيا تشير إلى أن “الإنسان الماهر”، الذي لطالما اعتُبر أول صانع أدوات ماهر، قد لا يكون في الواقع الرائد الحقيقي في هذا المجال. 

ويقود هذا الاكتشاف إلى إعادة النظر في مكانة هذا النوع داخل شجرة العائلة البشرية، وربما إلى ترجيح أن الإنسان هو من أطلق شرارة السلوك البشري المعقد قبل نحو مليوني عام.

اكتشاف في أولدوفاي يربك علماء الأنثروبولوجيا

بدأت القصة في مضيق أولدوفاي بتنزانيا، عندما عثر باحثون عام 2015 على عظمة يد تعود إلى 1.85 مليون سنة، في نفس المنطقة التي اكتُشفت فيها حفريات الإنسان الماهر الأصلية. غير أن الشكل التشريحي لتلك العظمة كشف عن خصائص تشبه الإنسان المنتصب أكثر من الإنسان الماهر، مما أثار تساؤلات حول هوية النوع الذي كان يقطن المنطقة آنذاك.

ويقول مانويل دومينغيز رودريجو، أستاذ الأنثروبولوجيا في جامعة رايس وقائد فريق البحث، إن “الاكتشافات الجديدة تدفعنا إلى الاعتقاد بأن الإنسان المنتصب ربما كان أقدم وأكثر تطورًا مما كنا نظن، وأنه هو من أسس السلوكيات المنظمة التي رُصدت في المواقع الأثرية القديمة”.

الذكاء الاصطناعي يحسم الجدل حول من كان المفترس ومن كان الفريسة

استعان العلماء بتقنيات الذكاء الاصطناعي والرؤية الحاسوبية لتحليل آثار الأسنان على حفريات الإنسان الماهر، بهدف معرفة ما إذا كان هذا الكائن صيادًا أم فريسة. وبعد تدريب النظام على مئات الصور لآثار أسنان الحيوانات المفترسة المعروفة في أفريقيا، جاءت النتيجة قاطعة: العلامات تطابق تلك التي تتركها الفهود عند التهام فرائسها.

تُظهر هذه النتائج أن الإنسان الماهر لم يكن مفترسًا رئيسيًا كما افترض العلماء لعقود، بل على الأرجح كان عرضة لهجمات الحيوانات الضارية، وهو ما يضعف فرضية أنه أول من مارس الصيد المنظم أو استخدم الأدوات لتقطيع اللحوم.

الإنسان المنتصب في دائرة الضوء

تشير الدراسات الحديثة إلى أن الإنسان المنتصب، الذي امتاز بجسم أطول وأقوى وقدرة أكبر على الحركة على الأرض، هو من طور السلوكيات المرتبطة بالصيد وتقاسم الطعام وصناعة الأدوات الحجرية المتقدمة. وتوضح الأدلة أن هذا النوع عاش في نفس الفترة التي وُجد فيها الإنسان الماهر، مما يعني أن كليهما تعايشا وربما تنافسا في البيئات ذاتها.

إعادة تعريف الجذور البشرية

يؤكد رودريغو أن هذه النتائج “تقلب المفاهيم القديمة رأسًا على عقب”، مضيفًا أن “الإنسان الماهر لم يكن الصياد الذكي الذي رسمناه في خيالنا، بل ربما كان كائنًا صغير الحجم ما زال يعتمد جزئيًا على تسلق الأشجار والبحث عن الطعام بطرق بدائية”.

العلم يعيد صياغة الماضي

من خلال الدمج بين علم الأحافير والذكاء الاصطناعي، ينجح الباحثون اليوم في فك طلاسم تاريخ يمتد لملايين السنين. ومع تراكم الأدلة الجديدة، يبدو أن قصة الإنسان الأول أعقد بكثير من مجرد تسلسل بسيط من الأنواع، بل هي شبكة متشابكة من التطور والتعايش والانقراض، تقود في نهايتها إلى ظهور الإنسان العاقل، القصة التي ما زال العلم يكتب فصولها حتى اليوم.